صفحة جزء
[ ص: 80 ] النوع الرابع عشر : معرفة المنكر من الحديث

بلغنا عن أبي بكر أحمد بن هارون البرديجي الحافظ : أنه الحديث الذي ينفرد به الرجل ، ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر ، فأطلق البرديجي ذلك ولم يفصل .

وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث ، والصواب فيه التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ .

وعند هذا نقول : المنكر ينقسم قسمين ، على ما ذكرناه في الشاذ ، فإنه بمعناه .

[ ص: 81 ] مثال الأول - وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات - : رواية مالك ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن عمر بن عثمان ، عن أسامة بن زيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " .

فخالف مالك غيره من الثقات في قوله : عمر بن عثمان ، بضم العين .

وذكر مسلم صاحب الصحيح في كتاب " التمييز " أن كل من رواه من أصحاب الزهري قال فيه : عمرو بن عثمان ، يعني ، بفتح العين .

وذكر أن مالكا كان يشير بيده إلى دار عمر بن عثمان ، كأنه علم أنهم يخالفونه ، وعمرو وعمر جميعا ولد عثمان ، غير أن هذا الحديث [ ص: 82 ] إنما هو عن عمرو - بفتح العين - وحكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه ، والله أعلم .

ومثال الثاني : وهو الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرده : ما رويناه من حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كلوا البلح بالتمر ، فإن الشيطان إذا رأى ذلك غاظه ، ويقول : عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق " . تفرد به أبو زكير ، وهو شيخ صالح ، أخرج عنه مسلم في كتابه ، غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية