نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 39 ] ( ثم التسحر مستحب ) لقوله عليه الصلاة والسلام { تسحروا فإن في السحور بركة }"

( والمستحب تأخيره ) لقوله عليه الصلاة والسلام { ثلاث من أخلاق المرسلين : تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور ، والسواك }" ( إلا أنه إذا شك في الفجر ) ومعناه تساوي الظنين ( الأفضل أن يدع الأكل ) تحرزا عن المحرم ، ولا يجب عليه ذلك . [ ص: 40 ] ( ولو أكل فصومه تام ) لأن الأصل هو الليل . وعن أبي حنيفة رحمه الله : إذا كان في موضع لا يستبين الفجر أو كانت الليلة مقمرة أو متغيمة أو كان ببصره علة وهو يشك لا يأكل ، ولو أكل فقد أساء ، لقوله عليه الصلاة والسلام { دع ما يريبك إلى ما لا يريبك }" وإن كان أكبر رأيه أنه أكل والفجر طالع فعليه [ ص: 41 ] قضاؤه عملا بغالب الرأي ، وفيه الاحتياط ، وعلى ظاهر الرواية لا قضاء عليه ، لأن اليقين لا يزال إلا بمثله ( ولو ظهر أن الفجر طالع لا كفارة عليه ) لأنه بنى الأمر على الأصل ، فلا تتحقق العمدية .


الحديث الحادي والعشرون : قال عليه السلام : { تسحروا ، فإن في السحور بركة }" ، قلت : أخرجه الجماعة إلا أبا داود عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { تسحروا فإن في السحور بركة }" انتهى .

الحديث الثاني والعشرون : قال عليه السلام : { ثلاث من أخلاق المرسلين : تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور ، والسواك }" ، قلت : رواه الطبراني في " معجمه " ، فقال : حدثنا جعفر بن محمد بن حرب العباداني ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن علي بن أبي العالية عن مورق العجلي عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ثلاث من أخلاق المرسلين : تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور ، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة }" انتهى .

ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " موقوفا وذكر أن الدارقطني في " الأفراد " رواه من حديث حذيفة مرفوعا ، بنحو حديث أبي الدرداء .

[ ص: 40 ] ومن أحاديث الباب : ما أخرجاه في " الصحيحين " عن أنس عن { زيد بن ثابت ، قال : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة ، قلت : كم كان قدر ما بينهما ؟ قال : خمسين آية } ، انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه البخاري عن { سهل بن سعد ، قال : كنت أتسحر في أهلي ، ثم يكون سرعة بي أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم }انتهى .

حديث اختلاف المطالع : أخرج مسلم في " صحيحه " عن كريب مولى ابن عباس { أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بن أبي سفيان بالشام ، قال : فقدمت الشام فقضيت حاجتها ، واستهل علي رمضان وأنا بالشام ، فرأينا الهلال يعني ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر ، فسألني عبد الله بن عباس عن الهلال ، فقال : متى رأيتم الهلال ؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة ، فقال : أنت رأيته ؟ قلت : نعم ، رآه الناس ، وصاموا ، وصام معاوية ، فقال : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين ، أو نراه ، فقلت : ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم }انتهى . وهو حجة على المذهب ، لكن قال البيهقي رحمه الله في " المعرفة " : يحتمل أن يكون ابن عباس إنما قال ذلك لانفراد كريب بهذا الخبر ، وجعل طريقه طريق الشهادات ، فلم يقبل فيه قول الواحد ، ويحتمل أن يكون قوله : هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبارا بقوله عليه السلام : { فإن غم عليكم فأكملوا العدة }" ، ويكون ذلك قوله ، لا فتوى من جهته ، أخذا بهذا الخبر انتهى .

وأجاب صاحب " التنقيح " ، فقال " : إنما معناه أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده ، وبه نقول ، وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم الأول ، وليس هو في الحديث انتهى .

وهذا الجواب هو جواب الأول للبيهقي ، وهو بناء على مذهبهما في عدم قبول الواحد في هلال رمضان ، والله أعلم .

الحديث الثالث والعشرون : قال عليه السلام : { دع ما يريبك إلى ما لا يريبك }" ، [ ص: 41 ] قلت : أخرجه الترمذي في " كتاب الطب " ، والنسائي في " كتاب الأشربة " عن أبي الحوراء السعدي ، قال : قلت للحسن بن علي : ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : حفظت منه { دع ما يريبك إلى ما لا يريبك }" ، زاد الترمذي : { فإن الصدق طمأنينة ، والكذب ريبة }" انتهى .

قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث والعشرين ، من القسم الثاني منه ، والحاكم في " المستدرك في كتاب البيوع " ، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه انتهى .

{ حديث آخر } : رواه الطبراني في " معجمه الصغير " حدثنا أحمد بن محمد الشافعي ابن بنت الشافعي محمد بن إدريس ثنا عمي إبراهيم بن محمد الشافعي ثنا عبد الله بن رجاء المكي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي عليه السلام ، قال : { الحلال بين ، والحرام بين ، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك }" انتهى .

ورواه البيهقي في " كتاب الزهد " وهو مجلد وسط من حديث أبي حاتم الرازي ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ثنا عبد الله بن رجاء عن عبد الله بن عمر به ، وقال : تفرد به عبد الله بن رجاء ، ورواية أبي حاتم أصح من رواية من قال : عبيد الله انتهى كلامه .

التالي السابق


الخدمات العلمية