صفحة جزء
[ ص: 245 ] وللمطلقة النفقة والسكنى في عدتها بائنا كان أو رجعيا ، ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها ، وكل فرقة جاءت من قبل المرأة بمعصية كالردة وتقبيل ابن الزوج فلا نفقة لها ، وإن جاءت بغير معصية كخيار العتق والبلوغ وعدم الكفاءة فلها النفقة ، وإن كانت من جهة الزوج فلها النفقة بكل حال ، وإن طلقها ثلاثا ثم ارتدت سقطت النفقة ، وإن مكنت ابن زوجها لم تسقط .


فصل

( وللمطلقة النفقة والسكنى في عدتها بائنا كان أو رجعيا ) أما الرجعي فلما تقدم أن النكاح قائم بينهما حتى يحل له الوطء وغيره . وأما البائن فلأنها محبوسة في حقه ، وهو صيانة الولد بحفظ الماء عن الاختلاط ، والحبس لحقه موجب للنفقة كما تقدم . وأما حديث فاطمة بنت قيس أنها قالت : طلقني زوجي ثلاثا فلم يفرض لي رسول الله سكنى ولا نفقة رده عمر وزيد بن ثابت وجابر وعائشة ، قال عمر : لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا [ ص: 246 ] بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت ، حفظت أم نسيت ، سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول : " للمطلقة الثلاث النفقة والسكنى ما دامت في العدة " . ويروى : " المبتوتة لها النفقة والسكنى " ، ولأنه ورد مخالفا قوله تعالى : ( أسكنوهن ) ومخالفا للإجماع في السكنى ، فإن ادعت أنها حامل أنفق عليها إلى سنتين منذ طلقها احتياطا للعدة ، فإن قالت : كنت أتوهم أني حامل ولم أحض إلى هذه الغاية ، يعني أنها ممتدة الطهر وطلبت النفقة - فلها النفقة ما لم تدخل في حد الإياس لأنها معتدة ، فإذا دخلت في حد الإياس استأنفت العدة ثلاثة أشهر .

قال : ( ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها ) لأنها محبوسة لحق الشرع لا للزوج فلا يجب عليه ، ألا ترى أنه لا يشترط فيها الحيض الذي تعرف به براءة الرحم والحمل الذي هو حقه ، ولأن المال انتقل إلى الورثة فلا تجب في مالهم .

قال : ( وكل فرقة جاءت من قبل المرأة بمعصية كالردة وتقبيل ابن الزوج فلا نفقة لها ، وإن جاءت بغير معصية كخيار العتق والبلوغ وعدم الكفاءة فلها النفقة وإن كانت ) الفرقة ( من جهة الزوج فلها النفقة بكل حال ) لأن النفقة صلة على ما مر ، وبعصيان الزوج لا تحرم من النفقة وتحرم بعصيانها مجازاة وعقوبة ، ولأنها حبست نفسها بغير حق فصارت كالناشزة ، بخلاف ما إذا كان بغير معصية لأنها حبست نفسها بحق وذلك لا يسقط النفقة لما تقدم ، وكذلك إن وقعت الفرقة باللعان أو الإيلاء أو بالجب والعنة بعد الدخول أو الخلوة لها النفقة لما بينا ، وإذا طلقت الأمة المبوأة لها نفقة العدة ، فإن استخدمها المولى سقطت ، وكل امرأة لا نفقة لها يوم الطلاق لا نفقة لها في العدة كالمعتدة من نكاح فاسد ، والأمة إذا لم يبوئها المولى بيتا إلا الناشزة لأنها محبوسة في حقه ، والمطلقة إذا لم تطلب نفقتها حتى انقضت عدتها سقطت كالمنكوحة .

[ ص: 247 ] ( وإن طلقها ثلاثا ثم ارتدت سقطت النفقة ) لأنها صارت محبوسة في حق الشرع ، وهذا إذا خرجت من بيت الزوج للحبس ، وما لم تخرج من بيته فلها النفقة ، ( وإن مكنت ابن زوجها لم تسقط ) لأن الفرقة تثبت بالطلاق الثلاث ، ولا أثر للتمكين في ذلك وهي معتدة محبوسة في حقه فتجب النفقة ، ولو كان الطلاق رجعيا فلا نفقة لها لأن الفرقة جاءت من قبلها بالتمكين وهو معصية فلا تستحق النفقة لما بينا ، ولو صالح امرأته على نفقة العدة إن كانت بالشهور جاز لأنها معلومة ، وإن كانت بالحيض لا يجوز لأنها مجهولة المدة فتكون النفقة مجهولة .

التالي السابق


الخدمات العلمية