صفحة جزء
[ ص: 214 ] باب التمتع

وهو أفضل من الإفراد . وصفته : أن يحرم بعمرة في أشهر الحج ، ويطوف ويسعى ، ويحلق أو يقصر وقد حل ، ثم يحرم بالحج يوم التروية ، وقبله أفضل ، ويفعل كالمفرد ، ويرمل ويسعى ، وعليه دم التمتع ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة ، ولو صامها قبل ذلك وهو محرم جاز ، وسبعة إذا فرغ من أفعال الحج ، فإن لم يصم الثلاثة لم يجزه إلا الدم ( ف ) ، وإن شاء أن يسوق الهدي أحرم بالعمرة وساق وفعل ما ذكرنا وهو أفضل ، ولا يتحلل من عمرته ، ويحرم بالحج ، فإذا حلق يوم النحر حل من الإحرامين وذبح دم التمتع ، وليس لأهل مكة ومن كان داخل الميقات تمتع ولا قران ، وإن عاد المتمتع إلى أهله بعد العمرة ولم يكن ساق الهدي بطل تمتعه ، وإن ساق لم يبطل ( م ) .


[ ص: 214 ] باب التمتع

وهو الجمع بين أفعال العمرة والحج في أشهر الحج في سنة واحدة بإحرامين بتقديم أفعال العمرة من غير أن يلم بأهله إلماما صحيحا ، حتى لو أحرم قبل أشهر الحج وأتى بأفعال العمرة في أشهر الحج كان تمتعا ، ولو طاف طواف العمرة قبل أشهر الحج أو أكثره لم يكن متمتعا ، والإلمام الصحيح أن يعود إلى أهله بعد أفعال العمرة حلالا .

( وهو أفضل من الإفراد ) وعن أبي حنيفة أن الإفراد أفضل ؛ لأن المفرد يقع سفره للحج والمتمتع للعمرة ، وجه الظاهر أن سفر المتمتع يقع للحج أيضا ، وتخلل العمرة بينهما لا يمنع وقوعه للحج كتخلل التنفل بين السعي والجمعة ، ولأن المتمتع يجمع بين نسكين من غير أن يلم بأهله حلالا ، ويجب فيه الدم شكرا لله تعالى ، ولا كذلك المفرد .

( وصفته : أن يحرم بعمرة في أشهر الحج ، ويطوف ويسعى ) كما بينا .

( ويحلق أو يقصر ، وقد حل ) فهذه أفعال العمرة على ما بينا .

( ثم يحرم بالحج يوم التروية . وقبله أفضل ) يعني من الحرم لأنه في معنى المكي .

( ويفعل كالمفرد ) في طواف الزيارة .

( ويرمل ويسعى ) لأنه أول طواف أتى به .

( وعليه دم التمتع ) لقوله تعالى : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ) .

( فإن لم يجد صام ثلاثة أيام آخرها يوم عرفة ) لقوله تعالى : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ) والمراد وقت الحج .

( ولو صامها قبل ذلك وهو محرم جاز ) لأنها في وقت الحج .

قال : ( وسبعة إذا فرغ من أفعال الحج ) يعني بعد أيام التشريق ؛ لأنه المراد من قوله تعالى :

( إذا رجعتم ) لأنه سبب للرجوع إلى الأهل . وقيل : المراد إذا رجعتم من أفعال الحج فقد صام بعد السبب فيجوز . ولو قدر على الهدي قبل صوم الثلاثة أو بعده قبل يوم النحر لزمه الهدي وبطل صومه ؛ لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل وهو التحلل ، وإن قدر عليه بعد الحلق قبل صوم السبعة لا هدي عليه لحصول المقصود بالبدل .

[ ص: 215 ] قال : ( فإن لم يصم الثلاثة لم يجزه إلا الدم ) كذا روي عن عمر وابنه وابن عباس - رضي الله عنهم - . ولا تقضى لأنها بدل ولا بدل للبدل ، ولأن الأبدال لا تنصب قياسا ، ولا يجوز صومها أيام النحر لأنها وجبت كاملة ، فلا تتأدى بالناقص ، وإذا لم يصم الثلاثة لم يصم السبعة ؛ لأن العشر وجبت بدلا عن التحلل ، وقد فات بفوات البعض فيجب الهدي ، فإن لم يقدر على الهدي تحلل وعليه دمان : دم التمتع ، ودم لتحلله قبل الهدي .

قال : ( وإن شاء أن يسوق الهدي أحرم بالعمرة وساق وفعل ما ذكرنا وهو أفضل ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - فعل كذلك ، ولما فيه من المسارعة وزيادة المشقة ، فإن ساق بدنة قلدها بمزادة أو نعل ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - قلد هداياه ، والإشعار مكروه عند أبي حنيفة حسن عندهما . وصفته : أن يشق سنامها من الجانب الأيمن ، لهما ما روي أنه - عليه الصلاة والسلام - فعل كذلك ، وكذا روي عن الصحابة . ولأبي حنيفة أنه مثلة فيكون منسوخا لتأخير المحرم ; وقيل إنما كره أبو حنيفة الإشعار إذا جاوز الحد في الجرح ، وفعله - عليه الصلاة والسلام - كان لأن المشركين كانوا لا يمتنعون عن التعرض له إلا بالإشعار ، أما اليوم فلا .

قال : ( ولا يتحلل من عمرته ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " من لم يسق الهدي فليحل وليجعلها عمرة ، ومن ساق فلا يحل حتى ينحر معنا " روته حفصة - رضي الله عنها - .

قال : ( ويحرم بالحج ) كما تقدم .

( فإذا حلق يوم النحر حل من الإحرامين ) لأنه محلل فيتحلل به عنهما .

( وذبح دم التمتع ) لما مر .

[ ص: 216 ] ( وليس لأهل مكة ومن كان داخل الميقات تمتع ولا قران ) لقوله تعالى : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ولو خرج المكي إلى الكوفة وقرن صح ولا يكون له تمتع ؛ لأنه إذا تحلل من العمرة صار مكيا ، فيكون حجه من وطنه .

قال : ( وإن عاد المتمتع إلى أهله بعد العمرة ولم يكن ساق الهدي بطل تمتعه ) لأنه ألم بأهله إلماما صحيحا فانقطع حكم السفر الأول .

( وإن ساق لم يبطل ) وقال محمد : يبطل أيضا لأنه أتى بالحج والعمرة في سفرتين حقيقة ، ولهما أنه لم يصح إلمامه لبقاء إحرامه ، فكان حكم السفر الأول باقيا ، وصار كأنه بمكة فقد أتى بهما في سفر واحد حكما .

التالي السابق


الخدمات العلمية