صفحة جزء
[ ص: 324 ] ويصح رهن الدراهم والدنانير ، فإن رهنت بجنسها فهلكت سقط مثلها من الدين ، وكذلك كل مكيل وموزون ، وإن اختلفا في الجودة والرداءة; ويصح برأس مال السلم وبدل الصرف ، فإن هلك قبل الافتراق تم الصرف والسلم وصار مستوفيا ، وإن افترقا والرهن قائم بطلا; ويصح بالدين الموعود ، فإن هلك هلك بما سمى ومن اشترى شيئا على أن يرهن بالثمن شيئا بعينه فامتنع لم يجبر ، والبائع إن شاء ترك الرهن ، وإن شاء رد البيع ، إلا أن يعطيه الثمن حالا ، أو يعطيه رهنا مثل الأول ، وإن رهن عبدين بدين فقضى حصة أحدهما فليس له أخذه حتى يقضي باقي الدين ، وإن رهن عينا عند رجلين جاز ، والمضمون على كل واحد منهما حصة دينه ، فإن أوفى أحدهما فجميعها رهن عند الآخر ، وللمرتهن مطالبة الراهن وحبسه بدينه وإن كان الرهن في يده ، وليس على المرتهن أن يمكنه من بيعه لقضاء الدين .


فصل

( ويصح رهن الدراهم والدنانير ) لتحقق الاستيفاء منها فكانت محلا للرهن .

( فإن رهنت بجنسها فهلكت سقط مثلها من الدين ) لأن الاستيفاء حصل ، ولا فائدة في تضمينه بالمثل لأنه مثلي ثم يدفعه إليه قضاء .

( وكذلك كل مكيل وموزون ، وإن اختلفا في الجودة والرداءة ) لأن الشرع أسقط اعتبار الجودة عند المقابلة بالجنس على ما مر في البيوع .

قال : ( ويصح برأس مال السلم وبدل الصرف ) لتحقق الاستيفاء والمجانسة ثابتة في المالية فلا يكون استبدالا .

[ ص: 325 ] ( فإن هلك قبل الافتراق تم الصرف والسلم وصار مستوفيا ) لتحقق القبض حكما .

( وإن افترقا والرهن قائم بطلا ) لوجود الافتراق لا عن قبض وأنه شرط فيهما على ما عرف .

قال : ( ويصح بالدين الموعود ، فإن هلك هلك بما سمى ) لأنه مقبوض على جهة الرهن ، فيكون كالمقبوض على سوم الشراء . وصورته أن يرهنه شيئا على أن يقرضه درهما فيهلك قبل القرض فعليه أن يعطيه درهما ، ولو قال على أن يقرضه شيئا ولم يسم فهلك أعطاه ما شاء والبيان إليه ، لأن بالهلاك صار مستوفيا شيئا فيصير كأنه قال عند الهلاك : وجب لفلان علي شيء ، ولو قال بدراهم يلزمه ثلاثة لأنها أقل الجمع .

وعن أبي يوسف لو قال أقرضني وخذ هذا الرهن ، ولم يسم فأخذه ، وضاع ولم يقرضه قال : عليه قيمة الرهن .

قال : ( ومن اشترى شيئا على أن يرهن بالثمن شيئا بعينه فامتنع لم يجبر ) لما بينا أنه عقد تبرع .

( والبائع إن شاء ترك الرهن ، وإن شاء رد البيع ) لأنه وصف مرغوب فيه ، وقد فاته فيتخير .

قال : ( إلا أن يعطيه الثمن حالا ) لحصول المقصود .

( أو يعطيه رهنا مثل الأول ) لحصول المعنى ، وهو الاستيثاق بمثله في القيمة ، والقياس أن لا يجوز هذا البيع لأنه صفقة في صفقة ، وهو منهي عنه ، ولأنه شرط لا يقتضيه العقد ، وفيه نفع لأحدهما ، وأنه يفسد البيع لما مر ، ووجه الاستحسان أنه شرط يلائم العقد ، لأن الرهن للاستيثاق ، وهو ملائم للوجوب فلا يفسده .

قال : ( وإن رهن عبدين بدين فقضى حصة أحدهما فليس له أخذه حتى يقضي باقي الدين ) لأنه ثبت له حق الحبس في الكل للاستيثاق بالدين ، وبكل جزء منه ليكون أدعى إلى قضاء الدين ، فصار كالمبيع في يد البائع ، وكذلك إن سمى لكل واحد منهما شيئا من الدين في رواية الأصل . وذكر في الزيادات : له قبضه إذا أدى ما سمى له ، وهو قول محمد لأنه محبوس بالقدر الذي [ ص: 326 ] سماه له ، ولهذا لو هلك هلك به . ووجه الأول أن الصفقة واحدة ، وإن عين لكل واحد منهما شيئا ، ولهذا لو قبل العقد في البعض دون البعض لا يجوز كما في البيع .

قال : ( وإن رهن عينا عند رجلين جاز ) لأنه أضاف الرهن إلى جميعها صفقة واحدة ، فيكون محتبسا بما رهنها به وهو مما لا يقبل التجزي فيكون محبوسا بكل واحد منهما ، فإن تهايآ فكل واحد منهما في حق صاحبه كالعدل .

قال : ( والمضمون على كل واحد منهما حصة دينه ) لأنه يصير مستوفيا حصته بالهلاك .

( فإن أوفى أحدهما فجميعها رهن عند الآخر ) لأن جميعها رهن عند كل واحد منهما من غير تفريق لما بينا وصار كحبس المبيع إذ أدى أحد المشتريين حصته .

قال : ( وللمرتهن مطالبة الراهن وحبسه بدينه وإن كان الرهن في يده ) لبقاء حقه في الدين ، والرهن للاستيثاق فلا يمنع المطالبة ، فإذا طالبه ومطله فقد ظلمه ، فيحبسه القاضي جزاء على الظلم .

( وليس على المرتهن أن يمكنه من بيعه لقضاء الدين ) لأن حقه ثابت في الحبس حتى يستوفي دينه فلا يجب عليه إبطاله بالبيع ، إلا أنه يؤمر بإحضاره لما بينا أن قبضه قبض استيفاء ، فلو قبض دينه مع ذلك يتكرر الاستيفاء على تقدير محتمل ، وهو الهلاك في يده ، وإذا أحضره قيل للراهن سلم الدين أولا ليتعين وهو نظير بيع السلعة بالثمن .

التالي السابق


الخدمات العلمية