صفحة جزء
[ ص: 161 ] النوع السادس من أنواع الإجازة‏ : إجازة ما لم يسمعه المجيز ، ولم يتحمله أصلا بعد ، ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز بعد ذلك‏ . ‏

أخبرني من أخبر عن ‏القاضي عياض بن موسى‏ من فضلاء وقته بالمغرب ، قال‏ : " هذا لم أر من تكلم عليه من المشايخ ، ورأيت بعض المتأخرين والعصريين يصنعونه " ، ثم حكى عن أبي الوليد يونس بن مغيث قاضي قرطبة‏ أنه سئل الإجازة لجميع ما رواه إلى تاريخها ، وما يرويه بعد ، فامتنع من ذلك ، فغضب السائل‏ ، فقال له بعض أصحابه‏ : يا هذا ، يعطيك ما لم يأخذه ؟ هذا محال ! قال ‏عياض‏ : " وهذا هو الصحيح‏ " . ‏

قلت‏ : ينبغي أن يبنى هذا على أن الإجازة في حكم الإخبار بالمجاز جملة ، أو‏ هي إذن ، فإن جعلت في حكم الإخبار لم تصح هذه الإجازة ، إذ كيف يخبر بما لا خبر عنده منه‏ . ‏ وإن جعلت إذنا انبنى هذا على الخلاف في تصحيح الإذن في باب الوكالة فيما لم يملكه الآذن الموكل بعد ، مثل أن يوكل في بيع العبد الذي يريد أن يشتريه‏ . ‏ وقد أجاز ذلك بعض ‏أصحاب الشافعي‏ .

والصحيح بطلان هذه الإجازة‏ ، وعلى هذا يتعين على من يريد أن يروي بالإجازة عن شيخ أجاز له جميع مسموعاته مثلا‏ أن [ ص: 162 ] يبحث حتى يعلم أن ذاك الذي يريد روايته عنه مما سمعه قبل تاريخ هذه الإجازة‏ . ‏

وأما إذا قال‏ : أجزت لك ما صح ويصح عندك من مسموعاتي " ، فهذا ليس من هذا القبيل‏ ، وقد فعله ‏الدارقطني ، وغيره‏ ، وجائز أن يروي بذلك عنه ما صح عنده بعد الإجازة أنه سمعه قبل الإجازة‏ ، ويجوز ذلك ، وإن اقتصر على قوله : " ‏ما صح عندك‏ " ، ولم يقل : " ‏وما يصح‏ " ، لأن المراد‏ " أجزت لك أن تروي عني ما صح عندك‏ " ، فالمعتبر إذا فيه صحة ذلك عنده حالة الرواية‏ ، والله أعلم‏‏‏‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية