صفحة جزء
[ ص: 147 ] فصل

[ نصاب الخيل ]

من كان له خيل سائمة ذكور وإناث ، أو إناث ، فإن شاء أعطى عن كل فرس ( سم ) دينارا ، وإن شاء قومها وأعطى عن كل مائتي درهم ( سم ) خمسة دراهم . ولا زكاة في البغال والحمير ، ولا في العوامل والعلوفة ، ولا في الفصلان والحملان والعجاجيل ( ز س ) إلا أن يكون معها كبار ، ولا في السائمة المشتركة إلا أن يبلغ نصيب كل شريك نصابا ومن وجب عليه سن فلم يوجد عنده أخذ منه أعلى منه ورد الفضل ، أو أدنى منه وأخذ الفضل .


فصل

( من كان له خيل سائمة ذكور وإناث ، أو إناث ، فإن شاء أعطى عن كل فرس دينارا ، وإن شاء قومها وأعطى عن كل مائتي درهم خمسة دراهم ) وقال أبو يوسف ومحمد : لا زكاة في الخيل لرواية أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة " ولأبي حنيفة - رحمه الله - قوله تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة ) وهذا من جملة الأموال . وقال - عليه الصلاة [ ص: 148 ] والسلام - : ( في كل فرس سائمة دينار أو عشرة دراهم ، وليس في الرابطة شيء " رواه جابر .

وكتب عمر إلى أبي عبيدة : أن خذ من كل فرس دينارا أو عشرة دراهم . وقياسا على سائر السوائم . وما رواه أبو هريرة ، قال زيد بن ثابت : إنما أراد به فرس الغازي . وعن أبي حنيفة - رحمه الله - : لا شيء في الإناث الخلص لعدم النماء والتوالد ، والصحيح الوجوب لقدرته عليه باستعارة الفحل ; وعنه في الذكور روايتان ، الأصح أنه لا يجب لأنه لا نماء بالولادة ولا بالسمن ؛ لأن عنده لا يؤكل لحمها ; ووجه رواية الوجوب أن زكاة السوائم لا تختلف بالذكورة والأنوثة كالإبل والبقر ; والفرق أن النماء يحصل فيهما بزيادة اللحم وهو مقصود ، بخلاف الخيل لما مر . قال : ( ولا زكاة في البغال والحمير ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - سئل عنها ، فقال : " لم ينزل علي فيها إلا الآية الجامعة ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) " .

قال : ( ولا في العوامل والعلوفة ) لما تقدم من اشتراط السوم . وقال - عليه الصلاة والسلام - : " ليس في البقر العوامل صدقة " رواه ابن عباس ، ولأن النماء منعدم فيها ؛ لأن المئونة تتضاعف بالعلف فينعدم النماء معنى ، والسبب المال النامي .

قال : ( ولا في الفصلان والحملان والعجاجيل ) وقال أبو يوسف : فيها واحدة منها . وقال زفر : فيها ما في الكبار ؛ لأن قوله - عليه الصلاة والسلام - : " في خمس من الإبل شاة " وقوله : " في أربعين شاة شاة " اسم جنس يتناول الكبار والصغار . ولأبي يوسف : أن في إيجار المسنة إجحافا بالمالك ، وفي عدم الوجوب أصلا إضرارا بالفقراء ، فيجب واحدة منها كالمهازيل . ولهما حديث سويد بن غفلة أنه قال : أتانا مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول : " في عهدي أن لا آخذ من راضع اللبن شيئا " ولأن النصب لا تنصب إلا توقيفا أو اتفاقا وقد عدما في الصغار ، ولأن الشرع أوجب [ ص: 149 ] أسنانا مرتبة في نصب مرتبة ، ولا مدخل للقياس في ذلك ، وليس في الصغار تلك الأسنان .

قال : ( إلا أن يكون معها كبار ) ولو كانت واحدة لأنها تستتبع الصغار لما تقدم من قول عمر - رضي الله عنه - عد عليهم السخلة ، ولو جاء بها الراعي على يده . ثم عند أبي يوسف في أربعين حملا حمل ، وفي مائة وأحد وعشرين اثنان ، وفي مائتين وواحدة ثلاثة ، وفي أربعمائة أربع ، ثم في كل مائة واحدة كالكبار . وفي كل ثلاثين عجلا عجل ، ففي الثلاثين واحد ، وفي الستين اثنان ، وفي تسعين ثلاثة ، وفي مائة وعشرين أربعة وهكذا أما الفصلان ; فعنه أنه لا يجب شيء إلى خمس وعشرين فتجب واحدة منها ، ثم لا يجب شيء حتى تبلغ عددا لو كانت كبارا يجب ثنتان وهو ستة وسبعون فيكون فيها فصيلان ، ثم لا يجب شيء حتى تبلغ عددا لو كانت كبارا يجب فيها ثلاثة وهي مائة وخمس وأربعون فيجب ثلاث فصلان وهكذا .

وعنه أيضا أنه يجب في الخمس الأقل من قيمة شاة ومن خمس فصيل ، وفي العشر الأقل من شاتين وخمس فصيل ، وعنه أيضا أنه يجب في الخمس خمس فصيل ، وفي العشر خمسا فصيل وهكذا ; وصورة المسألة لرجل له نصاب من السائمة مضى عليها بعض السنة فولدت ثم ماتت الأمهات فحال الحول على الأول ، فعندهما ينقطع حكم الحول والزكاة . وعند أبي يوسف وزفر لا ينقطع .

قال : ( ولا في السائمة المشتركة إلا أن يبلغ نصيب كل شريك نصابا ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا انتقص شياه الرجل من أربعين فلا شيء عليها " ولأنه إنما تجب باعتبار الغنى ولا غنى إلا بالملك ، فإنه لا يعد غنيا بملك شريكه ، ويستوي في ذلك شركة الأملاك والعقود ، فلو كان بينه وبين آخر خمس من الإبل أو أربعون شاة فلا شيء على واحد منهما ، ولو كان بينهما عشر من الإبل أو ثمانون شاة فعلى كل واحد منهما شاة ، ولو كانت بين صبي وبالغ فعلى البالغ شاة .

قال : ( ومن وجب عليه سن فلم يوجد عنده أخذ منه أعلى منه ورد الفضل أو أدنى منه وأخذ الفضل ) وهذا يبنى على جواز دفع القيمة ، ثم الخيار لصاحب المال هو الصحيح ، إن شاء أدى القيمة ، وإن شاء أدى الناقص وفضل القيمة أو الزائد وأخذ الفضل ، وليس للساعي أن يأبى شيئا من ذلك إذا أداه المالك ؛ لأن التيسير على أرباب الأموال مراعى .

التالي السابق


الخدمات العلمية