صفحة جزء
[ ص: 17 ] موجبات الغسل

ويوجبه غيبوبة الحشفة في قبل أو دبر على الفاعل والمفعول به ، وإنزال المني على وجه الدفق ( ف ) والشهوة ، وانقطاع الحيض والنفاس ، ومن استيقظ فوجد في ثيابه منيا أو مذيا ( س ) ، فعليه الغسل ، وغسل الجمعة والعيدين والإحرام سنة .


قال : ( ويوجبه غيبوبة الحشفة في قبل أو دبر على الفاعل والمفعول به ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : فعلته أنا ورسول الله فاغتسلنا " ، وكذا في الدبر ; لأنه محل مشتهى مقصود بالوطء كالقبل ، ولقول علي - رضي الله عنه - : توجبون فيه الحد ولا توجبون فيه صاعا من ماء ؟ . وفي الزيادات يجب على المفعول به احتياطا .

قال : ( وإنزال المني على وجه الدفق والشهوة ) لأنه يوجب الجنابة إجماعا ، فيجب الغسل بالنص : " وسألت أم سليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها أن زوجها يجامعها ، قال : عليها الغسل إذا وجدت الماء " ، ولو خرج لا على وجه الدفق والشهوة ، كما إذا ضرب على ظهره أو سقط من علو أو أصابه مرض يجب الوضوء دون الغسل كما في المذي فإنه من أجزاء المني ، لكن لما لم يخرج على وجه الدفق لم يجب الغسل ، ثم الشرط انفصاله عن موضعه عن شهوة لأن بذلك يعرف كونه منيا وهو الشرط ، وعند أبي يوسف خروجه عن العضو ؛ لأن حكمه إنما يثبت بعد الخروج فيعتبر وقتئذ .

قال : ( وانقطاع الحيض والنفاس ) أما الحيض فلقوله تعالى : ( حتى يطهرن ) بالتشديد ، منع من قربانهن حتى يغتسلن ، ولولا وجوبه لما منع . وأما النفاس فبالإجماع ، وكذا يجب على المستحاضة إذا كملت أيام حيضها ; لأنها في أحكام الحيض كالطاهرات .

قال : ( ومن استيقظ فوجد في ثيابه منيا أو مذيا فعليه الغسل ) أما المني فلقوله - عليه الصلاة [ ص: 18 ] والسلام - : " من ذكر حلما ولم ير بللا فلا غسل عليه ، ومن رأى بللا ولم يذكر حلما فعليه الغسل " . وأما المذي ففيه خلاف أبي يوسف ; لأن المذي لا يوجب الغسل كما في حالة اليقظة . ولنا أن الظاهر أنه مني قد رق فيجب الغسل احتياطا ، والمرأة إذا احتلمت ولم تر بللا إن استيقظت وهي على قفاها يجب الغسل لاحتمال خروجه ثم عوده ; لأن الظاهر في الاحتلام الخروج ، بخلاف الرجل فإنه لا يعود لضيق المحل ، وإن استيقظت وهي على جهة أخرى لا يجب .

قال : ( وغسل الجمعة والعيدين والإحرام سنة ) وقيل مستحب فإنه يوم ازدحام ، فيستحب لئلا يتأذى البعض برائحة البعض ، وأدنى ما يكفي من الماء في الغسل صاع وفي الوضوء مد ، والصاع ثمانية أرطال ، والمد رطلان ، لما روي : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد " . ثم اختلفوا هل المد من الصاع أم من غيره ؟ وهذا ليس بتقدير لازم حتى لو أسبغ الوضوء والغسل بدون ذلك جاز ، ولو اغتسل بأكثر منه جاز ما لم يسرف فهو المكروه .

التالي السابق


الخدمات العلمية