نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 472 - 473 ] قال : ( وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر لا يحتسب فيه أجر العمال ونفقة البقر ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة ، فلا معنى لرفعها . قال ( تغلبي له أرض عشر فعليه العشر مضاعفا ) عرف ذلك بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم.

وعن محمد رحمه الله أن فيما اشتراه التغلبي من المسلم عشرا واحدا ; لأن الوظيفة عنده لا تتغير بتغير المالك ( فإن اشتراها منه ذمي فهي على حالها عندهم ) لجواز التضعيف عليه في الجملة كما إذا مر على العاشر ( وكذا إذا اشتراها منه مسلم ، أو أسلم التغلبي عند أبي حنيفة رحمه الله ) سواء كان التضعيف أصليا أو حادثا ; لأن التضعيف صار وظيفة لها فتنتقل إلى المسلم بما فيها كالخراج ( وقال أبو يوسف رحمه الله : يعود إلى عشر واحد ) لزوال الداعي إلى التضعيف ، قال في الكتاب : وهو قول محمد فيما صح عنه ، قال رضي الله عنه : اختلف النسخ في بيان قوله ، والأصح أنه مع أبي حنيفة في بقاء التضعيف ، إلا أن قوله لا يتأتى إلا في الأصلي ، لأن التضعيف الحادث لا يتحقق عنده ; لعدم تغير الوظيفة .


الحديث الثالث والثلاثون : روي أن النبي عليه السلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت [ ص: 474 ] المؤنة ، قلت : يشير إلى ما رواه البخاري في " صحيحه " من حديث الزهري عن سالم عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { فيما سقت السماء والعيون ، أو كان عثريا العشر ، وما سقي بالنضح نصف العشر } . انتهى . وأخرج مسلم عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا : { فما سقت الأنهار والغيم العشر ، وفيما سقي بالسانية نصف العشر . }انتهى .

وروى أبو داود حديث ابن عمر ، بلفظ : { فيما سقت السماء والأنهار والعيون ، أو كان بعلا ، العشر ، وفيما سقي بالسواني ، أو النضح نصف العشر }. انتهى .

وروى الترمذي من حديث عاصم بن عبد العزيز المديني ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن سليمان بن يسار ، وبسر بن سعيد عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فيما سقت السماء والعيون العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر }. انتهى .

قال الشيخ في " الإمام " وعاصم هذا أثنى عليه معن بن عيسى ، فيما ذكره ابن أبي حاتم ، وأما الحارث هذا ، فقال ابن معين : هو مشهور ، وقال أبو زرعة : لا بأس به ، وقال أبو حاتم : ليس بالقوي ، ويكتب حديثه . انتهى .

وأخرج ابن ماجه عن مسروق عن { معاذ بن جبل ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، وأمرني أن آخذ مما سقت السماء ، وما سقي بعلا العشر ، وما سقي بالدوالي نصف العشر }. انتهى . لأن ما خفت مؤنته وعمت منفعته كان أحمل للمواساة ، فأوجب فيه العشر ، توسعة على الفقراء ، وجعل فيما كثرت مؤنته نصف العشر ، رفقا بأهل الأموال .

التالي السابق


الخدمات العلمية