صفحة جزء
[ ص: 400 ] النوع الرابع والستون : معرفة الموالي من الرواة والعلماء

وأهم ذلك معرفة الموالي المنسوبين إلى القبائل بوصف الإطلاق ، فإن الظاهر في المنسوب إلى قبيلة - كما إذا قيل‏ : " فلان القرشي " أنه منهم صليبة ، فإذا بيان من قيل فيه " ‏قرشي‏ " من أجل كونه مولى لهم مهم‏ . ‏

واعلم أن فيهم من يقال فيه : " مولى فلان " أو " ‏لبني فلان " ‏والمراد به مولى العتاقة ، وهذا هو الأغلب في ذلك‏ . ‏

ومنهم من أطلق عليه لفظ " ‏المولى‏ " والمراد بها ولاء الإسلام‏ ، ومنهم ‏أبو عبد الله البخاري‏ : فهو ‏محمد بن إسماعيل الجعفي‏ مولاهم ، نسب إلى ولاء ‏الجعفيين‏ لأن جده - وأظنه الذي يقال له الأحنف - أسلم - وكان مجوسيا - على يد ‏اليمان بن أخنس الجعفي‏ جد ‏عبد الله بن محمد المسندي الجعفي‏ أحد شيوخ ‏البخاري‏ ‏‏ . ‏

وكذلك ‏الحسن بن عيسى الماسرجسي‏ مولى ‏عبد الله بن المبارك‏ : إنما ولاؤه من حيث كونه أسلم - وكان نصرانيا - على يديه‏ . ‏

ومنهم من هو مولى بولاء الحلف والموالاة : ‏كمالك بن أنس الإمام [ ص: 401 ] ونفره : هم أصبحيون حميريون صليبة ، وهم موال لتيم قريش بالحلف‏ ، وقيل‏ : لأن جده ‏مالك بن أبي عامر كان عسيفا على ‏طلحة بن عبيد الله التيمي‏ أي أجيرا ، وطلحة يختلف بالتجارة فقيل‏ : " مولى التيميين " لكونه مع ‏طلحة بن عبيد الله التيمي‏ ‏‏ . ‏

وهذا قسم رابع في ذلك : وهو نحو ما أسلفناه في مقسم أنه قيل فيه : " مولى ابن عباس " للزومه إياه‏ . ‏

وهذه أمثلة للمنسوبين إلى القبائل من مواليهم‏ :

‏أبو البختري الطائي سعيد بن فيروز التابعي‏ ، هو مولى طيئ . ‏

‏أبو العالية رفيع الرياحي التميمي التابعي‏ : كان مولى امرأة من بني رياح‏ . ‏

‏عبد الرحمن بن هرمز الأعرج الهاشمي‏ أبو داود الراوي عن أبي هريرة وابن بحينة وغيرهما : هو مولى بني هاشم‏ . ‏

‏الليث بن سعد المصري الفهمي‏ مولاهم‏ . ‏

‏عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي‏ مولاهم‏ . ‏

عبد الله بن وهب المصري القرشي مولاهم‏ . ‏

‏عبد الله بن صالح المصري‏ كاتب ‏الليث الجهني‏ مولاهم‏ . ‏

[ ص: 402 ] وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي الراوي عن ‏أبي هريرة‏ و‏ابن عمر ، كان مولى لمولى هاشم ، لأنه مولى ‏شقران‏ مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم‏ . ‏ ( والله أعلم ) .

روينا عن ‏الزهري قال : " قدمت على ‏عبد الملك بن مروان‏ فقال‏ : من أين قدمت يا زهري ؟ قلت‏ : من مكة‏ . ‏ قال : فمن خلفت بها يسود أهلها ؟ قلت‏ : ‏عطاء بن أبي رباح‏ ‏‏ . ‏ قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت‏ : من الموالي‏ . ‏ قال : وبم سادهم ؟ قلت‏ : بالديانة والرواية‏ . ‏ قال : إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا‏ . ‏

قال : فمن يسود أهل اليمن ؟ قال : قلت‏ : ‏طاوس بن كيسان‏ ‏‏ . ‏ قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت‏ : من الموالي‏ . ‏ قال : وبم سادهم ؟ قلت‏ : بما سادهم به عطاء . ‏ قال : إنه لينبغي‏ . ‏

قال : فمن يسود أهل مصر ؟ قال : قلت‏ : ‏يزيد بن أبي [ ص: 403 ] حبيب‏ ‏‏ . ‏ قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت‏ : من الموالي‏ . ‏

قال : فمن يسود أهل الشام ؟ قال : قلت‏ : مكحول‏ . ‏ قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت‏ : من الموالي ، عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل‏ . ‏

قال : فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قلت‏ : ‏ميمون بن مهران ‏‏ . ‏ قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت‏ : من الموالي‏ . ‏

قال : فمن يسود أهل خراسان ؟ قال : قلت‏ : ‏الضحاك بن مزاحم ‏‏ . ‏ قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت‏ : من الموالي‏ . ‏

قال : فمن يسود أهل البصرة ؟ قال : قلت‏ : ‏الحسن بن أبي الحسن ‏‏ . ‏ قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت‏ : من الموالي‏ . ‏

قال : ويلك ! فمن يسود أهل الكوفة ؟ قال : قلت‏ : ‏إبراهيم النخعي ‏‏ . ‏ قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت‏ : من العرب‏ . ‏

قال : ويلك يا زهري ! فرجت عني ، والله لتسودن الموالي على العرب ، حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها‏ . ‏ قال : قلت‏ : يا [ ص: 404 ] أمير المؤمنين ؟ إنما هو أمر الله ودينه ، من حفظه ساد ، ومن ضيعه سقط‏ " . ‏

وفيما نرويه عن ‏عبد الرحمن بن زيد بن أسلم‏ قال : " لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي إلا المدينة ، فإن الله خصها بقرشي ، فكان فقيه أهل المدينة ‏سعيد بن المسيب غير مدافع‏ " . ‏

قلت‏ : وفي هذا بعض الميل ، فقد كان حينئذ من العرب غير ‏ابن المسيب‏ فقهاء أئمة مشاهير ، منهم ‏الشعبي والنخعي‏ ، وجميع الفقهاء السبعة الذين منهم ‏ابن المسيب‏ عرب إلا ‏سليمان بن يسار‏ ، والله أعلم‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية