صفحة جزء
[ ص: 84 ] فصل

[ باب ما يكره للمصلي ]

يكره للمصلي أن يعبث بثوبه ، . . أو يفرقع أصابعه ، أو يتخصر ، أو يعقص شعره ، أو يسدل ثوبه ، أو يقعي أو يلتفت ، أو يتربع بغير عذر ، أو يقلب الحصى إلا لضرورة ، أو يرد السلام بلسانه أو بيده ( ف ) ، أو يتمطى ، أو يتثاءب ، أو يغمض عينيه ، أو يعد التسبيح أو الآيات ( سم ) ولا بأس بقتل الحية والعقرب في الصلاة ، وإن أكل أو شرب أو تكلم أو قرأ من المصحف ( سم ) فسدت صلاته ، وكذلك إذا أن أو تأوه أو بكى بصوت إلا أن يكون من ذكر الجنة أو النار .


فصل

( يكره للمصلي أن يعبث بثوبه ) لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله كره لكم العبث في الصلاة " ، ولأنه [ ص: 85 ] يخل بالخشوع ، ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يعبث في صلاته فقال : " أما هذا لو خشع قلبه لخشعت جوارحه " .

( أو يفرقع أصابعه ) لما ذكرنا ولنهيه - عليه الصلاة والسلام - عن ذلك .

( أو يتخصر ) لأن فيه ترك الوضع المسنون ، ولنهيه - عليه الصلاة والسلام - عن ذلك وهو وضع اليد على الخاصرة .

( أو يعقص شعره ) وهو أن يجمعه وسط رأسه أو يجعله ضفيرتين فيعقده في مؤخر رأسه كما يفعله النساء ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلي الرجل ورأسه معقوص .

( أو يسدل ثوبه ) لنهيه - عليه الصلاة والسلام - عن السدل وهو أن يجعله على رأسه ، ثم يرسل أطرافه من جوانبه لأنه من صنيع أهل الكتاب .

( أو يقعي ) لحديث أبي ذر - رضي الله عنه - ، قال : " نهاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاث : عن أن أنقر نقر الديك ، أو أقعي إقعاء الكلب ، أو أفترش افتراش الثعلب " .

والإقعاء : أن يقعد على أليتيه وينصب فخذيه ويضم ركبتيه إلى صدره ويضع يديه على الأرض .

( أو يلتفت ) لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الالتفات في الصلاة ، وقال : " تلك خلسة يختلسها الشيطان من صلاتكم " .

( أو يتربع بغير عذر ) لأنه يخل بالقعود المسنون ، ولأنها جلسة الجبابرة حتى قالوا : يكره خارج الصلاة أيضا .

[ ص: 86 ] ( أو يقلب الحصى ) لأنه عبث .

( إلا لضرورة ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " يا أبا ذر مرة أو ذر " .

( أو يرد السلام بلسانه ) لأنه من كلام الناس .

( أو بيده ) لأنه في معنى السلام .

( أو يتمطى أو يتثاءب ) لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التثاؤب في الصلاة ، فإن غلبه كظم ما استطاع ووضع يده على فمه ، بذلك أمر - عليه الصلاة والسلام - .

( أو يغمض عينيه ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - نهى عنه .

( أو يعد التسبيح أو الآيات ) وقال أبو يوسف : لا يكره وهو رواية عن محمد ، وعنه مثل مذهب أبي حنيفة . لأبي يوسف أن السنة وردت بقراءة آيات معدودات في الصلاة ولا سبيل إليه إلا بالعد ; وعنه أنه أجاز ذلك في النفل خاصة ، لأنه سومح فيه ما لا يتسامح في الفرض ; ولأبي حنيفة أن عده بيده يخل بالوضع المسنون فأشبه العبث ; وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : " كفوا أيديكم في الصلاة " ، وإن عده بقلبه يشغله عن الخشوع فأشبه التفكر في أمور الدنيا . وأما العدد المسنون فيمكنه أن يعده خارج الصلاة ويقرأ فيها ، فلا حاجة إلى العدد في الصلاة .

قال : ( ولا بأس بقتل الحية والعقرب في الصلاة ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " اقتلوهما ولو كنتم في الصلاة " .

قال : ( وإن أكل أو شرب أو تكلم أو قرأ من المصحف فسدت صلاته ) أما الأكل والشرب فلأنه عمل كثير ليس من الصلاة ، وأما الكلام فلقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من [ ص: 87 ] كلام الناس " ، وأما القراءة من المصحف ، فمذهب أبي حنيفة ، وعندهما لا تفسد لأن النظر في المصحف عبادة فلا يفسدها إلا أنه يكره لأنه تشبه بأهل الكتاب . وله إن كان يحمله فهو عمل كثير لأنه حمل وتقليب الأوراق ، وإن كان على الأرض فإنه تعلم وإنه عمل كثير فيفسدها كما لو تعلم من غيره .

قال : ( وكذلك إذا أن أو تأوه أو بكى بصوت ) لأنه من كلام الناس .

( إلا أن يكون من ذكر الجنة أو النار ) لأنه من زيادة الخشوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية