صفحة جزء
[ ص: 47 ] النوع الثامن : معرفة المقطوع

وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى . ويقال في جمعه : المقاطع والمقاطيع .

وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم .

قال الخطيب أبو بكر الحافظ في جامعه : " من الحديث : المقطوع " . وقال : " المقاطع هي الموقوفات على التابعين " .

[ والله أعلم ] .

قلت : وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام الإمام الشافعي ، وأبي القاسم الطبراني ، وغيرهما ، والله أعلم .

تفريعات :

أحدها : قول الصحابي : " كنا نفعل كذا ، أو كنا نقول كذا " إن [ ص: 48 ] لم يضفه إلى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من قبيل الموقوف ، وإن أضافه إلى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالذي قطع به أبو عبد الله بن البيع الحافظ وغيره من أهل الحديث وغيرهم أن ذلك من قبيل المرفوع .

وبلغني عن أبي بكر البرقاني : أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي الإمام عن ذلك ، فأنكر كونه من المرفوع .

والأول هو الذي عليه الاعتماد ، لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطلع على ذلك وقررهم عليه ، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة ، فإنها أنواع : منها أقواله صلى الله عليه وسلم ، ومنها أفعاله ، ومنها تقريره وسكوته عن الإنكار بعد اطلاعه .

ومن هذا القبيل قول الصحابي : " كنا لا نرى بأسا بكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ، أو كان يقال كذا وكذا على عهده ، أو كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته صلى الله عليه وسلم " .

فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند ، مخرج في كتب المسانيد .

وذكر الحاكم أبو عبد الله - فيما رويناه عن المغيرة بن شعبة قال : [ ص: 49 ] " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير " أن هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا - يعني مرفوعا - لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وليس بمسند ، بل هو موقوف .

وذكر الخطيب أيضا نحو ذلك في جامعه .

قلت : بل هو مرفوع كما سبق ذكره . وهو بأن يكون مرفوعا أحرى ، لكونه أحرى باطلاعه صلى الله عليه وسلم عليه . والحاكم معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع ، وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه . ثم تأولناه له على أنه أراد أنه ليس بمسند لفظا ، بل هو موقوف لفظا ، وكذلك سائر ما سبق موقوف لفظا ، وإنما جعلناه مرفوعا من حيث المعنى ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية