صفحة جزء
[ ص: 25 ] فصل

[ حكم الأسآر ]

سؤر الآدمي والفرس وما يؤكل لحمه طاهر . والثاني مكروه وهو سؤر الهرة والدجاجة المخلاة ، وسواكن البيوت ، وسباع الطير . والثالث نجس وهو سؤر الخنزير والكلب وسباع البهائم ( ف ) . والرابع مشكوك فيه ، وهو سؤر البغل والحمار ( ف ) ، وعند عدم الماء يتوضأ ويتيمم .


فصل

( سؤر الآدمي والفرس وما يؤكل لحمه طاهر ) الأسآر أربعة : طاهر غير مكروه ، وهو سؤر الآدمي جنبا كان أو حائضا أو مشركا ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب وأعطى فضل سؤره أعرابيا عن يمينه فشرب ، ثم شرب أبو بكر سؤر الأعرابي ، وأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يصافح أبا هريرة فقال : إني جنب ، [ ص: 26 ] فقال - صلى الله عليه وسلم - : " المؤمن لا ينجس " ، وقال - عليه الصلاة والسلام - لعائشة - رضي الله عنها - : " ناوليني الخمرة قالت إني حائض ، قال : ليست حيضتك في يدك " إشارة إلى أن النجس موضع الحيض ، ولأن بدن الإنسان طاهر مسلما كان أو كافرا ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنزل وفد ثقيف في المسجد ، ولو كانت أبدانهم نجسة لم ينزلهم فيه تنزيها له وكذا سؤر ما يؤكل لحمه ; لأنه متولد من لحمه فيكون طاهرا كاللبن إلا الدجاجة المخلاة والإبل والبقر الجلالة فإنه مكروه لاحتمال بقاء النجاسة على منقارها وفمها ، وكذا سؤر الفرس ؛ لأن كراهة لحمه عند أبي حنيفة لاحترامه لا لنجاسته ، وعنه أنه مكروه كلحمه .

( والثاني ) طاهر ( مكروه وهو سؤر الهرة والدجاجة المخلاة ، وسواكن البيوت ) كالحية والعقرب والفأرة ; لأن نجاسة لحمها توجب نجاسته ، إلا أنه لما لم يمكن الاحتراز عنه لكونها من الطوافات علينا كما أشار إليه النص فقلنا بالطهارة مع الكراهة .

( و ) كذا سؤر . ( سباع الطير ) لأن الأصل طهارة المنقار إلا أنها تأكل الميتات فقلنا بالكراهة ، والماء المكروه إذا توضأ به مع وجود الماء المطلق كان مكروها ، وعند عدمه لا يكون مكروها .

( والثالث نجس ، وهو سؤر الخنزير والكلب وسباع البهائم ) أما الخنزير فلأنه نجس العين ولعابه يتولد من لحمه . وأما الكلب فلأن النبي - عليه الصلاة والسلام - أمر بغسل الإناء من ولوغه ثلاثا ، وفي رواية سبعا ، ولسانه يلاقي الماء دون الإناء فكان أولى بالنجاسة . وأما سباع [ ص: 27 ] البهائم فلأن فيه لعابها ، وأنه نجس لتولده من لحم نجس كاللبن بخلاف العرق فإن فيه ضرورة لعموم البلوى .

( والرابع مشكوك فيه وهو سؤر البغل والحمار ) لتعارض الأدلة ، فإن حرمة اللحم واللبن دليل النجاسة ، وطهارة العرق دليل الطهارة ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يركب الحمار معروريا في حر الحجاز ويصيب العرق ثوبه ، وكان يصلي في ذلك الثوب . ومعنى الشك التوقف فيه فلا ينجس الطاهر ولا يطهر النجس .

( وعند عدم الماء يتوضأ ويتيمم ) احتياطا للخروج عن العهدة ، وأيهما قدم جاز ; لأن المطهر منهما غير متيقن فلا فائدة في الترتيب . وقال زفر : يبدأ بالوضوء ليصير عادما للماء حقيقة ، وجوابه إن كان طهورا فالتيمم ضائع قبله أو بعده ، وإن كان غير طهور فالتيمم معتبر سواء كان قبله أو بعده ، ولا معنى لاشتراط الترتيب ، ثم قيل الشك في طهارته لتعارض الأدلة ، وعن محمد الشك في طهوريته لأنا لا نأمره بغسل الأعضاء إذا توضأ به بعد ما وجد الماء ، وعرق كل دابة مثل سؤرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية