صفحة جزء
[ ص: 75 ] فصل

[ باب صلاة الوتر ]

الوتر واجب ( سم ف ) . وهي ثلاث ( ف ) ركعات كالمغرب لا يسلم بينهن ، ويقرأ في جميعها ، ويقنت في الثالثة قبل الركوع ( ف ) ، ويرفع يديه ويكبر ، ثم يقنت ، ولا قنوت في غيرها ( ف ) .


فصل

( الوتر واجب ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " إن الله تعالى زادكم صلاة إلى صلاتكم الخمس ألا وهي الوتر فحافظوا عليها " والزيادة تكون من جنس المزيد عليه ، وقضيته الفرضية إلا أنه ليس مقطوعا به فقلنا بالوجوب . وقال أبو يوسف ومحمد : هي سنة لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم " وفي رواية : " وهي لكم سنة : الوتر ، والضحى ، والأضحى " ، قلنا الكتابة هي الفرض . قال الله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) أي فرضا موقتا ، ويقال للفرائض المكتوبات ، فكان نفي الكتابة نفي الفرضية ، ونحن لا نقول بالفرضية بل بالوجوب . وأما قوله : " وهي لكم سنة " أي ثبت وجوبها بالسنة ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أمر بها والأمر للوجوب ، وهي عندهما أعلى رتبة من جميع السنن حتى لا تجوز قاعدا مع القدرة على القيام ، ولا على راحلته من غير عذر وتقضى ، ذكره في المحيط .

[ ص: 76 ] قال : ( وهي ثلاث ركعات كالمغرب لا يسلم بينهن ) لما روى ابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وعائشة وأم سلمة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن " .

قال : ( ويقرأ في جميعها ) والمستحب أن يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وسبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية بالفاتحة وقل يا أيها الكافرون ، وفي الثالثة بها وقل هو الله أحد ، هكذا نقل قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها ، ولأنه لما اختلفت في وجوبها وجبت القراءة في جميعها احتياطا . قال : ( ويقنت في الثالثة قبل الركوع ويرفع يديه ) لما روينا .

( ويكبر ) لما مر ( ثم يقنت ) لما روى علي وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب : " أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في الثالثة قبل الركوع " وليس فيه دعاء مؤقت ، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يقرأ " اللهم إنا نستعينك واللهم اهدنا " ، قالوا : ومعنى قول محمد ليس فيه دعاء مؤقت غير ذلك . ومن لا يحسن الدعاء يقول : اللهم اغفر لنا مرارا : ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة ) الآية . واختار أبو الليث الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده ، وهو مروي عن النخعي ، وكرهه بعضهم لعدم ورود السنة به .

قال : ( ولا قنوت في غيرها ) لقول ابن مسعود : " ما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الصبح إلا شهرا لم يقنت قبله ولا بعده " . وروت أم سلمة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القنوت في صلاة الفجر " . وما روى أنس " أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في صلاة الصبح " ، معارض بحديث ابن مسعود [ ص: 77 ] وبما روى قتادة عن أنس أنه قال : " قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبح بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب ثم تركه " ، فدل على أنه نسخ ، فلو صلى الفجر خلف إمام يقنت يتابعه عند أبي يوسف لئلا يخالف إمامه . وعندهما لا يتابعه لأنه حكم منسوخ ، وصار كالتكبيرة الخامسة في صلاة الجنازة ، والمختار أنه يسكت قائما ، ولو سها عن القنوت فركع ثم ذكر لا يعود ، وعن أبي حنيفة أنه يعود إلى القنوت ثم يركع .

التالي السابق


الخدمات العلمية