صفحة جزء
السادس عشر‏ : إذا روى المحدث الحديث بإسناد ، ثم أتبعه بإسناد آخر ، وقال عند انتهائه " ‏مثله‏ " فأراد الراوي عنه أن يقتصر على الإسناد الثاني ، ويسوق لفظ الحديث المذكور عقيب الإسناد الأول‏ ، فالأظهر المنع من ذلك‏ . ‏

وروينا عن ‏أبي بكر الخطيب الحافظ‏ رحمه الله قال‏ : " كان شعبة لا يجيز ذلك‏ " . ‏

وقال بعض أهل العلم‏ : يجوز ذلك ، إذا عرف أن المحدث ضابط متحفظ يذهب إلى تمييز الألفاظ وعد الحروف ، فإن لم يعرف ذلك منه لم يجز ذلك‏ ، وكان غير واحد من أهل العلم إذا روى مثل هذا يورد الإسناد ، ويقول : ( ‏مثل حديث قبله متنه كذا وكذا‏ ) ، ثم يسوقه‏ . ‏ وكذلك إذا كان المحدث قد قال : ( نحوه‏ ) . ‏ قال‏ : ( وهذا هو الذي أختاره‏ ) . ‏

[ ص: 231 ] أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي البغداذي شيخ الشيوخ بها ، بقراءتي عليه بها ، قال أنا والدي رحمه الله‏ ، قال : أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني ، ‏قال : أنا أبو القاسم بن حبابة‏ ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي‏ ، قال : ثنا عمرو بن محمد الناقد‏ ، قال : قال ثنا وكيع ، قال‏ : قال شعبة‏ : " ‏فلان عن فلان مثله‏ " " لا يجزئ‏ " . ‏ قال وكيع‏ : وقال سفيان الثوري‏ : " يجزئ‏ " . ‏

وأما إذا قال : ( ‏نحوه‏ ) ، فهو في ذلك عند بعضهم كما إذا قال : ( ‏مثله‏ ) ‏‏ . ‏

ونبئنا بإسناد عن وكيع قال‏ : قال سفيان‏ : إذا قال " نحوه‏ " ، فهو حديث‏ . ‏

وقال شعبة ( ‏نحوه‏ ) شك‏ . ‏

وعن يحيى بن معين أنه أجاز ما قدمنا ذكره في قوله " ‏مثله‏ " ولم يجزه في قوله : " نحوه‏ " ‏‏ . ‏

قال ‏الخطيب‏‏‏ : وهذا القول على مذهب من لم يجز الرواية على المعنى‏ . ‏ فأما على مذهب من أجازها فلا فرق بين " ‏مثله‏ " ، و‏ " ‏نحوه‏ " . ‏

قلت‏ : هذا له تعلق بما رويناه عن مسعود بن علي السجزي‏ أنه سمع الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول‏ : " إن مما يلزم الحديثي من [ ص: 232 ] الضبط والإتقان أن يفرق بين أن يقول : " ‏مثله‏ " ، أو يقول : " ‏نحوه‏ " ، فلا يحل له أن يقول : " ‏مثله‏ " إلا بعد أن يعلم أنهما على لفظ واحد ، ويحل أن يقول : " ‏نحوه‏ " إذا كان على مثل معانيه ، والله أعلم‏‏‏ .

التالي السابق


الخدمات العلمية