صفحة جزء
[ ص: 232 ] فصل

[ أقل الحمل وأكثره ]

أقل مدة الحمل ستة أشهر وأكثرها سنتان ، وإذا أقرت بانقضاء العدة ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه ، ولستة أشهر لا ، ويثبت نسب ولد المطلقة الرجعية وإن جاءت به لأكثر من سنتين ما لم تقر بانقضاء العدة ، فإن جاءت به لأقل من سنتين بانت ويثبت النسب ولا يصير مراجعا ، وإن جاءت به لسنتين أو أكثر كان رجعة ، ويثبت نسب ولد المبتوتة والمتوفى عنها زوجها لأقل من سنتين ، ولا يثبت لأكثر من ذلك إلا أن يدعيه ( ز ) ، ولا يثبت نسب ولد المعتدة إلا بشهادة رجلين ( سم ) ، أو رجل وامرأتين ، أو حبل ظاهر ، أو اعتراف الزوج ، أو تصديق الورثة ، ولا يثبت نسب ولد المطلقة الصغيرة رجعية ( س ) كانت أو مبتوتة ( س ) إلا أن تأتي به لأقل من تسعة أشهر ، وفي عدة الوفاة لأقل من عشرة أشهر وعشرة أيام بساعة ، ولو قال لها : إن ولدت فأنت طالق فشهدت امرأة بالولادة لم تطلق ( سم ) ، وإن اعترف بالحبل تطلق بمجرد قولها ( سم ) ، ولو قال لأمته : إن كان في بطنك ولد فهو مني فشهدت امرأة بالولادة فهي أم ولده .


فصل

[ أقل الحمل وأكثره ]

( أقل مدة الحمل ستة أشهر ) لما روي أن رجلا تزوج امرأة فجاءت بولد لستة أشهر فهم عثمان برجمها ، فقال ابن عباس : لو خاصمتكم بكتاب الله لخصمتكم ، فإن الله تعالى يقول : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) ، وقال : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ) فبقي لمدة الحمل ستة أشهر . .

قال : ( وأكثرها سنتان ) لما روي عن عائشة أنها قالت : لا يبقى الولد في رحم أمه أكثر من سنتين ولو بفركة مغزل ، وذلك لا يعرف إلا توقيفا إذ ليس للعقل فيه مجال ، فكأنها روته عن النبي عليه الصلاة والسلام .

قال : ( وإذا أقرت بانقضاء العدة ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه ) لأنه ظهر كذبها بيقين فصار كأنها لم تقر به ، ( و ) إن جاءت به ( لستة أشهر لا ) يثبت ، لأنه لم يظهر كذبها فيكون من حمل حادث بعده فلا يثبت نسبه .

قال : ( ويثبت نسب ولد المطلقة الرجعية ، وإن جاءت به لأكثر من سنتين ما لم تقر [ ص: 233 ] بانقضاء العدة ) لاحتمال الوطء والعلوق في العدة لجواز أن تكون ممتدة الطهر ، ( فإن جاءت به لأقل من سنتين بانت ) لانقضاء العدة ، ( ويثبت النسب ) لوجود العلوق في النكاح أو في العدة ، ( ولا يصير مراجعا ) لأنه يحتمل العلوق قبل الطلاق ، ويحتمل بعده فلا يصير مراجعا بالشك .

( وإن جاءت به لسنتين أو أكثر كان رجعة ) لأن العلوق بعد الطلاق ، والظاهر أنه منه وأنه وطئها في العدة حملا لحالهما على الأحسن والأصلح .

قال : ( ويثبت نسب ولد المبتوتة والمتوفى عنها زوجها لأقل من سنتين ) لاحتمال أن الحمل كان قائما وقت الطلاق فلا يكون الفراش زائلا بيقين فيثبت النسب احتياطا .

( ولا يثبت لأكثر من ذلك إلا أن يدعيه ) لأنا تيقنا بحدوث الحمل بعد الطلاق فلا يكون منه إلا أن يدعيه فيجعل كأنه وطئها بشبهة العدة . وقال زفر في عدة الوفاة : إذا جاءت به بعد انقضائها لستة أشهر لا يثبت ، لأن الشرع حكم بانقضائها بالأشهر فصار كإقرارها . وجوابه أنه لانقضاء العدة وجه آخر وهو وضع الحمل ، بخلاف الصغيرة لأن الأصل عدم الحمل فيها لعدم المحلية فوقع الشك في البلوغ .

قال : ( ولا يثبت نسب ولد المعتدة إلا بشهادة رجلين ، أو رجل وامرأتين ، أو حبل ظاهر ، أو اعتراف الزوج ، أو تصديق الورثة ) ، وقالا : يثبت بشهادة امرأة واحدة لأن الفراش قائم لقيام العدة ، وهو ملزم للنسب كقيام النكاح . ولأبي حنيفة أنها لو أقرت بوضع الحمل انقضت العدة ، والمنقضي لا يكون حجة فيحتاج إلى إثبات النسب فلا بد من حجة كاملة . أما إذا ظهر الحبل أو اعترف به الزوج فالنسب ثابت قبل الولادة والحاجة إلى التعيين وأنه يثبت بشهادتها ، وكذا إذا اعترف به الورثة بعد الموت . وهذا في حق الإرث ظاهر لأنه حقهم . وأما النسب فإن كانوا من أهل الشهادة ثبت بشهادتهم ، ولا يثبت في حقهم باعترافهم ويثبت في حق غيرهم تبعا للثبوت في حقهم .

[ ص: 234 ] قال : ( ولا يثبت نسب ولد المطلقة الصغيرة رجعية كانت أو مبتوتة إلا أن تأتي به لأقل من تسعة أشهر ، وفي عدة الوفاة لأقل من عشرة أشهر وعشرة أيام بساعة ) ، وقال أبو يوسف في المبتوتة : يثبت إلى سنتين لأنها معتدة لم تقر بانقضاء العدة ، ويحتمل أن تكون حاملا وصارت كالبالغة . ولهما أنه تعين لانقضاء عدتها جهة واحدة وهي الأشهر ، فإذا مضت حكم الشرع بانقضائها وهو أقوى من الإقرار لاحتمال الخلف في الإقرار دونه . وأما الرجعي ، قال أبو يوسف : يثبت إلى سبعة وعشرين شهرا لأنه يجعل واطئا في آخر العدة وهي ثلاثة أشهر ثم تأتي به لأكثر مدة الحمل وهي سنتان ، ولو ادعت الصغيرة الحبل في العدة فهي كالكبيرة في الحكم لأنه ثبت بلوغها بإقرارها .

( ولو قال لها : إن ولدت فأنت طالق فشهدت امرأة بالولادة لم تطلق ) وقالا : تطلق لقوله عليه الصلاة والسلام : " شهادة النساء جائزة فيما لا يطلع عليه الرجال " فكانت شهادتها حجة في الولادة ، فتكون حجة فيما يبتنى عليه وهو الطلاق . ولأبي حنيفة أنها ادعت على زوجها الحنث فلا يثبت إلا ببينة كاملة ، وشهادتها ضرورية في الولادة فلا تتعدى إلى الطلاق لأنه ينفك عنه .

قال : ( وإن اعترف بالحبل تطلق بمجرد قولها ) ، وقالا : لا بد من شهادة امرأة تشهد بالولادة لأنها ادعت فلا بد من حجة . وله أنه أقر بالحبل فيكون إقرارا بالولادة لأنه يفضي إليه ، ولأنه [ ص: 235 ] أقر بكونها أمينة فيقبل قولها في رد الأمانة . قال : ( ولو قال لأمته : إن كان في بطنك ولد فهو مني فشهدت امرأة بالولادة فهي أم ولده ) لأن الحاجة إلى تعيين الولد ، وأنه يثبت بالقابلة إجماعا .

[ ص: 236 ] [ ص: 237 ] [ ص: 238 ] " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " .

التالي السابق


الخدمات العلمية