صفحة جزء
[ ص: 145 ] الخامس‏ : اختلف أهل العلم في صحة سماع من ينسخ وقت القراءة ، فورد عن ‏الإمام إبراهيم الحربي‏ ، و‏أبي أحمد بن عدي الحافظ‏ ، والأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني الفقيه الأصولي ، وغيرهم نفي ذلك‏ . ‏

وروينا عن أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي‏ ، أحد أئمة الشافعيين بخراسان‏ أنه سئل عمن يكتب في السماع ؟ فقال‏ : يقول : " ‏حضرت‏ " ، ولا يقل : " ‏حدثنا ، ولا أخبرنا " ‏‏ . ‏

وورد عن ‏موسى بن هارون الحمال‏ تجويز ذلك‏ . ‏ وعن أبي حاتم الرازي‏ قال‏ : " كتبت عند عارم وهو يقرأ ، وكتبت عند عمرو بن مرزوق ، وهو يقرأ‏ " . ‏ وعن عبد الله بن المبارك‏ : أنه قرئ عليه ، وهو ينسخ شيئا آخر غير ما يقرأ‏ . ‏

ولا فرق بين النسخ من السامع ، والنسخ من المسمع‏ . ‏

قلت‏ : وخير من هذا الإطلاق التفصيل‏ . ‏ فنقول‏ : لا يصح السماع إذا كان النسخ بحيث يمتنع معه فهم الناسخ لما يقرأ ، حتى يكون الواصل إلى سمعه كأنه صوت غفل‏ . ‏

ويصح إذا كان بحيث لا يمتنع معه الفهم‏ . ‏

كمثل ما رويناه عن ‏الحافظ العالم أبي الحسن الدارقطني ) ‏‏ : أنه حضر [ ص: 146 ] في حداثته مجلس إسماعيل الصفار ، فجلس ينسخ جزءا كان معه ، وإسماعيل يملي ، فقال له بعض الحاضرين‏ : لا يصح سماعك ، وأنت تنسخ‏ ، فقال‏ : فهمي للإملاء خلاف فهمك‏ ، ثم قال‏ : تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن ؟ فقال‏ : لا ، فقال الدارقطني : أملى ثمانية عشر حديثا ، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال‏ . ‏ ثم قال أبو الحسن : الحديث الأول منها عن فلان ، عن فلان ، ومتنه كذا‏ . ‏ والحديث الثاني ، عن فلان ، عن فلان ، ومتنه كذا‏ ، ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ، ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها ، فتعجب الناس منه ، والله أعلم‏‏‏‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية