صفحة جزء
[ ص: 94 ] فصل

[ باب صلاة التراويح ]

التراويح سنة مؤكدة ، وينبغي أن يجتمع الناس في كل ليلة من شهر رمضان بعد العشاء ، فيصلي بهم إمامهم خمس ترويحات ، كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين يجلس بين كل ترويحتين مقدار ترويحة ، وكذا بعد الخامسة ، ثم يوتر بهم ، ولا يصلى الوتر بجماعة إلا في شهر رمضان ، ووقتها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر ، ويكره قاعدا مع القدرة على القيام . والسنة ختم القرآن في التراويح مرة واحدة ، والأفضل في السنن المنزل إلا التراويح .


فصل

( التراويح سنة مؤكدة ) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقامها في بعض الليالي ، وبين العذر في ترك المواظبة وهو خشية أن تكتب علينا ، وواظب عليها الخلفاء الراشدون وجميع المسلمين من زمن عمر بن الخطاب إلى يومنا هذا . قال - عليه الصلاة والسلام - : " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " .

[ ص: 95 ] وروى أسد بن عمرو عن أبي يوسف قال : سألت أبا حنيفة عن التراويح وما فعله عمر ؟ فقال : التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرصه عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولقد سن عمر هذا وجمع الناس على أبي بن كعب فصلاها جماعة والصحابة متوافرون : منهم عثمان وعلي وابن مسعود والعباس وابنه وطلحة والزبير ومعاذ وأبي وغيرهم من المهاجرين والأنصار ، وما رد عليه واحد منهم ، بل ساعدوه ووافقوه وأمروا بذلك . والسنة إقامتها بجماعة لكن على الكفاية ، فلو تركها أهل مسجد أساءوا ، وإن تخلف عن الجماعة أفراد وصلوا في منازلهم لم يكونوا مسيئين .

قال : ( وينبغي أن يجتمع الناس في كل ليلة من شهر رمضان بعد العشاء ، فيصلي بهم إمامهم خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين ، يجلس بين كل ترويحتين مقدار ترويحة ، وكذا بعد الخامسة ثم يوتر بهم ) هكذا صلى أبي بالصحابة ، وهو عادة أهل الحرمين .

( ولا يصلى الوتر بجماعة إلا في شهر رمضان ) وعليه الإجماع . قال أبو يوسف : إذا قنت في الوتر لا يجهر ، ويقنت المقتدي أيضا لأنه دعاء ، والأفضل فيه الإخفاء .

وقال محمد : يجهر الإمام ويؤمن المأموم ، ولا يقرأ لشبهه بالقرآن ، واختلاف الصحابة هل هو منه أم لا ؟ والمنفرد إن شاء جهر ، وإن شاء خفت ، والمسبوق في الوتر إذا قنت مع الإمام لا يقنت ثانيا فيما يقضي لأنه مأمور به مع الإمام متابعة له فصار موضعا له ، فلو قنت ثانيا يكون تكرارا له في غير موضعه وهو غير مشروع ، ولا يزيد الإمام في التراويح على التشهد ، وإن علم أنه لا يثقل على [ ص: 96 ] الجماعة يزيد ، ويأتي بالدعاء ويأتي بالثناء عقيب تكبيرة الافتتاح ، ووقتها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر هو الصحيح حتى لو صلاها قبل العشاء لا يجوز ، وبعد الوتر يجوز لأنها تبع للعشاء دون الوتر ، والأفضل استيعاب أكثر الليل بها لأنها قيام الليل ، وينوي التراويح أو سنة الليل أو قيام رمضان . ( ويكره قاعدا مع القدرة على القيام ) لزيادة تأكدها .

( والسنة ختم القرآن في التراويح مرة واحدة ) وعن أبي حنيفة يقرأ في كل ركعة عشر آيات ليقع له الختم ، والأفضل في زماننا مقدار ما لا يؤدي إلى تنفير القوم عن الجماعة ، والأفضل تعديل القراءة بين التسليمات ، وكذا بين الركعتين في التسليمة .

( والأفضل في السنن المنزل ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة " .

قال : ( إلا التراويح ) لأنها شرعت في جماعة ، وقد بيناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية