نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال ( ولا يدفع المزكي زكاته إلى أبيه وجده وإن علا ، ولا إلى ولده وولد ولده وإن سفل ) لأن منافع الأملاك بينهم متصلة ، فلا يتحقق التمليك على الكمال ( ولا إلى امرأته ) للاشتراك في المنافع عادة ( ولا تدفع المرأة إلى زوجها ) عند أبي حنيفة رحمه الله لما ذكرنا ، وقالا : تدفع إليه ، لقوله عليه الصلاة والسلام { لك أجران أجر الصدقة وأجر الصلة }قاله لامرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وقد سألته عن التصدق عليه ، قلنا : هو محمول على النافلة .


الحديث التاسع والثلاثون : { قال عليه السلام لامرأة ابن مسعود حين سألته عن [ ص: 486 ] التصدق عليه : لك أجران : أجر الصدقة وأجر الصلة } ، قلت : أخرجه الجماعة إلا أبا داود عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يا معاشر النساء تصدقن ، ولو من حليكن قالت : فرجعت إلى عبد الله ، فقلت : إنك رجل خفيف ذات اليد ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة ، فأته فاسأله ، فإن كان ذلك يجزئ عني ، وإلا صرفتها إلى غيركم ، قالت : فقال لي عبد الله : بل ائتيه أنت ، قالت : فانطلقت ، فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها ، قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقي عليه المهابة ، قالت : فخرج علينا بلال رضي الله عنه ، فقلنا له : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأتين بالباب تسألانك : أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما ، وعلى أيتام في حجورهما ، ولا تخبره من نحن ، قالت : فدخل بلال فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من هما ؟ قال : امرأة من الأنصار ، وزينب ، قال : أي الزيانب ؟ قال : امرأة عبد الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لهما أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة }انتهى .

ووهم الحاكم ، فرواه في آخر " المستدرك " ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه . انتهى .

قال ابن الجوزي في " التحقيق " : وقولهما : أتجزئ : يدل إلى زكاة الفرض لا التطوع ، لأن لفظ الإجزاء إنما يستعمل في الواجب . انتهى .

وضعف ابن القطان في " كتابه " الاستدلال بهذا الحديث على المقصود منه بثلاثة أوجه : أحدها : قال : إن فيه انقطاعا بين عمرو بن الحارث ، وزينب ، وبينهما ابن أخي زينب هكذا رواه أبو علي بن السكن في " سننه " عن أبي معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عمرو بن الحارث عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله عن زينب ، [ ص: 487 ] فذكره . قلت : الإسنادان عند النسائي في " عشرة النساء " ، وعند الترمذي في " الزكاة " .

الثاني : قال : إنه ليس في الحديث ما يدل على أن زينب سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أعني قوله : لهما أجران ، إلخ . ولا أخبرها بلال به ، لكن ظهر أن زينب سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر من رواية أبي سعيد ، رواه البزار في " مسنده " من حديث محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد ، قال : { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر ، فصلى ، ثم انصرف ، فوعظ الناس ، وأمرهم بالصدقة ، ثم مر على النساء ، فقال لهن : تصدقن ، فلما انصرف ، وصار إلى منزله جاءته زينب امرأة عبد الله ، فاستأذنت عليه ، فأذن لها ، فقالت : يا نبي الله إنك اليوم أمرتنا بالصدقة ، وعندي حلي لي ، فأردت أن أتصدق به ، فزعم ابن مسعود أنه هو وولده أحق من تصدق به عليهم ، فقال عليه السلام : صدق ابن مسعود ، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم }. انتهى .

الثالث : قال : إن هذا الحديث واقعة عين خاص بهاتين المرأتين ، فإن حكم لغيرهما بمثل ذلك فمن دليل آخر ، لا من نفس الخبر انتهى كلامه ملخصا .

التالي السابق


الخدمات العلمية