صفحة جزء
[ ص: 78 ] كتاب الغصب

وهو أخذ مال متقوم محترم مملوك للغير بطريق التعدي ، ومن غصب شيئا فعليه رده في مكان غصبه ، فإن هلك وهو مثلي فعليه مثله ، وإن لم يكن مثليا فعليه قيمته يوم غصبه ، وإن نقص ضمن النقصان ، وإذا انقطع تجب قيمته يوم القضاء ( سم ) ، وإن ادعى الهلاك حبسه الحاكم مدة يعلم أنها لو كانت باقية أظهرها ثم يقضي عليه ببدلها ، والقول في القيمة قول الغاصب مع يمينه ، فإذا قضي عليه بالقيمة ملكه مستندا إلى وقت الغصب ، وتسلم له الأكساب ولا تسلم له الأولاد ، فإذا ظهرت العين وقيمتها أكثر وقد ضمنها بنكوله أو بالبينة ، أو بقول المالك سلمت للغاصب ، وإن ضمنها بيمينه فالمالك إن شاء أمضى الضمان ، وإن شاء أخذ العين ورد العوض ، ويضمن ما نقص العقار بفعله ولا يضمنه لو هلك ( م ) ، فإن نقص بالزراعة يضمن النقصان ، ويأخذ رأس ماله ويتصدق بالفضل ، وكذا المودع والمستعير إذا تصرفا وربحا تصدقا بالفضل ( س ) ، وإذا تغير المغصوب بفعل الغاصب حتى زال اسمه وأكثر منافعه ملكه وضمنه ، وذلك كذبح الشاة وطبخها أو شيها أو تقطيعها ، وطحن الحنطة أو زرعها ، وخبز الدقيق ، وجعل الحديد سيفا والصفر آنية ، والبناء على الساجة ، واللبن حائطا ، وعصر الزيتون والعنب وغزل القطن ونسج الغزل ، ولا ينتفع به حتى يؤدي بدله ( ز ) ، ولو غصب تبرا فضربه دراهم أو دنانير أو آنية لم يملكه ( سم ) ، ومن خرق ثوب غيره فأبطل عامة منفعته ضمنه ، ومن ذبح شاة غيره أو قطع يدها ، فإن شاء المالك ضمنه نقصانها وأخذها ، وإن شاء سلمها وضمنه قيمتها ، وفي غير مأكول اللحم يضمن قيمتها بقطع الطرف ، ومن بنى في أرض غيره أو غرس لزمه قلعهما وردها ، ومن غصب ثوبا فصبغه أحمر ، أو سويقا فلته بسمن ، فالمالك إن شاء أخذهما ورد زيادة الصبغ والسويق ، وإن شاء أخذ قيمة الثوب أبيض ، ومثل السويق وسلمهما .


[ ص: 78 ] كتاب الغصب

( وهو ) في اللغة : أخذ الشيء ظلما ، يقال : غصبته منه وغصبته عليه بمعنى ، قال - تعالى - : ( يأخذ كل سفينة غصبا ) أي ظلما ، ويستعمل في كل شيء ، يقال : غصبت ولده وزوجته .

وفي الشرع : ( أخذ مال متقوم محترم مملوك للغير بطريق التعدي ) واشترط أبو حنيفة وأبو يوسف كون المغصوب قابلا للنقل والتحويل على وجه يتضمن تفويت يد المالك ، ولم يشترط ذلك محمد ، ويظهر في غصب العقار على ما نبينه - إن شاء الله تعالى - ، فلو استخدم مملوك غيره بغير أمره ، أو أرسله في حاجته ، أو ركب دابته أو حمل عليها أو ساقها فهلكت كان غاصبا ; لأنه أثبت اليد المبطلة المفوتة ، ولو جلس على بساط الغير أو هبت الريح بثوب إنسان فألقته في حجره لا يكون غاصبا ما لم ينقله أو يمسكه ، وهو تصرف منهي عنه حرام لكونه تصرفا في مال الغير بغير رضاه ، قال الله - تعالى - : ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) ; ولأن حرمة مال المسلم كحرمة دمه . قال - عليه الصلاة والسلام - : " كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله " وقال - عليه الصلاة والسلام - : " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه " ، وعلى حرمته بالإجماع وهو من المحرمات عقلا ; لأن الظلم حرام عقلا على ما عرف في الأصول .

[ ص: 79 ] والغصب على ضربين أحدهما لا يتعلق به إثم وهو ما وقع عن جهل كمن أتلف مال الغير وهو يظن أنه ملكه ، أو ملكه ممن هو في يده وتصرف فيه واستهلكه ثم ظهر أنه لغير ذلك فلا إثم عليه . قال - عليه الصلاة والسلام - : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " ، الحديث . معناه الإثم .

والثاني يتعلق به الإثم وهو ما يأخذه على وجه التعدي فإنه يأثم بأخذه وإمساكه .

قال : ( ومن غصب شيئا فعليه رده في مكان غصبه ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " على اليد ما أخذت حتى ترد " ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : " لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لا جادا ولا لاعبا ، فإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه " ; ولأنه يجب عليه رفع الظلم ، وذلك بما ذكرنا ويرده في مكان غصبه ; لأن القيمة تتفاوت بتفاوت الأماكن ، والأعدل ما ذكرنا .

قال : ( فإن هلك وهو مثلي فعليه مثله ) ، قال - تعالى - : ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ولأن المثل أعدل لوجود المالية والجنس ( وإن لم يكن مثليا ) كالحيوان والعددي المتفاوت والمذروع ( فعليه قيمته يوم غصبه ) ; لأن القيمة تقوم مقام العين من حيث المالية عند تعذر المماثلة دفعا للظلم وإيصالا للحق إلى مستحقه بقدر الإمكان ، وسواء عجز عن رده بفعله أو فعل غيره أو بآفة سماوية ; لأنه بالغصب صار متعديا ووجب عليه الرد وقد امتنع فيجب الضمان وتجب القيمة يوم الغصب ; لأنه السبب وبه يدخل في ضمانه ( وإن نقص ضمن النقصان ) اعتبارا للجزء بالكل .

( و ) أما المثلي ( إذا انقطع تجب قيمته يوم القضاء ) عند أبي حنيفة . وقال أبو يوسف : يوم الغصب . وقال محمد : يوم الانقطاع ; لأن الواجب المثل وينتقل إلى القيمة بالانقطاع فيعتبر [ ص: 80 ] يومئذ . ولأبي يوسف : أنه لما انقطع التحق بذوات القيم فتعتبر قيمته إذ هو السبب الموجب . ولأبي حنيفة : أن الانتقال بقضاء القاضي لا بالانقطاع حتى لو لم يتخاصما حتى عاد المثل وجب ، فإذا قضى القاضي تعتبر القيمة عنده بخلاف ذوات القيم ; لأنه مطالب بها من وقت وجود السبب وهو الغصب ، فتعتبر قيمته عند السبب .

قال : ( وإن ادعى الهلاك حبسه الحاكم مدة يعلم أنها لو كانت باقية أظهرها ثم يقضي عليه ببدلها ) ; لأن الظاهر بقاؤها وقد ادعى خلافه ، ونظيره إذا طولب بثمن المبيع فادعى الإفلاس وقد مر في الحجر ، فإذا حبس المدة المذكورة قضى عليه بالبدل لما مر .

قال : ( والقول في القيمة قول الغاصب مع يمينه ) لأنه ينكر الزيادة ، وإن أقام المالك البينة على الزيادة قضى بها ; لأنها حجة ملزمة .

قال : ( فإذا قضي عليه بالقيمة ملكه مستندا إلى وقت الغصب ) ; لأنه قابل للنقل من ملك إلى ملك ، وقد ملك المالك بدله فيملك الغاصب المبدل لئلا يجتمع البدل والمبدل في ملك واحد دفعا للضرر عنه ( وتسلم له الأكساب ) للتبعية ( ولا تسلم له الأولاد ) ; لأن تبعيتهم فوق تبعية الأكساب . ألا يرى أن ولد المدبر والمكاتب مدبر ومكاتب ، ولا تكون أكسابهما مدبرا ومكاتبا .

