صفحة جزء
فرع

في الكتاب : لا تقسم الثمار مع الأصل ، وإن كان التمر بلحا أو طعاما ، ولا الزرع مع الأرض بل تقسم الأرض والأصول ، ويترك الثمر والزرع حتى يحل بيعها فيقتسمان عينهما أو ثمنهما حذرا من طعام وأرض بطعام وأرض .

قاعدة : إذا اتحد جنس الربا من الطرفين وكان معهما أو مع أحدهما عين أخرى ربوي أم لا ، امتنع البيع لعدم تحقق التماثل بإمكان التوزيع على وجه ينافيه ، والقسم بيع ، فروعي حالة كمال الزرع . قال : ولا يقسم الزرع فدادين ولا مزارعة ولا قتا ولكن كيلا ; وإنما يجوز بيع الزرع مع الأصل بعين أو عرض كان الزرع أقل من ثلث قيمة الأرض أم لا ، فإذا حل بيع ثمر النخل والعنب جاز في القسم كيلا لا خرصا تحقيقا للتماثل إلا أن تختلف حاجتهم فيريد أحدهم الأكل والآخر التجفيف فيجوز الخرص ممن يعرفه ، وعلى كل واحد سقي نخله ; وإن كان ثمرها لغيره إذا كانوا قد اقتسموا الأصل قبل الثمر ; لأن على صاحب الأرض سقيه إذا باع ثمرته ; وإن لم يطلب ثمر النخل والعنب لا يقسم بالخرص بل يجذ ويقسم كيلا تحقيقا للتماثل ، ولا يقسم البقل بالخرص ، ولا فواكه الشجر وإن اختلفت لعدم الانضباط فيها بالخرص .

[ ص: 216 ] فائدة : : في التنبيهات : القت ، بفتح القاف : الحزم والقبض ، وأصله الجمع ، وكل ما جمعته فقد قتته ، والخرص ، بالفتح ، اسم الفعل والمصدر ، وبالكسر اسم المخروص . وقال : حمل سحنون منعه قسم الزرع والبلح خرصا مطلقا ، وأنكره ابن عبدوس وقال : إنما منعه على التأخير دون الجذ لقوله " يجوز بيعه بالخرص على الجذاذ " . وفي النكت : البقل القائم ، والزرع القائم ، والبلح الصغير ألفاظ الكتاب فيها مختلفة ، وهي سواء ، تنقسم على التفصيل البين . . . . . جذاذ . . . . . . بينهم في قسم الثمرة بالخرص وهي مزهية أو بلح كبير دون غيره . . . . . تحصيلا لمصلحته في تمييز حقه ، وإلا أقدم طالب البقاء ، ولا يقسم بالخرص إلا عند التراضي ، والفرق : أن طالب البقاء في المزهية يقدر عليه بعد . . . . . . البقاء إلى الكمال يفسد القسم ، قاله بعض القرويين ، ولو اقتسما البلح الصغير . . . . . . ثم أكل أحدهما حصته أو بعضها ، وأزهى نصيب الأخرى انتقضت القسمة ، ويرد الأول قيمة ما قبض على الجذ لا على الرجاء والخوف بخلاف من اشترى بلحا على أن يتركه حتى يطيب ، وكان البيع فاسدا ، ثم جذه ، هذا عليه قيمته على الرجاء والخوف ; لأنه على الترك دخل والقاسم دخل على الجذ ; وإن اقتسما البلح الصغير ثم تركاه حتى كبر : ففي الكتاب : إن اقتسماه على تفاضل أو كان إذا كبر تفاضل فسد القسم لأنه بيع طعام بطعام متفاضلا ، ولو اقتسما البلح الصغير وأكل أحدهما حصته وبقي نصيب الآخر حتى صار كبيرا لا ينتقض القسم ; لأن البلح الصغير والكبير متفاضلا جائز اقتسما على تفاضل أم لا ، بخلاف مسألة الكتاب تركاه جميعا حتى صار بلحا كبيرا . فآل الأمر إلى كونه بلحا كبيرا وهو لا يجوز التفاضل فيه ، يفسد القسم إذا اقتسما أولا على التفاضل ، أو كان إذا كبر تفاضل . قال التونسي : عن مالك : تقسم الثمار كلها بالخرص إذا وجد من يعرف ذلك وطاب وحل بيعه واختلفت الحاجة ، ومنع ابن عبدوس قسمة الثمر بالخرص .

[ ص: 217 ] لتوقع الربا . وقال عبد الملك : أجاز أصحابنا قسم الثمار التي يستعجلها أهلها بالخرص وكره قسمة الثمار الكثيرة لعدم الضرورة ، وأنكر سحنون قسم البلح الكبير خرصا إذا أراد أحدهم بيعه والآخر أكله ، ولم يره اختلاف حاجة لأن الذي يبيع يجذ فقد اجتمعا على الجذ ; لأن تركه يبطل القسم ، وخالف ابن القاسم وأشهب . قال التونسي : يجوز قسم البلح الكبير بالتراضي مع اختلاف الحاجة بخلاف الرطب لأن الرطب يترك حتى يثمر فلا فساد في ذلك ، والبلح لا يقدر من لم يرد الأكل أن يتركه حتى ييبسه فكان ذلك فسادا فلم يلزم من أبى القسم بذلك ، وأجاز التراضي في ذلك وهو طعام بطعام للضرورة ولو كان ذلك تمييز حق لم ينقض القسم بالزهو ، وقد نقض إذا أزهي ; وانظر هل فيه جائحة لو أجيح نصيب أحدهما ؟ نقلها عبد الملك ، ومالك وابن القاسم سلكا بالقسم تارة البيع وتارة التمييز ، فأجازا قسم النخل دون زهوها وفيها ثمرة لم تؤبر ( ولو كان بيعا امتنع لأن كل واحد باع نصفه بنصف صاحبه على أن استثنى ثمرته التي لم تؤبر ) وقال في البلح الكبار : ينتقض قسمه بالإزهاء وكذلك الصغير .

ولو كان تمييز حق لما انتقض ; لأن كل إنسان أخذ ملكه يفتصل به ، وأجاز قسم البلح الصغير بالتحري لتعذر كيله ، وهو مما أصله : الخرص ، فإذا خرج من حد الخطار جاز ; وإن فضل أحدهما صاحبه بالأمر البين جاز ; لأنه ليس بطعام ، ولا يبقى حتى يصير طعاما . قال ابن يونس : إذا اقتسما الثمرة كما تقدم لا بعد قسم الأصول ، فعلى كل واحد سقي نخله ; وإن كان ثمرها لغيره ، وقال سحنون : السقي على [ ص: 218 ] رب الثمرة لأن القسم تمييز حق لا كالبيع فكان ما طاب لها هو نصيبه ; وإنما كان السقي في بيع الثمرة على البائع لأنه باعها على حياتها من الماء ، ولأنه يسقي نخله ، وأما من قاسم أصل حائطه ( دون شربه ) فالسقي على البائع ; لأن المبتاع لا يسلم له الأصل حتى يجذ البائع ثمرته ، قاله مالك ، وقال المخزومي : على المشتري للأصل ; لأنه يسقي نخله فتشرب ثمرة هذا ، قال ابن حبيب : تقسم الثمار كلها بالخرص إذا بدا صلاحها إذا اختلفت الحاجة إليها . ،

وإن لم تختلف أو يبست في شجرها فلا تقسم إلا كيلا ، قاله مالك وأصحابه إلا ابن القاسم لم يجز الخرص إلا في النخل والكرم ; وإنما كره مالك قسم ما لا يدخر من الفواكه خرصا في شجره لعدم التقابض في الوقت ، فيجمع هذا اليوم وهذا غدا فيلزم غدا ربا النسأ ، فلو جذاه جميعا قبل التراضي جاز بالتحري في شجره بالتعديل والتفاضل لجواز التفاضل فيه ، ولذلك منع من قسم البقل قبل الجذ خرصا لعدم القبض فيصير طعاما بطعام لا يدا بيد ، فلو جذاه قبل التفرق جاز ، وقاله سحنون لقوله في قسم الزرع الأخضر : وبيع فدان كراث بفدانين ، قال ابن حبيب : إلا البصل والثوم لأنهما يدخران فيمنع فيها التفاضل فلا يقسمان تحريا أخضرين ولا يابسين ، ويقسمان يابسين عددا وكيلا ، قال ابن يونس : ليس قسمه عددا يدخله التفاضل ، والصواب : قسمه وزنا ، قال ابن حبيب : إن اختلفت حاجاتهم إليه وهو أخضر قائم بلغ الانتفاع قسم خرصا كمدخر الثواب . قال اللخمي : يجوز القسم على التعديل في الثمار والتفاضل على وجه المكارمة فيذكر أحدهما خمسة أوسق والآخر عشرة ، كما يأخذ أحدهما من صبرتهما ستين والآخر أربعين إلا أن يكون [ ص: 219 ] فضل الكيل لمكان الزيادة ، وجعل مالك البلح الصغير كالعلف فيجوز متفاضلا ، وجعله ابن القاسم كالبقل ، قال : وأرى اعتبار العدد في ذلك الموضع إن كان العلف والأكل قليلا فهو كالعروض ، أو للأكل غيره نادرا وكلاهما كثير فكالطعام ، وإذا كان كالعلف جازت المقاسمة ، وإن لم تختلف الحاجة أو للطعام فلا ؛ إلا أن يجذا معا ، ويجوز متساويا ومتفاضلا إلا أن تختلف الحاجة فيجذ إحداهما دون الآخر ، والاختلاف في قسم الفواكه بالخرص اختلاف في عادة لا فقه ، فمتى كان قوم لهم عادة بخرصها جاز ، وإلا فلا ، ومنع ابن القاسم قسم البقل إذا اختلفت الحاجة فيه كمنع مالك الخرص فيما يجوز فيه التفاضل كالتفاح ، وأجازه أشهب إذا بدا صلاحه ، وليس مثل الزرع لدخول التفاضل فيه ، ولا يحاط به ، فمنعه ابن قاسم إذا لم يعرف الخرص ، وأجازه أشهب إذا تباين الفضل وخرجا من حد الخطر ، وهو قول ابن قاسم في قسم اللبن يحلب كل واحد غنما ناحية إذا فضل أحدهما الآخر على وجه المعروف ، ومنع سحنون لأنه بيع طعام بطعام ، وليس يدا بيد ، ولو طلباه قبل التفرق جاز ، والأول الصحيح ; لأن المعروف يسقط الربا كالقرض في النقدين إلى أجل إجماعا ، قال مالك : كل ما يحرم فيه التفاضل لا يقسم بالتحري رطبا ولا يابسا حذرا من الربا ، ومنه السمن والعسل والبيض لأن التحري يحيط به ، وكل ما يجوز فيه التفاضل يجوز تحريه في شجره وعلى الأرض ، وقال أشهب : يجوز التحري في كل ما يوزن كالخبز واللحم ; لأن المكيال لا يفقد غالبا ولو بالأكف ، ولا يصح قوله ; لأنه لو باع عشر حفنات بكذا امتنع ، وقسمه جزافا أقل ضررا من الحفنات ، ومتى كانت الثمار غير مأبورة لم يجز القسم بحال ; لأن إطلاقه يدخل الثمار وهي تئول إلى الطعام ، ويمتنع استثناؤها على البقاء بالإبار ; لأن استثناء ما لم يؤبر في البيع لا يجوز ; وإن كانت مأبورة أو بلحا صغيرا أو كبيرا أو زهوا فإطلاق القسم على الجواز لعدم دخولها وبقائها على الشركة ، ويمتنع اشتراط دخولها لأنها تئول إلى الطعام فهي طعام بطعام نسيئة ، ومع التفاضل البلح [ ص: 220 ] الكبير ; فإن استثني أحدهما والآخر بلح صغير أو كبير أو زهو أو أحدهما بلح كبير والأخرى زهو ، فإطلاق القسم على الجواز ؛ والثمار غير داخلة في القسم ; فإن اشترط دخولها في القسم امتنع ; وإن اشترط إحداهما وبقيت الأخرى على الشركة جاز ; وإن كانت إحداهما مأبورة والأخرى غير مأبورة ; لأن إطلاق القسم على الجواز ، وغير المأبورة داخلة في القسم لمن هي في نخله ، والمأبورة مبقاة على الشركة ; وإن استثناء ما لم يؤبر ولم يدخلاها في القسم امتنع ; وإن اشترطت المؤبرة وأدخلاها في القسم امتنع ، هذا كله عند ابن القاسم ، وقيل : يجوز جميع ذلك وهو أحسن إذا لم تبلغ إلى حد تحريم التفاضل كالبلح الكبير والزهو .

التالي السابق


الخدمات العلمية