صفحة جزء
[ ص: 104 ] باب صلاة المريض

إذا عجز عن القيام أو خاف زيادة المرض صلى قاعدا يركع ويسجد أو موميا إن عجز عنهما ، وإن عجز عن القعود أومأ مستلقيا ( ف ) ، أو على جنبه ، فإن رفع إلى رأسه شيئا يسجد عليه إن خفض رأسه جاز وإلا فلا ، فإن عجز عن الركوع والسجود وقدر على القيام أومأ قاعدا ( ف ) ، فإن عجز عن الإيماء برأسه أخر الصلاة ، ولا يومئ بعينيه ( زف ) ، ولا بقلبه ولا بحاجبه ( زف ) ، ولو صلى بعض صلاته قائما ثم عجز فهو كالعجز قبل الشروع ، ولو شرع موميا ثم قدر على الركوع والسجود استقبل ( زف ) ومن أغمي عليه أو جن خمس صلوات قضاها ( ف ) ، ولا يقضي أكثر من ذلك .


باب صلاة المريض

( إذا عجز عن القيام أو خاف زيادة المرض صلى قاعدا يركع ويسجد ، أو موميا إن عجز عنهما ، وإن عجز عن القعود أومأ مستلقيا ) وقدماه نحو القبلة .

[ ص: 105 ] ( أو على جنبه ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " يصلي المريض قائما ، فإن لم يستطع فقاعدا ، فإن لم يستطع فعلى قفاه يومئ إيماء فإن لم يستطع فالله أحق بقبول العذر منه " . وقال - عليه الصلاة والسلام - لعمران بن حصين : " صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنبك " ، ولأن التكليف بقدر الوسع ، والأفضل الاستلقاء ليقع إيماؤه إلى جهة القبلة ، ويجعل الإيماء بالسجود أخفض من الركوع اعتبارا بهما .

( فإن رفع إلى رأسه شيئا يسجد عليه إن خفض رأسه جاز ) لحصول الإيماء .

( وإلا فلا ) يجوز لعدمه .

قال : ( فإن عجز عن الركوع والسجود وقدر على القيام أومأ قاعدا ) لأن فرضية القيام لأجل الركوع والسجود ; لأن نهاية الخشوع والخضوع فيهما ، ولهذا شرع السجود بدون القيام كسجدة التلاوة والسهو ولم يشرع القيام وحده ، وإذا سقط ما هو الأصل في شرعية القيام سقط القيام; ولو صلى قائما موميا جاز ، والأول أفضل لأنه أشبه بالسجود .

قال : ( فإن عجز عن الإيماء برأسه أخر الصلاة ) لما روينا ، فإن مات على تلك الحالة لا شيء عليه ، وإن برئ فالصحيح أنه يلزمه قضاء يوم وليلة لا غير نفيا للحرج كما في الجنون والإغماء بخلاف النوم حيث يقضيها وإن كثرت ، لأنه لا يمتد أكثر من يوم وليلة غالبا .

قال : ( ولا يومئ بعينيه ولا بقلبه ولا بحاجبيه ) لأن فرض السجود لا يتأدى بهذه الأشياء فلا يجوز بها الإيماء كما لو أومأ بيده أو رجله بخلاف الرأس لأنه يتأدى به فرض السجود . وقال زفر : يومئ بالقلب لأنه يتأدى به بعض الفرائض وهو النية والإخلاص فيؤدى به الباقي . وجوابه أن الإيماء بالقلب النية ولا يقوم مقام فعل الجوارح كالحج .

[ ص: 106 ] قال : ( ولو صلى بعض صلاته قائما ثم عجز فهو كالعجز قبل الشروع ) معناه إذا قدر على القعود أتمها قاعدا ، وإن عجز فمستلقيا لأنه بناء الضعيف على القوي ، وإن شرع قاعدا ثم قدر على القيام بنى خلافا لمحمد بناء على ما تقدم أن صلاة القائم خلف القاعد تجوز عندهما خلافا له . ( ولو شرع موميا ثم قدر على الركوع والسجود استقبل ) لأنه بناء القوي على الضعيف ولا يجوز لما تقدم .

( ومن أغمي عليه أو جن خمس صلوات قضاها ، ولا يقضي أكثر من ذلك ) نفيا للحرج ، وذلك عند الكثرة بالتكرار ، وهو مأثور عن عمر وابنه والخدري .

مريض مجروح تحته ثياب نجسة وكلما بسط تحته شيء تنجس من ساعته يصلي على حاله مستلقيا ، وكذا إن كان لا يتنجس لكنه يزداد مرضه أو تلحقه مشقة بتحريكه بأن بزغ الماء من عينه دفعا لزيادة الحرج .

مريض راكب لا يقدر على من ينزله يصلي المكتوبة راكبا بإيماء ، وكذلك إذا لم يقدر على النزول لمرض أو مطر أو طين أو عدو لما روي : " أنه - عليه الصلاة والسلام - كان في مسير فانتهوا إلى مضيق فحضرت الصلاة فمطروا من فوقهم والبلة من أسفل منهم ، فأذن - صلى الله عليه وسلم - وهو على راحلته وأقام ، فتقدم على راحلته فصلى بهم يومئ إيماء ، فجعل السجود أخفض من الركوع " ، ولأنه إذا لم يقدر على النزول سقط عنه كحالة الخوف ، وإذا جاز للصلاة ركبانا ، ففرضهم الإيماء ؛ لأن الراكب لا يقدر على الركوع والسجود ولما روينا ، وإن قدر على النزول ولم يقدر على الركوع والسجود لأجل الطين صلى قائما بإيماء للعجز عن الركوع والسجود ، وإذا صلى راكبا يوقف الدابة ؛ لأن في السير انتقالا واختلافا لا يجوز في الصلاة ، وإن تعذر عليه إيقافها جازت الصلاة مع السير كما في حالة الخوف .

[ ص: 107 ] ومن كان في السفينة فإن قدر على الخروج إلى الشط يستحب له الخروج ليتمكن من القيام والركوع والسجود ، وإن صلى في السفينة أجزأه لوجود شرائطها ، فإن كانت موثقة بالشط صلى قائما ، وكذلك إن كانت مستقرة على الأرض لأنه مستقر في أرض السفينة فيأتي بالأركان ، وإن كانت سائرة يصلي قائما ، فإن صلى قاعدا وهو يستطيع القيام أجزأه وقد أساء وقالا : لا يجوز لأن القيام ركن فلا يجوز تركه وصار كما إذا كانت مربوطة .

وله ما روى ابن سيرين قال : أمنا أنس في نهر معقل على بساط السفينة جالسا ونحن جلوس ، ولأن الغالب فيها دوران الرأس ، والغالب كالمتحقق كما في السفر لما كان الغالب فيه المشقة كان كالمتحقق في حق الرخصة كذا هنا ، بخلاف المربوطة لأنها تأخذ حكم الأرض ، فإن استدارت السفينة وهي سائرة استدار إلى القبلة حيث كانت لأنه يقدر على الاستقبال من غير مشقة فلا يسقط كالمصلي على الأرض ، بخلاف الراكب ؛ لأن الاستقبال يتعذر عليه إذا كان يقطعه عن طريقه فيسقط للعذر ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية