نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 457 ] ( وإن وجد ركازا ) أي كنزا ( وجب فيه الخمس ) عندهم ، لما روينا . واسم الركاز يطلق على الكنز لمعنى الركز ، وهو الإثبات ، ثم إن كان على ضرب أهل الإسلام كالمكتوب عليه كلمة الشهادة فهو بمنزلة اللقطة وقد عرف حكمها في موضعه ، وإن كان على ضرب أهل الجاهلية كالمنقوش عليه الصنم ففيه الخمس على كل حال لما بينا ، ثم إن وجده في أرض مباحة فأربعة أخماسه للواجد ; لأنه تم الإحراز منه ، إذ لا علم به للغانمين فيختص هو به ، وإن وجده في أرض مملوكة فكذا الحكم عند أبي يوسف رحمه الله ، لأن الاستحقاق بتمام الحيازة ، وهي منه ، وعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله: هو للمختط له ، وهو الذي ملكه الإمام هذه البقعة أول الفتح ; لأنه سبقت يده إليه وهي يد الخصوص فيملك بها ما في الباطن ، وإن كانت على الظاهر كمن اصطاد سمكة في بطنها درة ملك الدرة ، ثم بالبيع لم تخرج عن ملكه ; لأنه مودع فيها ، بخلاف المعدن ; لأنه من أجزائها فينتقل إلى المشتري ، وإن لم يعرف المختط له يصرف إلى أقصى مالك يعرف في الإسلام على ما قالوا ، ولو اشتبه الضرب يجعل جاهليا في ظاهر المذهب ; لأنه الأصل ، وقيل : يجعل إسلاميا في زماننا لتقادم العهد .


قوله : وإن وجد ركازا أي كنزا وجب فيه الخمس لما روينا ، قلت : يشير إلى [ ص: 458 ] الحديث المذكور : { وفي الركاز الخمس }. وفي الباب أحاديث : فأخرج الحاكم في " المستدرك في آخر البيوع " عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كنز وجده رجل فقال : إن كنت وجدته في قرية مسكونة ، أو سبيل ميتاء ، فعرفه ، وإن كنت وجدته في خربة جاهلية ، أو في قرية غير مسكونة ، أو غير سبيل ميتاء ، ففيه ، وفي الركاز الخمس }. انتهى .

وسكت عنه ، إلا أنه قال : ولم أزل أطلب الحجة في سماع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو فلم أصل إليها إلى هذا الوقت . انتهى .

، ورواه الشافعي عن سفيان عن داود بن شابور ، ويعقوب بن عطاء عن عمرو به ، ومن طريق الشافعي رواه البيهقي ، ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام من طريق ابن إسحاق عن عمرو به ، ومن حديث محمد بن عجلان عن عمرو به .

{ حديث آخر } : قال الشيخ في " الإمام " : وروى الإمام أبو بكر بن المنذر ثنا محمد بن علي الصائغ ثنا سعيد بن منصور ثنا خالد بن عبد الله عن الشيباني عن الشعبي { أن رجلا وجد ركازا ، فأتى به عليا رضي الله عنه ، فأخذ منه الخمس ، وأعطى بقيته للذي وجده فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه }انتهى . وهو مرسل .

الآثار : روى ابن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي أن غلاما من العرب وجد ستوقة فيها عشرة آلاف ، فأتى بها عمر رضي الله عنه ، فأخذ منها خمسها ألفين ، وأعطاه ثمانية آلاف . آخر : أخرجه البيهقي عن علي بن حرب ثنا سفيان عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن [ ص: 459 ] رجل من قومه أن رجلا سقطت عليه جرة من دير بالكوفة فيها ورق ، فأتى بها عليا رضي الله عنه فقال : اقسمها أخماسا ، ثم قال : خذ منها أربعة ، ودع واحدا ، قال البيهقي : ورواه سعيد بن منصور عن سفيان عن عبد الله عن رجل من قومه يقال له : حممة ، قال : سقطت علي جرة . آخر : روى ابن المنذر حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان عن هذيل ، قال : جاء رجل إلى عبد الله ، فقال : إني وجدت كنزا فيه كذا وكذا من المال ، فقال عبد الله : لا أرى المسلمين بلغت أموالهم هذا ، أراه ركاز مال عادي ، فأد خمسه في بيت المال ، ولك ما بقي . انتهى .

وروي أيضا عن معتمر عن عمر الضبي ، قال : بينا قوم عندي بسابور يثيرون الأرض إذ أصابوا كنزا ، وعلينا محمد بن جابر الراسبي ، فكتب فيه إلى عدي ، فكتب عدي إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، فكتب عمر أن : خذوا منهم الخمس ، ودعوا سائره لهم ، فدفع إليهم المال ، وأخذ منهم الخمس . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية