نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 103 ] قال : ( ولا يغطي وجهه ولا رأسه ) وقال الشافعي : يجوز للرجل تغطية الوجه لقوله عليه السلام { إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها }. [ ص: 104 ] ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { لا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة عليها }.

قاله في محرم توفي ولأن المرأة لا تغطي وجهها مع أن الكشف فتنة فالرجل بالطريق الأولى وفائدة ما روي الفرق في تغطية الرأس .


الحديث الثامن : قال عليه السلام : { إحرام الرجل في رأسه ، وإحرام المرأة في وجهها } ، قلت : أخرجه البيهقي في " سننه " ، وينظر ، وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال : { إحرام الرجل في رأسه ، وإحرام المرأة في وجهها } ، انتهى .

والمصنف احتج به هنا للشافعي ، أن المحرم له أن يغطي وجهه ، وأعاده قبيل القران ، أن المرأة تغطي رأسها .

أحاديث الباب : أخرج الدارقطني عن علي بن عاصم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس { عن النبي عليه السلام في المحرم يموت ، قال : خمروهم ، ولا تشبهوا باليهود }انتهى .

قال ابن القطان في " كتابه " : وعلته علي بن عاصم ، كان كثير الغلط ، وهو عندهم ضعيف ، قال : لكنه جاء بأعم من هذا اللفظ ، وأصح من هذه الطريق ، أخرجه الدارقطني عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي ثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خمروا وجوه موتاكم ، ولا تشبهوا باليهود } ، انتهى . وعبد الرحمن الأزدي صدوق ، قاله أبو حاتم ، وبقية الإسناد لا يسأل عنه انتهى كلامه . واستدل صاحب " التنقيح " لأحمد ، والشافعي بما رواه الشافعي من حديث إبراهيم بن حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقص : خمروا وجهه ، ولا تخمروا رأسه } ، قال : وإبراهيم هذا وثقه أحمد ، ويحيى ، وأبو حاتم . وأخرج الدارقطني في " العلل " عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان { أن النبي عليه السلام كان يخمر وجهه وهو محرم }انتهى .

قال : والصواب موقوف ، وروى مالك في " الموطأ " عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد ، قال : أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج يغطي [ ص: 104 ] وجهه ، وهو محرم ، ورواه الدارقطني ، ثم البيهقي من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه رأى عثمان رضي الله عنه بالعرج مخمرا وجهه بقطيفة أرجوان في ثوب صائف ، وهو محرم انتهى .

الحديث التاسع : { قال عليه السلام في محرم توفي : لا تخمروا رأسه ولا وجهه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا } ، قلت : أخرجه مسلم ، والنسائي ، وابن ماجه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { أن رجلا أوقصته راحلته وهو محرم ، فمات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبين ، ولا تمسوه طيبا ، ولا تخمروا رأسه ، ولا وجهه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا }انتهى . ورواه الباقون لم يذكروا فيه : الوجه ، قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتاب " علوم الحديث " : وذكر الوجه في هذا الحديث تصحيف من الرواة ، لإجماع الثقات الأثبات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته : ولا تغطوا رأسه ، وهو المحفوظ انتهى . والمرجع في ذلك إلى مسلم لا إلى الحاكم ، فإن الحاكم كثير الأوهام ، وأيضا فالتصحيف إنما يكون في الحروف المتشابهة ، وأي مشابهة بين الوجه والرأس في الحروف ؟ هذا على تقدير أن لا يذكر في الحديث غير الوجه ، فكيف وقد جمع بينهما أعني الرأس والوجه والروايتان عند مسلم ، ففي لفظ : اقتصر على الوجه ، فقال : ولا تخمروا وجهه ، وفي لفظ : جمع بين الوجه والرأس ، فقال : ولا تخمروا رأسه ولا وجهه ، وفي لفظ : اقتصر على الرأس ، وفي لفظ : قال : فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسلوه بماء وسدر ، وأن يكشفوا وجهه ، حسبته قال : ورأسه ، فإنه يبعث ، وهو يهل انتهى . ومثل هذا بعيد من التصحيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية