نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 111 - 113 ] قال : ( فإذا دخل مكة ابتدأ بالمسجد الحرام ) لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام لما دخل مكة دخل المسجد }ولأن المقصود زيارة البيت وهو فيه [ ص: 114 ] ولا يضره ليلا دخلها أو نهارا لأنه دخول بلدة فلا يختص بأحدهما ( وإذا عاين البيت كبر وهلل ) وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول إذا لقي البيت : باسم الله والله أكبر ، ومحمد رحمه الله لم يعين في الأصل لمشاهد الحج شيئا من الدعوات لأن التوقيت يذهب بالرقة وإن تبرك بالمنقول منها فحسن .

[ ص: 115 ] قال : ( ثم ابتدأ بالحجر الأسود فاستقبله وكبر وهلل ) لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل المسجد فابتدأ بالحجر فاستقبله وكبر وهلل }.


الحديث الثالث عشر : روي أنه عليه السلام لما دخل مكة ابتدأ بالمسجد ، قلت : أخرج البخاري ، ومسلم عن عائشة أن النبي عليه السلام أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت ، مختصر ، وأخرجا أيضا عن كعب بن مالك ، قال : { كان النبي عليه السلام إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين قبل أن يجلس ثم يجلس للناس }انتهى .

ورواه البخاري في " الجهاد " ، ومسلم في " الصلاة " ، وفي لفظ لمسلم : { كان لا يقدم من سفر إلا نهارا في الضحى ، فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ، ثم جلس فيه }انتهى .

وأخرج مسلم عن محمد بن جعفر عن أبيه عن جابر ، قال : { لما قدم النبي عليه السلام مكة دخل المسجد فاستلم الحجر ، ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا ، ثم أتى المقام ، فقال : { واتخذوا } }الحديث .

وروى أبو الوليد الأزرقي في " تاريخ مكة " حدثني أحمد بن محمد بن الوليد حدثني مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج ، قال : قال عطاء : { لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لم يلو على شيء ، ولم يعرج ، ولا بلغنا أنه دخل بيتا ، ولا لوى بشيء حتى دخل المسجد ، فبدأ بالبيت فطاف به } ، وهذا أجمع في حجته وعمرته كلها ، انتهى .

واستشهد شيخنا علاء الدين لهذا الحديث بما أخرجه عن ابن عمر { رأيت النبي عليه السلام حين يقدم مكة يستلم الركن الأسود }. هذا ، وليس فيه مقصود ، مع أن لفظ الحديث ليس كذلك ، وإنما لفظه : { رأيت النبي [ ص: 114 ] صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أشواط من السبع }انتهى .

أخرجاه عن الزهري عن سالم عن ابن عمر ، واستشهد هذا الجاهل بما في حديث جابر الطويل : { حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن } ، الحديث ، والآخر ليس فيه مقصود ، أو هو بعيد عن المقصود . قوله : روي عن ابن عمر أنه كان يقول إذا لقي البيت : بسم الله ، والله أكبر ، قلت : غريب ، والذي رواه البيهقي عنه أنه كان يقول ذلك عند استلام الحجر ، قال المصنف : ومحمد لم يعين في الأصل لمشاهد الحج شيئا من الدعوات ، لأن التوقيت يذهب بالرقة ، وإن تبرك بالمنقول منها فحسن ، قال الشيخ في " الإمام " : رأيت في " كتاب ابن المفلس " قال : وذكر هشيم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه أن عمر كان إذا نظر إلى البيت ، قال : اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، حينا ربنا بالسلام انتهى . قال : ورواه سعيد بن منصور حدثنا أبو الأحوص أنا يحيى بن سعيد عن ابن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه كان إذا دخل المسجد استقبل القبلة . وقال : اللهم أنت السلام ، إلى آخره ، فجعله من قول سعيد ، وروى البيهقي عن الحكم بسنده عن يحيى بن معين ثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن طريف عن حميد بن يعقوب سمع سعيد بن المسيب يقول : سمعت من عمر كلمة ، ما بقي أحد من الناس سمعها غيري ، سمعته يقول إذا رأى البيت : اللهم أنت السلام ومنك السلام ، فحينا ربنا بالسلام ، قال الشيخ : وهذا الحديث شاهد لسماع سعيد من عمر ، والله أعلم ، وروى الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج { أن النبي عليه السلام كان إذا رأى البيت رفع يديه ، وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما ، وتكريما ومهابة ، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه ، أو اعتمره تشريفا وتعظيما ، وتكريما وبرا }. وهذا معضل ، قال الشافعي : ولست أكره رفع اليدين عند رؤية البيت ، ولا أستحبه ، ولكنه عندي حسن انتهى .

وروى الواقدي في " كتاب المغازي " حدثني [ ص: 115 ] ابن أبي سبرة عن موسى بن سعد عن عكرمة عن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة نهارا من كدى ، فلما رأى البيت ، قال : اللهم زد هذا تشريفا وتعظيما ، وتكريما ومهابة . وزد من عظمه ممن حجه ، أو اعتمره تشريفا وتعظيما ، وتكريما ومهابة ، وبرا }. وحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سالم عن ابن عمر { أن النبي عليه السلام لما انتهى إلى الركن استلمه ، وهو مضطبع بردائه ، وقال : بسم الله والله أكبر ، إيمانا بالله ، وتصديقا بما جاء به محمد } ، وحدثني ابن جريج عن يحيى بن عبيد عن أبيه عن عبد الله بن السائب المخزومي أنه { سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والأسود : ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار }.

الحديث الرابع عشر : روي { أن النبي عليه السلام دخل المسجد وابتدأ بالحجر فاستقبله وكبر وهلل } ، قلت : أما ابتداؤه عليه السلام بالحجر فهو في حديث جابر الطويل : { حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن ، فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا } ، الحديث . وأخرج مسلم أيضا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر . قال : { لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة بدأ بالحجر فاستلمه ، ثم مضى على يمينه ، فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا }انتهى .

وأما التكبير والتهليل ، فلم أجد ، لكن التكبير عند البخاري في حديث البعير عن ابن عباس { أنه عليه السلام طاف على بعير ، كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر }انتهى .

وأخرجه عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس ، وجهل من عزاه لمسلم ، فإن حديث مسلم ليس فيه التكبير ، ولفظه : عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ، قال : { طاف النبي عليه السلام في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه }انتهى .

وأما التهليل ، فأخرج الإمام أحمد ، والبيهقي عن سعيد بن المسيب عن عمر أن { النبي عليه السلام قال له : يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر ، فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فاستلمه ، وإلا فاستقبله ، وكبر وهلل }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية