نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( فإن طاف طوافين لعمرته وحجته وسعى سعيين يجزيه ) ; لأنه أتى بما هو المستحق عليه ، وقد أساء بتأخير سعي العمرة وتقديم طواف التحية عليه ولا يلزمه شيء ; أما عندهما فظاهر ; لأن التقديم والتأخير في المناسك لا يوجب الدم عندهما وعنده طواف التحية سنة وتركه لا يوجب الدم فتقديمه أولى والسعي بتأخيره بالاشتغال بعمل آخر لا يوجب الدم فكذا بالاشتغال بالطواف


[ ص: 210 ] أحاديث الباب : أخرج النسائي في " سننه الكبرى في مسند علي " عن حماد بن عبد الرحمن الأنصاري عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية ، قال : طفت مع أبي وقد جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين ، وسعى لهما سعيين ، وحدثني أن عليا فعل ذلك ، وقد حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، انتهى .

قال صاحب " التنقيح " : وحماد هذا ضعفه الأزدي ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ; قال بعض الحفاظ : هو مجهول ، والحديث من أجله لا يصح انتهى .

{ حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد { عن ابن عمر أنه جمع بين حج وعمرة ، فطاف لهما طوافين وسعى سعيين ; وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صنعت }انتهى .

وأخرجه عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن { علي ، قال : رأيت النبي عليه السلام قرن ، وطاف طوافين ، وسعى سعيين }انتهى .

قال الدارقطني : لم يروهما غير الحسن بن عمارة ، وهو متروك ، ثم هو قد روى عن ابن عباس ضد هذا ، ثم أخرجه عن الحسن بن عمارة عن سلمة بن كهيل عن طاوس ، قال : سمعت { ابن عباس يقول : لا والله ما طاف لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طوافا واحدا ، فهاتوا هذا الذي يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف لهما طوافين }انتهى .

وبالسند الثاني رواه العقيلي في " كتاب الضعفاء " ، فقال : حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح السمرقندي ثنا يحيى بن حكيم المقوم ، قال : قلت لأبي داود الطيالسي : إن محمد بن الحسن صاحب الرأي حدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن علي ، قال : فذكره ، فقال أبو داود : من هذا ؟ كان شعبة يشق بطنه من الحسن بن عمارة ، وأطال العقيلي في تضعيف الحسن بن عمارة ; وأخرجه الدارقطني أيضا عن حفص بن أبي داود عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بنحوه ، قال : وحفص هذا ضعيف ، وابن أبي ليلى رديء الحفظ ، كثير الوهم ، انتهى .

وأخرجه أيضا عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا فطاف طوافين وسعى سعيين }انتهى . قال : وعيسى [ ص: 211 ] بن عبد الله يقال له : مبارك ، وهو متروك الحديث .

{ حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن أبي بردة عمرو بن يزيد عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، قال : { طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرته وحجته طوافين ، وسعى سعيين } ، وأبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وابن مسعود ; قال الدارقطني : وأبو بردة متروك ، ومن دونه في الإسناد ضعفاء ، انتهى .

حديث آخر : أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن يحيى الأزدي ثنا عبد الله بن داود عن شعبة عن حميد بن هلال عن مطرف عن عمران بن حصين { أن النبي عليه السلام طاف طوافين وسعى سعيين }انتهى .

قال الدارقطني : يقال : إن محمد بن يحيى حدث بهذا من حفظه ، فوهم في متنه ; والصواب بهذا الإسناد { أن النبي عليه السلام قرن الحج والعمرة } ، وليس فيه ذكر الطواف ولا السعي ، ويقال : إنه رجع عن ذكر الطواف والسعي ، وحدث به على الصواب ، كما حدثنا به محمد بن إبراهيم بن نيروز حدثنا محمد بن يحيى الأزدي به { أن النبي عليه السلام قرن }انتهى .

قال : وقد خالفه غيره ، فلم يذكر فيه الطواف ولا السعي ، كما حدثنا به أحمد بن عبد الله بن محمد الوكيل ، ومحمد بن مخلد ، قالا : حدثنا القاسم بن محمد بن عباد المهلبي ثنا عبد الله بن داود ثنا شعبة ، بهذا الإسناد { أن النبي عليه السلام قرن } ، انتهى .

الآثار : روى محمد بن الحسن الشيباني في " كتاب الآثار " أخبرنا أبو حنيفة حدثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي عن أبي نصر السلمي عن علي بن أبي طالب ، قال : إذا أهللت بالحج والعمرة ، فطف لهما طوافين ، واسع لهما سعيين بالصفا والمروة ، قال منصور : فلقيت مجاهدا ، وهو يفتي : بطواف واحد لمن قرن ، فحدثته بهذا الحديث ، فقال : لو كنت سمعته لم أفت إلا بطوافين ، وأما بعد ، فلا أفتي إلا بهما انتهى .

وأخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي أخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب ، قال في القارن : يطوف طوافين ، قال الشافعي : وهذا معناه أنه يطوف حين يقدم بالبيت ، وبالصفا والمروة ، ثم يطوف بالبيت للزيارة ، قال البيهقي : وأصح ما روي عن علي في ذلك من حديث مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي في حديث [ ص: 212 ] ذكره ، ثم يحرم لهما جميعا ، ويطوف لهما طوافين ، هكذا رواه سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن مالك بن الحارث ; وكذلك رواه الثوري ، وشعبة ، وبعضهم قال : عن منصور عن مالك بن الحارث ، ويشبه أن يكون المعنى فيه ما قال الشافعي ; ورواه عبد الرحمن بن أبي نصر بن عمرو عن أبيه ، قال : القارن يطوف طوافين ، قال البخاري : لا يصح ، وقال ابن المنذر : لا يثبت عن علي خلاف قول ابن عمر ، إنما رواه مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي ، وأبو نصر رجل مجهول ، مع أنه لو كان ثابتا كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى : { من أحرم بالحج والعمرة ، أجزأه عنهما طواف واحد ، وسعي واحد }انتهى .

وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن زياد بن مالك أن عليا ، وابن مسعود ، قالا في القارن : يطوف طوافين ويسعى سعيين انتهى . ثنا حفص بن غياث عن حجاج عن الحكم عن عمرو عن الحسن بن علي ، قال : إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين واسع سعيين ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية