النوع الحادي والستون : معرفة  
الثقات والضعفاء من رواة الحديث  
هذا من أجل نوع وأفخمه ، فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه ، ولأهل المعرفة بالحديث فيه تصانيف كثيرة :  
منها ما أفرد في الضعفاء : ككتاب الضعفاء  
للبخاري  ، والضعفاء  
للنسائي  ، والضعفاء  
للعقيلي  وغيرها .    
[ ص: 388 ] ومنها في الثقات فحسب : ككتاب الثقات  
 nindex.php?page=showalam&ids=13053لأبي حاتم بن حبان   .   
ومنها ما جمع فيه بين الثقات والضعفاء كتاريخ  
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  ، وتاريخ  
ابن أبي خيثمة  وما أغزر فوائده ، وكتاب الجرح والتعديل  
 nindex.php?page=showalam&ids=16328لابن أبي حاتم الرازي   .   
روينا عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=16216صالح بن محمد الحافظ جزرة  قال : أول من تكلم في الرجال  
 nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة بن الحجاج  ، ثم تبعه  
 nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان  ، ثم بعده  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين     . وهؤلاء .    
[ ص: 389 ] قلت : وهؤلاء يعني أنه أول من تصدى لذلك وعني به ، وإلا فالكلام فيه جرحا وتعديلا متقدم ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم عن كثير من  
الصحابة   والتابعين فمن بعدهم ، وجوز ذلك صونا للشريعة ، ونفيا للخطأ والكذب عنها .   
وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة ، ورويت عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=13122أبي بكر بن خلاد  قال : قلت  
ليحيى بن سعيد   : أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة ؟ فقال : لأن يكونوا خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لي : " لم لم تذب الكذب عن حديثي ؟ " .   
وروينا - أو بلغنا - أن  
 nindex.php?page=showalam&ids=15390أبا تراب النخشبي  الزاهد سمع من  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل  شيئا من ذلك ، فقال له : " يا شيخ ! لا تغتب العلماء ، فقال له : ويحك ! هذا نصيحة ليس هذا غيبة " .   
ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله - تبارك وتعالى - ويتثبت ويتوقى التساهل ، كيلا يجرح سليما ويسم بريئا بسمة سوء يبقى عليه الدهر عارها ، وأحسب  
 nindex.php?page=showalam&ids=16328أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم     - وقد      
[ ص: 390 ] قيل إنه كان يعد من الأبدال - من مثل ما ذكره خاف ، فيما رويناه أو بلغنا أن  
 nindex.php?page=showalam&ids=17402يوسف بن الحسين الرازي  وهو الصوفي دخل عليه وهو يقرأ كتابه في الجرح والتعديل ، فقال له : كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة وأنت تذكرهم وتغتابهم ؟ فبكى  
عبد الرحمن   .   
وبلغنا أيضا أنه حدث وهو يقرأ كتابه ذلك على الناس عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين  أنه قال : " إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مائتي سنة " فبكى  
عبد الرحمن  ، وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده .   
قال المؤلف : وقد أخطأ فيه غير واحد على غير واحد ، فجرحوهم بما لا صحة له .   
من ذلك : جرح  
 nindex.php?page=showalam&ids=15397أبي عبد الرحمن النسائي  لأحمد بن صالح  ، وهو إمام حافظ ثقة ، لا يعلق به جرح ، أخرج عنه  
البخاري  في صحيحه ، وقد كان من  
أحمد  إلى  
النسائي  جفاء أفسد قلبه عليه .   
وروينا عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=14251أبي يعلى الخليلي الحافظ  قال : اتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل ، ولا يقدح كلام أمثاله فيه .    
[ ص: 391 ] قلت :  
النسائي  إمام حجة في الجرح والتعديل ، وإذا نسب مثله إلى مثل هذا كان وجهه أن عين السخط تبدي مساوئ لها في الباطن مخارج صحيحة تعمى عنها بحجاب السخط ، لا أن ذلك يقع من مثله تعمدا لقدح يعلم بطلانه ، فاعلم هذا فإنه من النكت النفيسة المهمة .   
وقد مضى الكلام في أحكام الجرح والتعديل في النوع الثالث والعشرين ، والله أعلم .