صفحة جزء
[ ص: 254 ] باب الخيارات

خيار الشرط جائز للمتبايعين ولأحدهما ثلاثة أيام فما دونها ، ولا يجوز أكثر من ذلك ( سم ) ، ومن له الخيار لا يفسخ إلا بحضرة صاحبه ( س ) ، وله أن يجيز بحضرته وغيبته .


باب الخيارات

( خيار الشرط جائز للمتبايعين ، ولأحدهما ثلاثة أيام فما دونها ) والأصل فيه قوله - عليه [ ص: 255 ] الصلاة والسلام - لحبان بن منقد وكان يخدع في البياعات : ( إذا ابتعت فقل لا خلابة ، ولي الخيار ثلاثة أيام " ( ولا يجوز أكثر من ذلك ) وهو قول زفر ، وقالا : يجوز إذا ذكر مدة معلومة ، لأن الخيار شرع نظرا للمتعاقدين للاحتراز عن الغبن والظلامة ، وقد لا يحصل ذلك في الثلاث فيكون مفوضا إلى رأيه ، ومذهبهما منقول عن ابن عمر . ولأبي حنيفة أن الأصل ينفي جواز الشرط لما فيه من نفي ثبوت الملك الذي هو موجب العقد فلا يصح كسائر موجبات العقد ، وكذلك النص ينفيه ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - لعتاب بن أسيد حين بعثه إلى مكة : " انههم عن بيع وشرط ، وبيع وسلف " . وروي أنه - عليه الصلاة والسلام - نهى عن بيع وشرط ، إلا أنا عدلنا عن هذه الأصول وقلنا بجوازه ثلاثة أيام لما روينا من حديث حبان ، والحاجة إلى دفع الغبن تندفع بالثلاث فبقي ما وراءه على الأصل والحاجة للبائع والمشتري فثبت في حقهما; ولو شرط الخيار أكثر من ثلاثة أيام أو لم يبين وقتا ، أو ذكر وقتا مجهولا فأجاز في الثلاث أو أسقطه ، أو سقط بموته أو بموت العبد ، أو أعتقه المشتري ، أو أحدث فيه ما يوجب لزوم العقد ينقلب جائزا خلافا لزفر لأنه انعقد فاسدا فلا ينقلب جائزا . ولأبي حنيفة أن المفسد لم يتصل بالعقد ، لأن الفساد باليوم الرابع ، حتى إن العقد إنما يفسد بمضي جزء من اليوم الرابع فيكون العقد صحيحا قبله ، ولأنها مدة ملحقة بالعقد مانعة من انبرامه فجاز أن ينبرم بإسقاطه كالخيار الصحيح ، وشرط خيار الأبد باطل بالإجماع .

قال : ( ومن له الخيار لا يفسخ إلا بحضرة صاحبه ) أي بعلمه .

( وله أن يجيز بحضرته وغيبته ) وقال أبو يوسف : يفسخ بغيبته أيضا ، لأن الخيار أثبت له حق الإجازة والفسخ ، فكما تجوز الإجازة مع غيبته فكذا الفسخ . ولهما أنه فسخ عقد فلا يصح من أحدهما كالإقالة ، بخلاف الإجازة لأنها إبقاء حق الآخر فلا يحتاج إلى علمه ، والفسخ إسقاط حقه فاحتاج إليه ، فإذا فسخ بغيبته فعلم به في المدة تم الفسخ ، وإن لم يعلم حتى مضت المدة تم العقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية