صفحة جزء
[ ص: 325 ] فرع

في الكتاب : إذا دفعه في خلع أو نكاح أو دم عمد أخذ بالقيمة لتعذر الثمن ، أو دم خطأ فبالدية لأنها مقررة ; فإن كانت العاقلة أهل إبل فبقيمة الإبل ، أو أهل ورق وذهب فبذهب أو ورق ينجم على الشفيع كما ينجم على العاقلة .

قال صاحب التنبيهات : قوله : أخذ بقيمة الإبل ، قال سحنون : معناه تقوم الإبل على أن تقبض في آجالها وقبض القيمة الآن نقدا ، وقيل : متى حلت سنة قوم ثلث الإبل حينئذ وقبض ، واعترضه سحنون بأنه يبيع الدين بالدين ، وعن سحنون أيضا : تؤخذ بمثل الإبل على آجالها لا بقيمتها ، لأنها أسنان معلومة ، وقال سحنون : إن كانت الدية عينا قومت بالعرض الذي قومت به ، وعلى قول ابن القاسم وأشهب : بل تشفع بالعرض الذي قومت به ، وعلى قول ابن القاسم وأشهب : يشفع بمثل العين ولا يقوم إن كان عديما إلا بحميل ثقة كما قال فيمن اشترى بالدين يشفع فيه ; فإن لم يأت بحميل ثقة : فعلى قوله في كتاب محمد : لا يشفع ، وعلى قول ابن نافع : يشفع ما لم ينقض الأجل ، وقال في الكتاب : لا أرى الصلح على القذف ، لأن الحدود التي هي فيه إذا بلغت السلطان لا يعفى عنها ، ولا يصلح فيها الصلح على مال انتهى بها للسلطان ، قال صاحب التنبيهات : قال سحنون : بل يجوز الصلح ، قال فضل : ويكون فيه الشفعة قبل انتهائه على أحد الأقوال في جواز العفو بعد البلوغ إلى السلطان ، قال حمديس : لا فرق بين حقوق بدنه وعرضه ، وإن منعت مكارم الأخلاق من ثمن العرض ، وقال أشهب : الحدود التي لا يشرع فيها الصلح هي التي لا يشرع فيها العفو ، كالسرقة والزنا ، وما عفي فيه صولح فيه لأنه حق ، فيتمكن من التصرف فيه بالعفو فيتصرف فيه بالعوض كإبراء الدين . وفي النكت : قال : الفرق بين أخذه عن دية الخطأ وبين ذهب وورق : إنما يأخذ بالدية ، وبين أخذه عن الدية وهي إبل ، إنما يأخذ بقيمة الإبل بخلاف من اشترى شقصا بعروض مضمونة إنما يأخذ بمثل تلك العروض أن الدية في الإبل غير محصلة في الصفة والمقدار ، وإنما هي أسنان فكان الغرر أكثر . قال التونسي : لم يتكلم سحنون على القاتل خطأ يصالح بشقص على أن تكون له الدية على العاقلة وهو غرر لعدم ضبط صفاتها ، قال ابن يونس : يريد في دم العمد لا يجوز الإشفاع إلا بعد معرفة [ ص: 326 ] القيمة ، وقال الشافعي : الإشفاع بالنكاح بمهر المثل . لنا : أن النكاح لا ينضبط في زيادته ونقصانه للمكارمة فيلغى وتعتبر القيمة ، وقد يكون مهر المثل ألفين فتسامحه الزوجة فتأخذ ما قيمته مائة يجحف بالشفيع ، وعكسه يجحف بالمرأة ، وقيمة الشقص لا قيمة فيها على أحد ، وقال سحنون : لا يجوز أخذ شقص في نصف الدية ولا غيره حتى يحكم فيه حاكم ، لأنه مفوض إليه لتردده في تأجيله بين السنة والسنتين ، لأن الجميع في ثلاث سنين ، وقال في التصالح عن جميع الدية على شقص والعاقلة أهل ذهب أو ورق يجوز ، ويرجع عند ابن القاسم بالأقل من قيمة ، أو الدية إن كان صلحه عليهم ، أو أهل إبل ; فإن كان القاتل يعطي الشقص ولا يرجع على العاقلة جاز ، أو يرجع عليهم امتنع لأنهم مخيرون في ذلك ، قال التونسي : إذا صالح على موضحتين : عمد وخطأ ، قال ابن القاسم : يأخذه بدية الخطأ وهي خمسون دينارا ونصف قيمة الشقص ، فقسم الشقص على الموضحتين ، والعمد لا دية له إلا ما اصطلحوا عليه ، وهو غير منضبط ، وإن صالحه على شقص وعشرة دنانير على هذا كانت العشرة من الخطأ محطوطة وبقي منه أربعون ، والعمد خمسون ، ويأخذ الشفيع بأربعين وخمسة أتساع قيمة الشقص ، لأنه بقي من الخطأ أربعون مع الخمسين في العمد ، وذلك تسعة للعمد خمسة ، ولو صالحه على عرض وشقص فالعرض من العمد والخطأ ، إذ ليس من جنس ما يجب في الخطأ ولم يختص بأحدهما ; فإن كانت قيمته عشرين : فأربعين ونصف قيمة الشقص ، قاله يحيى بن عمر ، وقال أصبغ : إن كانت قيمة العرض مثل قيمة الشقص فالشقص عن نصف الموضحتين فيأخذه بنصف موضحة الخطأ : خمسة وعشرين ونصف قيمة الشقص ، وإن كانت قيمته خمسين فأقل أخذه بخمسين موضحة الخطأ ، وإن كان العمد عنده لم يأخذ عنه شيئا لأنه إنما يجعل الزائد على ذلك الخطأ وهو المأخوذ عن العمد ; فإن كانت قيمته ستين أخذه بخمسين وسدس قيمة الشقص ، لأن العمد عنده إنما يكون له الفضل ، وعلى مذهب المخزومي : الشقص [ ص: 327 ] كله للعمد ، وقول ابن نافع : لم يحمل على دية الموضحة الخطأ ; فإن قيمته حمل عليه موضحة الخطأ وذلك خمسون ، فصار العمد ثلثا الشقص فيؤخذ الشقص عنده بخمسين وثلثي قيمته ، وإنما شبهه بالمجهولات التي تكون في الوصايا ويحمل على ذلك المعلومات ، وجعله ابن القاسم مأخوذا عن الجملة لو كانت قد صولح عليها فجعله كالمعلومات ، ويلزم على قوله : لو صالح به على موضحة خطأ ونفس عمدا : أن يأخذ بخمسين دينارا دية الخطأ ، وبقيمة عشرين جزءا من الشقص من أحد وعشرين ويضيف إليها موضحة الخطأ وهي خمسون ، فيجمع ذلك أحد وعشرون ، ولو دفع الجارح عبدا وأخذ من المجروح موضحتين شقصا فعلى قياس قوله : إن كانت قيمة الشقص خمسين صار المجروح دفع موضحة خطأ بخمسين ، وموضحة عمد بمثل ذلك لتساويهما عند ابن القاسم ، وشقصا بخمسين ، وأخذ من جملة ذلك عبدا ، فيؤخذ الشقص بثلث قيمة العبد ، ساوى العبد أكثر أو أقل ، وعلى مذهب ابن نافع : تعتبر قيمة العبد إن كانت مائة فأقل ، فليس للعمد شيء ، وكان العبد مأخوذا عن الشقص وموضحة الخطأ خاصة ، فيؤخذ الشقص بنصف قيمة العبد ، وإن كانت قيمة العبد مائة وخمسة وعشرين فللعمد خمس العبد ، وللشقص خمساه ، فيأخذه بخمسي قيمة العبد ، وعلى قول المخزومي : إن كانت قيمته مائة كان عن موضحة العمد خاصة ، ويحمل عليه موضحة الخطأ وقيمة الشقص وهي خمسون ، صار الجميع مائتين ، فالذي ينوب الشقص ربع قيمة العبد فيشفع بذلك ، قال ابن يونس : جعل المخزومي الشقص في الموضحتين يحمل دية الخطأ على قيمة الشقص ; فإن كانت ثلث الجميع شفع بخمسين وثلثي قيمة الشقص ، وكذلك فيما قل أو كثر من الأجزاء ، لأنه لو صالح عن موضحة عمد فقط كان الأخذ بقيمة الشقص ، فصارت قيمته كلها قيمة موضحة العمد ، ولو دفعه عن موضحة الخطأ أخذ بخمسين دينارا دية الخطأ ، فلما اجتمعتا ضرب في قيمته لموضحة الخطأ بديتها ولموضحة العمد بقيمة الشقص كمن أوصى بمعلوم ومجهول ; فإن جميع ذلك في الثلث ، ويضرب للمعلوم ويقدر المجهول الثلث ، ويلزم ابن القاسم أن يعطى المجهول في الوصايا كوقيد المسجد نصف الثلث ، قال محمد : ولو أخذ من موضحة خطأ شقصا ودفع [ ص: 328 ] خمسين فالأخذ بمائة ، وإن أعطى المجروح في دية العمد عشرة دنانير ; فإن كانت قيمته خمسين : فعلى الشفيع عشرة وأربعة أخماس قيمة الشقص ، أو ستين فعشرة وخمسة أسداس قيمة الشقص ، وكذلك ما لم تنتقض القيمة من العشرة فلا تنتقض وهو قياس قول ابن نافع ، ومتى وقع مع الشقص عرض أو مال في النكاح أو الخلع أو دم لم يأخذ إلا بقيمة الشقص ما بلغ ، إن كانت قيمته ربع ما وقع معه أو أقل . وقال ( ش ) : لا يصح الصلح على دم العمد أو الخطأ إلا أن تكون الإبل موجودة ومعروفة السن ، فإذا صح فيه الشفعة .

تمهيد : قال اللخمي : الشفعة بمثل الثمن في الدنانير والدراهم والمكيل والموزون ، وأما العرض وغير ذلك من غير المثليات ; فإنه أقسام : الأول : عرض أو عبد بعينه ، فقيمته يوم البيع لا يوم الإشفاع . الثاني : موصوف في الذمة حال فبمثله الآن . الثالث : الصداق ، قيل : بالقيمة ، وقيل : بصداق المثل قياسا على استحقاق الشقص ، قيل : يرجع بقيمته أو بصداق المثل . الرابع : الخلع ودم العمد فبالقيمة . الخامس : صالح عن دعوى في دار أو عبد ، والمدعى عليه منكر ، فبقيمة المدعى فيه ، وقيل : لا شفعة ، لأن المدفوع به خصومة لا عوض محقق ، قال : والقياس : الاستشفاع بقيمته لأن قيمة المدعى فيه ظلم على الشفيع ، لأن العادة في الصلح على الإنكار لا يؤخذ ما يساوي المدعى فيه ، والمسامحة فيه أكثر من النكاح ، فإذا لم تأخذ المرأة صداق المثل فهذا أولى . السادس : هبة الثواب ، وقد تقدم حكمها . السابع : ثمن جزاف ، قال محمد : في الحلي الجزاف بقيمته ، الذهب بالفضة ، والفضة بالذهب يوم العقد ، لا يوم الأخذ ، وكذلك سائر الجزاف . الثامن : ما له مثل فيتعذر ذلك المثل فيرجع إلى القيمة . وقال مالك : يخير المشتري بين القيمة والصبر حتى يتيسر ، وفي النوادر : قال عبد الملك : إذا تزوجها بشقص وأخذ منها دينارا وفي ذلك فضل ما لا ينقص النكاح ، ضم الدينار إلى قيمة الشقص ; فإن كان من جمعيه العشر شفع بدينار وتسعة أعشار قيمة الشقص ، وكذلك بقيمة الأجزاء ; فإن أصدقها شقصا وعبدا وأخذ منها عبدا وعشرة دنانير وفي ذلك فضل مما لا يفسد النكاح ، ضمت العشرة إلى قيمة الشقص والعبد ; فإن كانت العشرة السدس فقد شغلت من العبد بسدس من الشقص ; فإن كانت قيمة الشقص [ ص: 329 ] أربعين ، وقيمة العبد عشرة فذلك مع العشرة التي أخذ ستون ، في شفعة بأربعة أخماس العشرة ، وبخمسة أسداس قيمة الشقص ، وقاله سحنون في الخلع ، وفي كتاب محمد : خالعته على دنانير على . . . . إن أعطاها شقصا ; فإن كانت قيمته أكثر من الدنانير أخذه بمثل تلك الدنانير ، أو أقل شفع بالأقل ، وكذلك لو دفعت له عرضا ، وإن كانت الدنانير منه والشقص منها فعلى الشفيع الأكثر من قيمة الشقص أو الدنانير ، وكذلك إذا أخذ المجني عليه عمدا شقصا ودفع مالا شفع بالأكثر ، وإن أعطى شقصا وأخذ مالا شفع بالأقل ، ولو جرحت زوجها موضحة خطأ ودفعت له عن الموضحة وعن الخلع شقصا شفع بالأكثر من دية الموضحة الخطأ أو قيمة الشقص ، ولو دفع الجارح أو المختلعة شقصا ومالا ، أو شقصا وعرضا ، أو شقصا وجرحا ، فالشفعة بقيمة الشقص ما بلغت ، وقال ( ح ) : لا شفعة في شقص تزوج أو خالع أو استأجر به دارا أو غيرها ، أو صالح به عن دم عمد أو أعتق عليه عبدا ، ولا يشفع إلا في مبادلة المال بالمال ، ولا في المصالح به على إنكار ، ووافقنا ( ش ) في الإجارة والنكاح والخلع . لنا : ظواهر النصوص المتقدمة ، ولأنه جعل بدل الشقص ما يضمن بالعقد والإتلاف ، فأشبه الإرث ، أو المعاوض عليه بحمر أو الهبة ، فهي ثلاث أقيسة .

