نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( ولو جامع ميتة [ ص: 13 ] أو بهيمة فلا كفارة أنزل أو لم ينزل ) خلافا للشافعي رحمه الله ، لأن الجناية تكاملها بقضاء الشهوة في محل مشتهى ، ولم يوجد ، ثم عندنا كما تجب الكفارة بالوقاع على الرجل تجب على المرأة ، وقال الشافعي رحمه الله في قول : لا تجب عليها لأنها متعلقة بالجماع وهو فعله ، وإنما هي محل الفعل ، وفي قول تجب ويتحمل الرجل عنها اعتبارا بماء الاغتسال . ولنا قوله صلى الله عليه وسلم { من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر }" وكلمة " من " تنتظم الذكور والإناث ، ولأن السبب جناية الإفساد ، لا نفس الوقاع ، وقد شاركته فيها ، ولا يتحمل لأنها عبادة أو عقوبة ولا يجري فيها التحمل .


الحديث الثالث عشر : قال عليه السلام : { من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر }" ، قلت : حديث غريب بهذا اللفظ ، والمصنف رحمه الله استدل به هنا على أن الكفارة تجب على المرأة كما تجب على الرجل يعني في الجماع لأن " من " تطلق [ ص: 13 ] على المذكر والمؤنث ، خلافا للشافعي رحمه الله في أحد قوليه ، وبمذهبنا قال أحمد ، والحديث لم أجده ، ولكن استدل ابن الجوزي في " التحقيق " لمذهبنا ، ومذهبه بما أخرجاه في " الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه { أن النبي عليه السلام أمر رجلا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا }انتهى . قال : ووجهه أنه علق التكفير بالإفطار ، وهو معنى صحيح حسن ، وأخرج الدارقطني في " سننه " عن يحيى الحماني ثنا هشام عن إسماعيل بن سالم عن مجاهد عن أبي هريرة { أن النبي عليه السلام أمر الذي أفطر يوما من رمضان بكفارة الظهار }انتهى .

قال : والمحفوظ عن هشيم عن إسماعيل عن مجاهد عن النبي مرسلا ، وروي أيضا عن الليث عن مجاهد عن أبي هريرة ، وليس بالقوي ، ثم استدل به المصنف فيما بعد على وجوب الكفارة بالفطر العمد ، أكلا ، أو شربا ، أو جماعا ، وقال الشافعي ، وأحمد : لا تجب إلا في الجماع ، واستدل لنا ابن الجوزي في " التحقيق " بحديث أخرجه الدارقطني عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة { أن رجلا أكل في رمضان ، فأمره النبي عليه السلام أن يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين ، أو يطعم ستين مسكينا }انتهى .

وأعله بأبي معشر ، وقال : قال ابن معين : ليس بشيء ، ومن أصحابنا من احتج بحديث أبي هريرة المتقدم ، وليس فيه حجة ، لأنهم يحملونه على الجماع ، قالوا : وقد جاء مبينا [ ص: 14 ] في رواية جماعة عن الزهري نحو العشرين رجلا ، ذكرهم البيهقي ، فقالوا فيه : إن رجلا وقع على امرأته في رمضان ، قال البيهقي : ورواية هؤلاء الجماعة عن الزهري مقيدة بالوطء أولى بالقبول لزيادة حفظهم ، وأدائهم الحديث على وجهه ، كيف وقد روى حماد بن مسعدة هذا الحديث عن مالك عن الزهري نحو رواية الجماعة ، ثم أسند عن حماد بن مسعدة عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في رجل وقع على أهله في رمضان : أعتق رقبة ، قال ما أجدها ، قال : فصم شهرين ، قال : ما أستطيع ، قال : فأطعم ستين مسكينا }" ، واستدل المصنف أيضا على أن الكفارة في هذا الباب ككفارة الظهار ، وفيما تقدم كفاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية