صفحة جزء
[ ص: 131 ] فإذا حملوه على سريره أخذوا بقوائمه الأربع وأسرعوا به دون الخبب ، فإذا وصلوا إلى قبره كره لهم أن يقعدوا قبل أن يوضع على الأرض ، والمشي خلفها أفضل ، ويحفر القبر ويلحد ، ويدخل الميت من جهة القبلة ويقول واضعه : بسم الله ، وعلى ملة رسول الله ، ويوجهه إلى القبلة على شقه الأيمن ، ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد ، ولا يسجى قبر الرجل ويسوى اللبن على اللحد ، ثم يهال التراب عليها ، ويسنم القبر ، ويكره بناؤه بالجص والآجر والخشب ، ويكره أن يدفن اثنان في قبر واحد إلا لضرورة ، ويجعل بينهما تراب ، ويكره وطء القبر والجلوس والنوم عليه والصلاة عنده ، وإذا مات للمسلم قريب كافر غسله غسل الثوب النجس ، ويلفه في ثوب ويلقيه في حفيرة ، وإن شاء دفعه إلى أهل دينه .


فصل

( فإذا حملوه على سريره أخذوا بقوائمه الأربع ) لقول ابن مسعود : من السنة أن تحمل الجنازة من جوانبها الأربع ، وفيه تعظيم الميت وصيانته عن السقوط وتخفيف عن الحاملين . قال : ( وأسرعوا به دون الخبب ) لما روي عن ابن مسعود قال : " سألنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن سير الجنازة فقال : دون الخبب ، الجنازة متبوعة وليست بتابعة ليس معها من تقدمها " .

قال : ( فإذا وصلوا إلى قبره كره لهم أن يقعدوا قبل أن يوضع على الأرض ) لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم حتى يسوى عليه التراب ولأنها متبوعة ، ولأنه ربما احتيج إليهم حتى لو علموا استغناءهم عنهم فلا بأس بذلك .

( والمشي خلفها أفضل ) لما روينا ولأنه أبلغ في الاتعاظ ، والأحسن في زماننا المشي أمامها لما يتبعها من النساء .

[ ص: 132 ] قال : ( ويحفر القبر ويلحد ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( اللحد لنا والشق لغيرنا ) ولأنه صنيع اليهود والسنة مخالفتهم .

قال : ( ويدخل الميت من جهة القبلة ويقول واضعه : بسم الله ، وعلى ملة رسول الله ، ويوجهه إلى القبلة على شقه الأيمن ) لما روى زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب أنه قال : " مات رجل من بني المطلب ، فشهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : " يا علي ، استقبل به القبلة استقبالا وقولوا جميعا : بسم الله ، وعلى ملة رسول الله ، وضعوه لجنبه ولا تكبوه لوجهه ولا تلقوه ) وذو الرحم أولى بوضع المرأة في قبرها ، فإن لم يكن فالأجانب ، ولا يدخل القبر امرأة .

قال : ( ويسجى قبر المرأة بثوب حتى يجعل اللبن على اللحد ) ولا يسجى قبر الرجل لأن مبنى أمرهن على الستر حتى استحسنوا التابوت للنساء . ( ويسوى اللبن على اللحد ) كذا فعل بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - .

( ثم يهال التراب عليه ) وهو المأثور المتوارث .

( ويسنم القبر ) مرتفعا قدر أربع أصابع أو شبر ؛ لما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس أنه رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مسنما ، ولا يسطح لأن التسطيح صنيع أهل الكتاب .

( ويكره بناؤه بالجص والآجر والخشب ) لأنها للبقاء والزينة ، والقبر ليس محلا لها .

قال : ( ويكره أن يدفن اثنان في قبر واحد إلا لضرورة ويجعل بينهما تراب ) ليصير كقبرين .

[ ص: 133 ] ( ويكره وطء القبر والجلوس والنوم عليه والصلاة عنده ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - نهى عن ذلك ، وفيه إهانة به .

قال : ( وإذا مات للمسلم قريب كافر غسله غسل الثوب النجس ، ويلفه في ثوب ويلقيه في حفيرة ) لأنه مأمور بصلته وهذا منه ، ولئلا يتركه طعمة للسباع ، ولا يصلي عليه لأنها شفاعة له وليس من أهلها .

( وإن شاء دفعه إلى أهل دينه ) ليفعلوا به ما يفعلون بموتاهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية