صفحة جزء
[ ص: 312 ] حلف لا يأكل من هذه الحنطة لا يحنث ما لم يقضمها ومن هذا الدقيق يحنث بخبزه دون سفه ، والخبز ما اعتاده أهل البلد ، والشواء من اللحم ، والطبيخ ما يطبخ من اللحم بالماء ، ويحنث بأكل مرقه ، والرءوس : ما يكبس في التنانير ويباع في السوق ، والرطب والعنب والرمان والخيار والقثاء ليس بفاكهة ، والإدام ما يصطبغ به : كالخل والزيت والملح ، والغداء : من طلوع الفجر إلى الظهر ، والعشاء : من الظهر إلى نصف الليل ، والسحور : من نصف الليل إلى طلوع الفجر ، والشرب من النهر : الكرع منه .

ولو حلف لا يشرب من الجب أو البئر يحنث بالإناء ، والسمك والألية ليسا بلحم ، والكرش والكبد والرئة والفؤاد والكلية والرأس والأكارع والأمعاء والطحال لحم ، والشحم شحم البطن .

حلف لا يأكل من هذا البسر فأكله رطبا لم يحنث ، وكذا الرطب إذا صار تمرا واللبن شيرازا ، حلف لا يأكل من هذا الحمل فصار كبشا فأكله حنث . حلف لا يأكل من هذه النخلة فهو على ثمرها ودبسها غير المطبوخ ، ومن هذه الشاة فعلى اللحم واللبن والزبد ، ولا يدخل بيض السمك في البيض ، والشراء كالأكل .


[ ص: 312 ] فصل

[ الحلف على الطعام ]

( حلف لا يأكل من هذه الحنطة لا يحنث ما لم يقضمها ) ، ولو أكل من خبزها أو سويقها لم يحنث ، وقالا : يحنث بالخبز للعرف . وله أن الحقيقة مستعملة فإنه يقلى ويسلق ويؤكل بعده قضما ، والحقيقة المستعملة قاضية على المجاز .

قال : ( ومن هذا الدقيق يحنث بخبزه دون سفه ) لأنه غير معتاد فانصرف إلى ما يتخذ منه وهو الخبز ، وكذا إن أكل من عصيدته أو اتخذه خبيصا أو قطايف حنث ، إلا إذا نوى أكل عينه لأنه نوى حقيقة كلامه ، وكذلك ما لا يؤكل عادة تقع اليمين على ما يتخذ منه ، لأن المجاز المتعارف راجح على الحقيقة المهجورة .

قال : ( والخبز ما اعتاده أهل البلد ) لأن اليمين مبناها على العادة ، والمنع إنما يقع على المعتاد ليتحقق معنى اليمين ، ولو حلف لا يأكل خبزا فأكل ثريدا . قال أبو الليث : لا يحنث للعرف . والطعام حقيقة ما يطعم ويؤكل ، وفي العرف يختص ببعض الأشياء ، ألا ترى أن الأدوية لا تسمى طعاما ، وإن كانت تؤكل ويتغذى بها كمعجون الورد ونحوه ، والخل والزيت والملح طعام لجريان العادة بأكله مع الخبز إداما له ، والنبيذ شراب عند أبي يوسف طعام عند محمد ، والفاكهة طعام .

حلف لا يشتري طعاما لا يحنث إلا بشراء الحنطة والدقيق والخبز استحسانا للعرف ، وفي عرفنا يحنث بالشعير والذرة ونحوهما أيضا .

قال : ( والشواء من اللحم ) خاصة لأنه المتعارف عند الإطلاق ، ألا ترى أن الشواء اسم لبائع المشوي من اللحم دون غيره ، ويصح قولهم : لم يأكل الشواء وإن أكل الباذنجان والسمك المشوي وغيره ما لم يأكل الشواء من اللحم ، وإن نوى كل شيء يشوى صحت نيته وهو القياس ، لأن الشواء ما يجعل في النار ليسهل أكله وهو موجود في كل شيء إلا أن العرف اختص باللحم على ما بينا .

قال : ( والطبيخ ما يطبخ من اللحم بالماء ) للعرف ، وإن نوى كل ما يطبخ صدق لأنه شدد على نفسه ، ( ويحنث بأكل مرقه ) لأن فيه أجزاء اللحم ، وفي النوادر : حلف لا يأكل طبيخا فأكل [ ص: 313 ] قلية يابسة لا مرق فيها لا يحنث ، لأنه بدون المرق لا يسمى طبيخا ، فإنه يقال : لحم مقلي ولا يقال مطبوخ إلا لما طبخ في الماء . ولو أكل سمكا مطبوخا لم يحنث ، لأن الاسم لا يتناوله عند الإطلاق . وعن ابن سماعة : الطبيخ يكون على الشحم ، فإن طبخ عدسا أو أرزا بودك فهو طبيخ ، وإن كان بسمن أو زيت فليس بطبيخ ، والمعتبر العرف ، والطابخ : هو الذي يوقد النار دون الذي ينصب القدر ويصب الماء واللحم وحوائجه فيه ، والخابز : الذي يضرب الخبز في التنور دون من عجنه وبسطه .

ولو حلف لا يأكل من طبيخ فلان فطبخ هو وآخر وأكل الحالف منه حنث ، لأن كل جزء منه يسمى طبيخا ، وكذلك من خبز فلان فخبز هو وآخر ، وكذلك من رمان اشتراه فلان فاشترى هو وآخر ، وكذا لا ألبس من نسج فلان فنسج هو وآخر ، ولو قال : من قدر طبخها فلان فأكل ما طبخاه لم يحنث ، لأن كل جزء من القدر ليس بقدر ، وكذلك من قرص يخبزه فلان ، أو رمانة يشتريها فلان ، أو ثوبا ينسجه فلان لما بينا .

ولو حلف لا يلبس ثوبا من غزل فلانة ، فلا بد أن يكون جميعه من غزلها ، حتى لو كان فيه جزء من ألف جزء من غزل غيرها لم يحنث ، رواه هشام عن محمد .

حلف لا يأكل من هذا الطعام ما دام في ملكه ، فباع بعضه وأكل الباقي لا يحنث ، ذكره الحسن . حلف لا يأكل من مال فلان فتناهد وأكل لا يحنث لأنه أكل مال نفسه عرفا ، رواه المعلى عن أبي يوسف .

حلف لا يأكل من فلان وبينهما دراهم فأخذ منها درهما فاشترى به شيئا وأكل لم يحنث .

حلف لا يأكل من طعام شريكه فأكل من طعام مشترك بينهما لم يحنث ، لأنه إنما أكل حصته ، ألا ترى أن له أن يأخذه من حصته .

قال : ( والرءوس ما يكبس في التنانير ويباع في السوق ) جريا على العرف . وعن أبي حنيفة أنه يدخل في اليمين رءوس البقر والجزور ، وعندهما يختص برءوس الغنم وهو اختلاف عادة وعصر .

قال : ( والرطب والعنب والرمان والخيار والقثاء ليس بفاكهة ) ، وقالا : الرطب والرمان [ ص: 314 ] والعنب فاكهة ، لأنه يتفكه بها عادة كسائر الفاكهة حتى يسمى بائعها فاكهاني ، ولأبي حنيفة قوله تعالى : ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ) . ولذلك عطف الفاكهة على العنب في آية أخرى ، والمعطوف يغاير المعطوف عليه لغة ، ولأنه ذكر في معرض الامتنان والكريم الحكيم لا يعيد المنة بالشيء مرتين ، ولأن الفاكهة ما يتفكه به قبل الطعام وبعده ، ويتفكه برطبه ويابسه دون الشبع ، والعنب والرطب يستعملان للغذاء والشبع ، والرمان يستعمل للأدوية فكان معنى الفاكهة قاصرا عنها ، فلا يتناولها الاسم عند الإطلاق حتى لو نواها صحت نيته لأنه تشديد عليه ، والتمر والزبيب وحب الرمان إدام وليس بفاكهة بالإجماع ، والتفاح والسفرجل والكمثرى والإجاص والمشمش والخوخ والتين فاكهة لأنها تؤكل للتفكه دون الشبع ، والبطيخ فاكهة ، واليابس من أثمار الشجر فاكهة ، ويابس البطيخ ليس بفاكهة لأنه غير معتاد ، والقثاء والخيار والجزر والباقلاء الرطب بقول . قال محمد : التوت فاكهة لأنه يستعمل استعمال الفاكهة .

قال محمد : قصب السكر والبسر الأحمر فاكهة ، والجوز في عرفنا ليس بفاكهة لأنه لا يتفكه به .

وروى المعلى عن محمد : اليابس ليس بفاكهة لأنه يؤكل مع الخبز غالبا ، فأما رطبه لا يؤكل إلا للتفكه .

وعن أبي يوسف : اللوز والعناب فاكهة ، رطبه من الفاكهة الرطبة ، ويابسه من يابسها ، وعن محمد : لو حلف لا يأكل فاكهة العام أو من ثمرة العام إن كان زمان الرطبة فهي على الرطبة ، ولا يحنث بأكل اليابس ، وإن كان في غير زمانها فهي على اليابس للتعارف ، وكان ينبغي أن يحنث باليابس والرطب إذا كان في زمان الرطبة ، لأن اسم الفاكهة يتناولهما إلا أنه استحسن ذلك ، لأن العادة في قولهم : فاكهة العام إذا كان زمان الرطبة يريدونها دون اليابس ، فإذا لم تكن رطبة تعينت اليابسة فحملت عليه .

قال : ( والإدام ما يصطبغ به : كالخل والزيت والملح ) ، وأصله من المؤادمة وهي الموافقة وهي بالملازقة فيصيران كشيء واحد ، أما المجاورة فليست بموافقة حقيقة ، يقال : وأدم الله بينكما : أي وفق بينكما ، قال عليه الصلاة والسلام للمغيرة وقد تزوج امرأة : " لو نظرت إليها [ ص: 315 ] كان أحرى أن يؤدم بينكما " ، فكل ما احتاج في كله إلى موافقة غيره فهو إدام ، وما أمكن إفراده بالأكل فليس بإدام ، وإن أكل مع الخبز كما لو أكل الخبز مع الخبز ، فالخل والزيت واللبن والعسل والمرق إدام لما بينا ، وكذلك الملح لأنه لا يؤكل منفردا ولأنه يذوب فيختلط بالخبز ويصير تبعا .

واللحم والشواء والبيض والجبن ليس بإدام لأنها تفرد بالأكل ولا تمتزج بالخبز . وعن محمد : كل ما يؤكل بالخبز عادة فهو إدام ، وهو المختار عملا بالعرف . وعن أبى يوسف : الجوز اليابس إدام .

وقال محمد وهو رواية عن أبي يوسف : التمر والجوز والعنب والبطيخ والبقول وسائر الفواكه ليس بإدام ، لأنها تفرد بالأكل ولا تكون تبعا للخبز حتى لو كان موضعا تؤكل تبعا للخبز معتادا يكون إداما عندهم اعتبارا للعرف وهو الأصل في الباب .

قال : ( والغداء من طلوع الفجر إلى الظهر ) لأنه عبارة عن أكل الغدوة ، وما بعد نصف النهار لا يكون غدوة .

( والعشاء : من الظهر إلى نصف الليل ) لأنه مأخوذ من أكل العشاء وأوله بعد الزوال . وروي : " أنه صلى الله عليه وسلم صلى إحدى صلاتي العشاء ركعتين " يريد به الظهر أو العصر .

( والسحور : من نصف الليل إلى طلوع الفجر ) لأنه مأخوذ من السحر فينطلق إلى ما يقرب منه ، ثم الغداء والعشاء عبارة عن الأكل الذي يقصد به الشبع عادة ، فلو أكل لقمة أو لقمتين فليس بشيء حتى يزيد على نصف الشبع فإنه يقال : لم أتغد وإنما أكلت لقمة أو لقمتين ، ويعتبر في كل بلدة عادتهم ، فلو حلف لا يتغدى فشرب اللبن إن كان حضريا لا يحنث ، وإن كان بدويا يحنث اعتبارا للعادة .

قال الكرخي : إذا حلف لا يتغدى فأكل تمرا أو أرزا أو غيره حتى شبع لا يحنث ، ولا [ ص: 316 ] يكون غداء حتى يأكل الخبز ، وكذلك إن أكل لحما بغير خبز اعتبارا للعرف .

قال : ( والشرب من النهر : الكرع منه ) فلو حلف لا يشرب من دجلة أو من الفرات لا يحنث حتى يكرع منها كرعا يباشر الماء بفيه ، فإن شرب منه بيده أو بإناء لم يحنث ، وقالا : يحنث في جميع ذلك . أصله أنه متى كان لليمين حقيقة مستعملة ومجاز مستعمل ، فعند أبي حنيفة : العبرة للحقيقة خاصة لأنه لا يجوز إهدار الحقيقة إلا عند الضرورة ، وذلك بأن تكون مهجورة مهملة كما قلنا في سف الدقيق . وعندهما العبرة للمجاز والحقيقة جمعا لمكان الاستعمال والعرف ، فأبو حنيفة يقول : الكرع حقيقة مستعملة ، ولهذا يحنث به بالإجماع ، وهما يقولان : استعمال المجاز أكثر فيعتبر أيضا ، لأن الكرع إنما يستعمل عادة عند عدم الأواني فيعتبر كل واحد منهما . ومن أصحابنا من قال : إن أبا حنيفة شاهد العرب بالكوفة يكرعون ظاهرا معتادا فحمل اليمين عليه ، وهما شاهدا الناس بعد ذلك لا يفعلونه إلا نادرا فلم يخصا اليمين به ، ولو شرب من نهر يأخذ من دجلة أو من الفرات لم يحنث بالإجماع ، لأن الإضافة قد زالت بالانتقال إلى غيره ، فصار كما إذا حلف لا يشرب من هذا الكوز فصب في كوز آخر ، وهذه المسألة تشهد لأبي حنيفة لاختصاص اليمين عندهم بدجلة دون ما انتقل إليه ماؤها وهذا إذا لم يذكر الماء ، وأما إذا قال : من ماء دجلة فإنه يحنث بالكرع وبالإناء وبالغرف ومن نهر آخر ، لأن اليمين عقدت على الماء دون النهر وقد وجد .

قال : ( ولو حلف لا يشرب من الجب أو البئر يحنث بالإناء ) وهذا في البئر ظاهر لأنه لا يمكن الشرب منها إلا بإناء حتى قالوا : لو نزل البئر وكرع لا يحنث ، لأن الحقيقة والمجاز لا يجتمعان تحت لفظ واحد والحقيقة مهجورة ، وأما الجب إن كان ملآن يمكن الشرب منه لا يحنث بالاغتراف . والإناء لتعينه . ولو حلف لا يشرب من هذا الإناء فهو عن الشرب بعينه لأنه المتعارف فيه .

قال : ( والسمك والألية ليسا بلحم ) فإن حلف لا يأكل لحما فأي لحم أكل من جميع الحيوان غير السمك حنث سواء أكله طبيخا أو مشويا أو قديدا ، وسواء كان حلالا أو حراما : كالميتة ولحم الخنزير والآدمي ، ومتروك التسمية وذبيحة المجوسي وصيد الحرم ، لأن اسم اللحم يتناول الجميع ، ولا يختلف باختلاف صفة اللحم وصفة الذابح .

فأما السمك وما يعيش في الماء لا يحنث به لأنه لا يدخل تحت إطلاق اسم اللحم ، ألا [ ص: 317 ] ترى أنهم يقولون : ما أكلت لحما وقد أكل السمك ، والمعتبر في ذلك الحقيقة دون لفظ القرآن ، ألا ترى أنه لو حلف لا يركب دابة فركب كافرا لا يحنث وإن سماه الله تعالى دابة في قوله : ( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا ) ، وكذا لو خرب بيت العنكبوت لا يحنث في يمينه لا يخرب بيتا ، وكذا لا يحنث بالقعود في الشمس لو حلف لا يقعد في السراج إلى غير ذلك ، وإنما المعتبر في ذلك المتعارف ، وكذلك الألية وشحم البطن ليسا بلحم لأنهما لا يستعملان استعمال اللحم ، ولا يتخذ منهما ما يتخذ من اللحم ، ولا يسميان لحما عرفا ، وإن نواه أو نوى السمك يحنث ، لأنه تشديد على نفسه .

قال : ( والكرش والكبد والرئة والفؤاد والكلية والرأس والأكارع والأمعاء والطحال لحم ) لأنها تباع مع اللحم ، وهذا في عرفهم على ما رواه أبو حنيفة في زمنه بالكوفة . وأما البلاد التي لا تباع فيها مع اللحم فلا يحنث اعتبارا للعرف في كل بلدة وكل زمان . وأما شحم الظهر فهو لحم ، ويقال له : لحم سمين ، ويستعمل فيما يستعمل فيه اللحم .

قال : ( والشحم شحم البطن ) فلو حلف لا يأكل شحما فأكل شحم الظهر لا يحنث لأنه من اللحم ، ويقال له : لحم سمين كما قدمنا ، وقالا : يحنث لأن اسم الشحم يتناوله وهذا في عرفهم ، وفي عرفنا : اسم الشحم لا يقع على شحم الظهر بحال . وعن محمد فيمن أمر غيره أن يشتري له شحما فاشترى شحم الظهر لا يلزم الآمر ، وهذا يؤيد مذهب أبي حنيفة أن مطلق اسم الشحم لا يتناوله . حلف لا يأكل لحم شاة فأكل لحم عنز حنث ، لأن اسم الشاة يتناول العنز وغيره . وذكر الفقيه أبو الليث أنه لا يحنث لأن العرف يفرق بينهما وهو المختار ، وكذا لا يدخل لحم الجاموس في يمين البقر .

قال : ( حلف لا يأكل من هذا البسر فأكله رطبا لم يحنث ، وكذا الرطب إذا صار تمرا واللبن شيرازا ) لأن هذه الصفات داعية إلى اليمين فتتقيد به ، أو نقول : اللبن ما يؤكل عينه فلا ينصرف إلى ما يتخذ منه .

[ ص: 318 ] قال : ( حلف لا يأكل من هذا الحمل فصار كبشا فأكله حنث ) لأن صفة الحملية ليست داعية إلى اليمين ، لأن الامتناع عن لحمه أقل من الامتناع عن لحم الكبش ، وإذا امتنع أن تكون صفة داعية تعينت الذات وأنها موجودة .

قال : ( حلف لا يأكل من هذه النخلة فهو على ثمرتها ودبسها غير المطبوخ ) يقال له : سيلان ، لأنه أضاف اليمين إلى ما لا يؤكل فينصرف إلى ما يخرج منه لأنه سبب له فيصلح مجازا ، ويحنث بالجمار لأنه منها ولا يحنث بما يتغير بالصنعة : كالنبيذ والخل والدبس المطبوخ لأنه ليس بخارج منها حقيقة ، فإن الخارج منها ما يوجد كذلك متصلا بها ، بخلاف غير المطبوخ وعصير العنب لأنه كذلك متصل بها إلا أنه منكتم فزال الانكتام بالعصير ، ولو أكل من عين النخلة لا يحنث لأنها حقيقة مهجورة .

( و ) لو حلف لا يأكل ( من هذه الشاة فعلى اللحم واللبن والزبد ) لما مر ، وفي الاستحسان على اللحم خاصة ، لأن عين الشاة مأكول فانصرفت اليمين إلى اللحم خاصة ، ولا يحنث باللبن والزبد والسمن .

قال : ( ولا يدخل بيض السمك في البيض ) للعرف ، فإن اسم البيض عرفا يتناول بيض الطير كالدجاج والأوز مما له قشر ، فلا يدخل بيض السمك إلا بنية لأنه بيض حقيقة وفيه تشديد على نفسه .

( والشراء كالأكل ) فاليمين على الشراء كاليمين على الأكل .

حلف لا يأكل حراما فاضطر إلى الميتة والخمر فأكل ، روي عن أبي يوسف أنه يحنث لأنه حرام ، إلا أنه مرفوع الإثم عن المضطر كفعل الصبي والمعتوه ، والحرام لا يوصف بأنه حلال لهما وإن وضع الإثم عنهما . وروي عنه أنه لا يحنث . وعن محمد ما يدل عليه فإنه قال في الإكراه : إن الله تعالى أحل الميتة حالة الضرورة ، فإذا امتنع عن الأكل حالة الإكراه أثم ، ولو أكل طعاما مغصوبا حنث ، ولو اشترى بدرهم مغصوب لا يحنث .

التالي السابق


الخدمات العلمية