والجواب عن الأول : الفرق بأن الإرث لا يتهم بإدخال الضرر بخلاف صورة النزاع .

والجواب عن الثاني : أن البيع في تلك المعاوضة باطل ، وهاهنا المعاوضة ثابتة .

والجواب عن الثالث : أن الشفعة في الهبة عندنا ولو سلمنا عدمها ، لكن المعاوضة في صورة النزاع بخلاف الهبة ، فصورة النزاع أشبه بالبيع من الهبة ، فتلحق به أولى ، ولأنه يلزم تقويم البضع على الأجنبي وهو ضرر بالشفيع ; فإنه حد [ ص: 330 ] تسامح فيه . وأجابوا عن هذا الوجه ، بأنه يقوم على المكره والراجع عن الشهادة بالطلاق ، مع قيام ما ذكرتم .

فرع

في الكتاب : إذا أكرى بشقص أخذ بمثل الكراء لتلك الدار من مثل صاحبها إن مضمون فمضمون ، أو معين فمعين ; فإن أخذ بذلك ثم مات الآجر أو انهدم المسكن بعد مضي نصف السكنى أو العمل ، إن كان المستأجر أجيرا رجع بقيمة نصف شفعته ، لأن أخذ الشفيع فوت ، قاله ابن يونس ، وقال أشهب : إذا ماتت الإبل المستأجرة في نصف الدار رجع المكري على الشفيع بما رجع به رب الشقص عليه ، فيقاصه بنصف ما كان منه من قيمة كراء الإبل إلا أن يكون كراؤها أكثر من قيمة الشقص فيكون الشفيع هو الراجع عليه بنصف كراء إبله ، ويدع له من ذلك نصف قيمة الشقص ، وهو على أصل عبد الملك : إذا اشترى شقصا بعبد فيشفع بقيمته ، ثم استحق العبد .

التالي السابق


الخدمات العلمية