قال : ( فإذا ظهرت العين وقيمتها أكثر وقد ضمنها بنكوله أو بالبينة أو بقول المالك سلمت للغاصب ) ; لأنه ملكها برضى المالك حيث ادعى هذا القدر ( وإن ضمنها بيمينه فالمالك إن شاء أمضى الضمان وإن شاء أخذ العين ورد العوض ) ; لأنه ما رضي به وإنما أخذه لعجزه عن الوصول إلى كمال حقه كالمكره ، وكذا لو ظهر وقيمته مثل ما ضمن أو أقل ; لأنه لم يرض حيث لم يعطه ما ادعاه فيثبت له الخيار .

قال : ( ويضمن ما نقص العقار بفعله ولا يضمنه لو هلك ) وقال محمد : يضمن العقار [ ص: 81 ] بالغصب . وصورته : أن من سكن دار غيره أو زرع أرض غيره بغير إذنه ثم خربت الدار أو غرق العقار ، لمحمد : أنه تحققت اليد العادية ، ويلزم من ذلك زوال يد المالك لأن اجتماع اليدين في محل واحد في زمان واحد محال فتحقق الغصب ، ولأن كل حكم يتعلق بالنقل فيما ينقل يتعلق بالتخلية فيما لا ينقل كدخول المبيع في ضمان المشتري .

ولهما قوله - عليه الصلاة والسلام - : " من غصب شبرا من أرض طوقه الله - تعالى - من سبع أرضين " ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الجزاء في غصب العقار ولم يذكر الضمان ، ولو وجب لذكره ، ولأن هذا تصرف في المالك لأن العقار لم يزل عن مكانه الذي كانت يد المالك ثابتة عليه ، والتصرف في المالك لا يوجب الضمان كما لو منعه عن حفظ ماله حتى هلك ، ولأن ما لا يجب القطع بسرقته لا يتعلق به ضمان الغصب كالحر . وأما إذا هدم البناء وحفر الأرض فيضمن ; لأنه وجد منه النقل والتحويل وأنه إتلاف ، ويضمن بالإتلاف ما لا يضمن بالغصب كالحر ، وما انهدم بسكناه فقد تلف بفعله ; والعقار يضمن بالإتلاف وإن لم يضمن بالغصب ولأنه تصرف في العين .

( فإن نقص بالزراعة يضمن النقصان ) لما مر ( ويأخذ رأس ماله ويتصدق بالفضل ) معناه يأخذ من الزرع ما أخرج عليه من البذر وغيره ويتصدق بالفضل ( وكذا المودع والمستعير إذا تصرفا وربحا تصدقا بالفضل ) ، وقال أبو يوسف : يطيب له الفضل لأنه حصل في ضمانه لملكه الأصل ظاهرا ، فإن المضمونات تملك بأداء الضمان مستندا على ما تقدم ولهما أنه حصل بسبب خبيث وهو التصرف في ملك الغير ، والفرع يحصل على صفة الأصل ، والملك الخبيث سبيله التصدق به ، ولو صرفه في حاجة نفسه جاز ، ثم إن كان غنيا تصدق بمثله ، وإن كان فقيرا لا يتصدق ، ولو لقي المالك الغاصب في غير بلد الغصب فطالبه بالمغصوب فإن كان دراهم أو دنانير دفعها إليه ; لأنها ثمن في جميع البلاد ، وإن كانت عينا وهي قائمة في يده أمر بتسليمها إليه إن كانت قيمتها في الموضعين سواء ; لأنه لا ضرر فيه على المالك ، وإن كانت قيمته أقل من بلد الغصب فإن شاء أخذه ، وإن شاء طالبه بالقيمة ، وإن شاء صبر ليأخذه في بلده ; لأن نقصان السعر بنقله فيخير المالك ، بخلاف تغير السعر في بلد الغصب ; لأنه لا بصنعه بل بقلة الرغبات ، وإن لم يكن في يده وقيمته أقل فالمالك إن شاء أخذ مثله إن كان مثليا أو قيمته ببلد الغصب أو يصبر ليأخذ مثله في بلده ، وإن كانت قيمته هنا أكثر فالغاصب إن شاء أعطاه مثله أو قيمته ; لأنه هو [ ص: 82 ] الذي يتضرر بالدفع ، وإن كانت القيمة سواء فللمالك أن يطالب بالمثل لأنه لا ضرر على أحد ، ولو تعيب في يد الغاصب رده مع قيمة النقصان فيقوم صحيحا ويقوم وبه عيب فيضمن ذلك ، هذا في غير الربويات لأن للجودة قيمة فيها .

فأما الربويات إن شاء أخذه بعيبه وإن شاء ضمنه قيمته صحيحا من غير جنسه وتركه ; لأن الجودة لا قيمة لها عند المقابلة بالجنس على ما عرف ، وآنية الصفر والرصاص إن بيعت وزنا من الربويات وعددا لا . ولو غصب عنبا فصار زبيبا ، أو عصيرا فصار خلا ، أو رطبا فصار تمرا فالمالك إن شاء أخذ عينه ، وإن شاء ضمنه مثله ، ولو غصب عبدا أو جارية صغيرة فكبر أخذه ولا شيء للغاصب من النفقة . قال - عليه الصلاة والسلام - : " من وجد عين ماله فهو أحق به " ، ولو كان شابا فصار شيخا ، أو شابة فصارت عجوزا ضمن النقصان ، والشلل والعرج وذهاب السمع والبصر ونسيان الحرفة والقرآن والسرقة والإباق والجنون والزنا عيب يوجب النقصان إن حدثت عند الغاصب ضمنها .

قال : ( وإذا تغير المغصوب بفعل الغاصب حتى زال اسمه وأكثر منافعه ملكه وضمنه ، وذلك كذبح الشاة وطبخها أو شيها أو تقطيعها ، وطحن الحنطة أو زرعها ، وخبز الدقيق ، وجعل الحديد سيفا والصفر آنية والبناء على الساجة ، واللبن حائطا ، وعصر الزيتون والعنب ، وغزل القطن ونسج الغزل ) ، والوجه فيه أنه استهلكها من وجه لفوات معظم المقاصد وتبدل الاسم ، وحقه في الصنعة قائم من كل وجه فترجح على ما فات من وجه ; بخلاف ما إذا ذبح شاة وسلخها ; لأن الاسم باق ( ولا ينتفع به حتى يؤدي بدله ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - في الشاة المذبوحة المصلية بغير رضا صاحبها : " أطعموها الأسارى " فيه دليل على زوال ملك المالك وحرمة الانتفاع قبل الإرضاء ، ولأن إباحة الانتفاع قبل الإرضاء فتح باب الغصب ، ويجوز بيعه وهبته مع الحرمة كالبيع الفاسد ، فإذا أدى بدله أو أبرأه المالك جاز له الانتفاع به لأنه صار راضيا بالإبراء وأخذ البدل ، والقياس أن يجوز له الانتفاع قبل الأداء ، وهو قول زفر وهو رواية [ ص: 83 ] عن أبي حنيفة ; لأنه ثبت له الملك فيجوز له الانتفاع ولهذا جاز بيعه وهبته .

وعن أبي يوسف أنه يزول ملك المالك عنه لكنه يباع في دينه وبعد الموت هو أحق به من باقي الغرماء ، ووجه آخر في الساجة واللبن أن ضرر المالك صار منجبرا بالقيمة ، وضرر الغاصب بالهدم لا ينجبر فكان ما قلناه رعاية للجانبين فكان أولى ، ولو غصب خيطا فخاط به بطن عبده أو أمته أو لوحا فأدخله في سفينة انقطع ملك المالك إلى الضمان بالإجماع .

( ولو غصب تبرا فضربه دراهم أو دنانير أو آنية لم يملكه ) فيأخذها المالك ولا شيء للغاصب ، وقالا : يملكها الغاصب وعليه مثلها لما تقدم أنه استهلاك بصنعه من وجه لأن بالكسر فات بعض المقاصد ، ولأبي حنيفة أن العين باقية من كل وجه نظرا إلى بقاء الاسم والثمنية والوزن وجريان الربا فيه والصنع فيها غير متقومة لما بينا أنها لا قيمة لها عند المقابلة بالجنس . قال : ( ومن خرق ثوب غيره فأبطل عامة منفعته ضمنه ) ; لأنه استهلكه معنى كما إذا أحرقه ، فإذا ضمنه جميع القيمة ترك الثوب للغاصب لئلا يجتمع البدلان في ملك واحد وإن أمسك الثوب ضمنه النقصان لبقاء العين وبعض المنافع ، وإن كان خرقا قليلا يضمن نقصانه لما أنه لم يفوت شيئا بل عيبه . واختلفوا في العيب الفاحش ، قيل هو أن يوجب نقصان ربع القيمة فما زاد ، وقيل ما ينتقص به نصف القيمة ، والصحيح ما يفوت به بعض المنافع ، واليسير ما لا يفوت به شيء من المنفعة بل يدخله نقصان العيب .

قال : ( ومن ذبح شاة غيره أو قطع يدها ، فإن شاء المالك ضمنه نقصانها وأخذها ، وإن شاء سلمه وضمنه قيمتها ) ; لأنه إتلاف من وجه لتفويت بعض المنافع من اللبن والنسل وغيرهما ، وبقاء البعض وهو الأكل ، فثبت له الخيار كما في الثوب في الخرق الفاحش .

قال : ( وفي غير مأكول اللحم يضمن قيمتها بقطع الطرف ) ; لأنه استهلكها من كل وجه ، ولو غصب دابة فقطع رجلها ضمن قيمتها . وروى هشام إن أخذها المالك لا شيء له وإن شاء [ ص: 84 ] تركها وأخذ القيمة عند أبي حنيفة كما في الجثة العمياء خلافا لهما ، وإن قلع عين الدابة فعليه ربع القيمة استحسانا ، وقيمة النقصان قياسا .

وفي جنايات الحسن عن أبي حنيفة لو فقأ عين برذون أو بغل أو حمار عليه ربع قيمته ، وكذا كل ما يعمل عليه من البقر والإبل ، وما لا يعمل عليه ما نقص . وقال في الجامع الصغير : وفي عين بقر الجزار وجزوره ربع القيمة ، وفي عين شاة القصاب ما نقصها ، والحمل والطير والدجاجة والكلب ما نقصه . وقال أبو يوسف : عليه ما نقصه في جميع البهائم اعتبارا بالشاة .

ولنا ما روي أنه - عليه الصلاة والسلام - : " قضى في عين الدابة بربع القيمة " ، وكذا قضى عمر - رضي الله عنه - ، ولأنها تصلح للحمل والركوب والعمل ، ولا تقوم هذه المصالح إلا بأربعة أعين عينيها وعيني المستعمل فصارت كذات أربعة أعين ، فيجب في أحدها ربع القيمة كما قلنا في أحد الأهداب ربع الدية لما كانت أربعة .

قال : ( ومن بنى في أرض غيره أو غرس لزمه قلعهما وردها ) على ما بينا في الإجارات .

قال - عليه الصلاة والسلام - : " ليس لعرق ظالم حق " ، ولأنه أشغل ملك الغير فيؤمر بتفريغه دفعا للظلم وردا للحق إلى مستحقه .

قال : ( ومن غصب ثوبا فصبغه أحمر أو سويقا فلته بسمن فالمالك إن شاء أخذهما ورد زيادة الصبغ والسويق ، وإن شاء أخذ قيمة الثوب أبيض ومثل السويق وسلمهما ) ; لأن في ذلك رعاية الجانبين على ما تقدم ، وصاحب الثوب صاحب الأصل فكان الخيار له . وقال في الأصل تجب قيمة السويق بناء على أنه يتغير بالقلي فلم يصر مثليا وسماه هاهنا مثليا لقيام القيمة مقامه ، والألوان كلها سواء . وقال أبو حنيفة : السواد نقصان ، قيل هو اختلاف عصر وزمان ، وقيل إن نقصه السواد فهو نقصان .

التالي السابق


الخدمات العلمية