نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 487 ] ( ولا تدفع إلى بني هاشم ) لقوله عليه الصلاة والسلام { يا بني هاشم إن الله تعالى حرم عليكم غسالة الناس وأوساخهم ، وعوضكم منها بخمس الخمس }بخلاف التطوع ; لأن المال هاهنا كالماء يتدنس بإسقاط الفرض ، أما التطوع فبمنزلة التبرد بالماء . [ ص: 488 ] قال ( وهم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب ومواليهم ) أما هؤلاء فإنهم ينسبون إلى هاشم بن عبد مناف ، ونسبة القبيلة إليه ، وأما مواليهم فلما روي { أن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سأله : أتحل لي الصدقة ؟ فقال : لا ، أنت مولانا }بخلاف ما إذا أعتق القرشي عبدا نصرانيا حيث تؤخذ منه الجزية ويعتبر حال المعتق ; لأنه القياس والإلحاق بالمولى بالنص ، وقد خص الصدقة .


الحديث الأربعون : قال عليه السلام : { يا بني هاشم إن الله تعالى قد حرم عليكم غسالة الناس ، وأوساخهم ، وعوضكم منها بخمس الخمس } ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، وروى مسلم في حديث طويل من رواية عبد المطلب بن ربيعة مرفوعا : { إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس ، وأنها لا تحل لمحمد ، ولا لآل محمد } ، الحديث .

وأوله عن [ ص: 488 ] عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ، قال : { اجتمع أبي ربيعة ، والعباس بن عبد المطلب ، فقالا : لو بعثنا هذين الغلامين ، قالا لي ، وللفضل بن العباس : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما على هذه الصدقات ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصابا مما يصيب الناس ، فقال علي : أرسلوهما ، فانطلقنا حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت جحش . فقلنا : يا رسول الله قد بلغنا النكاح ، وأنت أبر الناس ، وأوصل الناس ، وجئناك لتؤمرنا على هذه الصدقات ، فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ، ونصيب كما يصيبون ، قال : فسكت طويلا ، ثم قال : إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس ، ادعوا إلي محمية بن جزء رجل من بني أسد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمله على الأخماس ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب فأتياه ، فقال لمحمية : أنكح هذا الغلام ابنتك للفضل بن العباس فأنكحه وقال لنوفل بن الحارث : أنكح هذا الغلام ابنتك لي ، فأنكحني ، وقال لمحمية : أصدق عنهما من الخمس : كذا وكذا } ، مختصر ، تفرد به مسلم .

ورواه الطبراني في " معجمه " حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس ، فذكر هذه القصة مختصرة ، وفي آخره : فقال لهما عليه السلام { : إنه لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شيء ، إنما هي غسالة الأيدي ، وإن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم }. انتهى .

{ حديث آخر } : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع ثنا شريك عن خصيف عن مجاهد ، قال : { كان آل محمد صلى الله عليه وسلم لا تحل لهم الصدقة ، فجعل لهم خمس الخمس }انتهى .

ورواه الطبري في " تفسيره " حدثنا ابن وكيع به ، قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته لا يأكلون الصدقة ، فجعل لهم خمس الخمس }انتهى .

الحديث الحادي والأربعون : روي { أن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سأله ، أتحل لي [ ص: 489 ] الصدقة ؟ فقال : لا ، أنت مولانا } ، قلت : أخرجه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن ابن أبي رافع عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم { أن النبي عليه السلام بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة ، فقال لأبي رافع : اصحبني ، فإنك تصيب منها ، قال : حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله ، فأتاه فسأله ، فقال : مولى القوم من أنفسهم ، وإنا لا تحل لنا الصدقة }. انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح .

ورواه أحمد في " مسنده " ، والحاكم في " مستدركه " ، وقال : صحيح على شرط الشيخين انتهى . وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه : أسلم ، وابن أبي رافع اسمه : عبيد الله ، وهو كاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه انتهى .

بقية كلام الترمذي ، { ومولى القوم من أنفسهم }في " الصحيح " عن أنس رضي الله عنه ، وروى أحمد في " مسنده " حدثنا وكيع ثنا سفيان عن { عطاء بن السائب ، قال : أتيت أم كلثوم بنت علي بشيء من الصدقات ، فردته ، وقالت : حدثني مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : مهران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ، ومولى القوم منهم }. انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية