صفحة جزء
فرع

قال : وكذلك موصى له طرأ على موصى لهم أخذوا وصاياهم وبقيت فضلة فيها نصيب الطارئ أخذها الورثة فإنها تحسب عليه ولا يتبع بها إلا الورثة ، وإن لم يكن فيما صار إليهم وفاء وصيته رجع على أصحابه بما بقي ، يتبع كل واحد بما يصير عليه منه لا عن المعدم ، مثل أن يوصي لثلاثة بمائة مائة والثلث مائتان وخمسون ، أخذ الحاضران مائتين والورثة خمسين ، فحصة الطارئ ثلاثة وثمانون وثلث ، يحسب عليه منها عند الورثة خمسون يطلبهم بها وعلى كل واحد من الموصى لهما سبعة عشر إلا ثلثا لا يأخذ مليئا عن معدم ، وله أخذ الوارث المليء بجميع ما أخذ من الخمسين ، ثم يتبعان جميعا بقية الورثة ، وكذلك كل من يرجع على وارث من غريم أو موصى له يستوعب من المليء جميع ما صار له ، وأما غريم على غريم ، أو موصى له على موصى له فالمليء كالمعدم ، ولا يعطي المليء حصة المعدم لتعذر استحقاق كليهما ، والوارث لا يستحق إلا بعد الوصية فقبضه ضعيف .

وأما وارث على وارثين فقال مالك ، وابن القاسم : [ ص: 223 ] كغريم يطرأ على غرماء وموصى على موصى لاستواء الجميع في سبب الاستحقاق ، يقاسم الوارث الطارئ من وجد مليئا بجميع ما صار إليه كأن الميت لم يترك غيرهما ، ثم يرجعان على الباقين ، فمن أيسر قاسموه ، ثم يرجع هذا معهم هكذا حتى يعتدلوا ، قال محمد : والغريم يطرأ على موصى لهم أو ورثة يأخذ المليء بجميع ما صار إليه ، ومتى قال الوارث : تلف مني ما أخذت ، صدق فيما لا يغاب عليه إلا إن تبين كذبه .

فرع

قال : لو ترك ولدين وعبدين فأخذ كل واحد عبدا إما قسمة أو بيعا ، فمات أحد العبدين ، ثم طرأ أخ ، قالابن القاسم : أما القسمة فباطلة ويدخل جميعهم في العبد الباقي ، قال محمد : وأما لو كانا أخذاهما بشراء ، أو من صاحبه ، أو من وصي ، مصيبة نصف العبد الميت بين الثلاثة ، وهو النصف الذي لم يشتره ، والنصف الذي اشتراه منه وحده ، ثم نصف العبد الحي الذي لم يقع عليه الشراء ، الطارئ يخير في إمضاء بيع نصيبه منه وهو السدس منه ، فإن أمضاه رجع بثمنه على من قبضه ، ونصف الميت المشترى ضمانه من مشتريه ، ويرجع الطارئ بثمن ما استحقه من هذا النصف المبيع على أخيه البائع ، ويخير أيضا عليه في العبد الحي الذي بيده ، إن شاء أخذ ثلثه وهو سدس نصف العبد الذي لم يبع ، ويرجع هذا على الذي مات العبد بيده بثلث ما كان دفع إليه في ثمن العبد الحي ; لأن مشتري العبد إنما وقع شراؤه على نصفه ، وكأن النصفين من العبدين بيعا ، والنصفين قسما ، فما بيع ضمنه مشتريه ، وما قسم فسخ ، ومصيبته من جميع الورثة .

فرع

قال : قال ابن القاسم : ما سكن الوارث من الدور أو اغتل ظانا ألا وارث معه لا يرجع عليه فيما سكن ، وكذلك الأرض ، ويرجع في الغلة علم أن معه وارثا أو لا .

[ ص: 224 ] فرع

قال : قال ابن القاسم : إذا قتل عمدا وترك ولدين ومائة دينار ، وعليه مائة دينار ببينة ، فعفا أحدهما عن الدم مجانا ، وأخذ الآخر نصف الدية يدفع الدين من نصف الدية وسدس المائة ، فيبقى من الدية خمسة أسداسها بيد الولدين نصفين ، ولغير العافي ما بقي له من نصف الدية وهو أربعمائة وستة عشر وثلث ، وفي رواية عيسى : تقسم المائة الدين اثني عشر جزءا فعلى غير العافي أحد عشر جزءا ; لأن له خمسمائة من الدية ونصف المائة التركة ، وللذي عفا نصف المائة عليه فيها نصف سدس الدين ، وذلك ثمانية وثلث ويبقى له أحد وأربعون وثلث ، وللآخر بعد الدين بسبب الدية والميراث أربعمائة وثمانية وخمسون وثلث .

قال سحنون : ولو ترك مدبرا عتق في جميع هذا المال حتى يبلغ الثلث بعد الدين ، ولو عفيا ولا مال للميت فلا مقال للغرماء ونفذ إلا في الخطأ يمتنع حتى يأخذ الغرماء دينهم من الدية ، ولا يجوز عفو المقتول في الخطأ إلا في الثلث ، ويجوز في العمد ; لأنه قصاص لا مال ، ويجوز عفو وارث المديان في العمد ، ولا يجوز عفو وارث آخر مديان لسقوط الدم بالأول وتعينه مالا ، وغرماء الثاني أحق إلا أن يكون الميت مديانا ، ولو لم يعف بعد عفو الأول أحد لكان غرماء المقتول أحق بما بقي من الدية ، وللميت مال آخر يوفي دينه قضي دينه منه ومن بقية الدية بالحصاص .

فلو ترك ألفا وعليه دين وعفا أحدهما في العمد وأخذ غير العافي نصف الدية ستة آلاف تضم إلى الألف التركة ويقضى الدين على ذلك كله ، فما وقع على الألف التي ترك خرج منها ، وباقيها بينهما ، ويرجع ذلك إلى أن يخرج الدين من الجملة ويقسم ما بقي بين الاثنين على أربعة عشر ، للعافي سهم والباقي للآخر ، ولو أن الدين ثلاثة آلاف وخمسمائة وأوصى بألف فنصف السبعة آلاف في الدين ، فيصير على الألف التركة نصفها ، ونصف الباقي فيه الوصايا في ثلثه ; لأن الوصية لا تدخل إلا فيما علم الميت ، فيأخذ الموصى له ثلث [ ص: 225 ] الخمسمائة ، وبقية المال كله بين الولدين على عشرين ، للعافي جزء وهو نصف العشر ، ولغير العافي تسعة عشر .

فرع

قال : ولو ترك عبدا يسوي ألفا وعليه ألف فباعه القاضي وقضى دينه ، ثم عفا أحدهما وأخذ الآخر ستة آلاف درهم نصف الدية ، رجع أخوه عليه بنصف تسعها : أربعمائة وثمانية وعشرون وأربعة أسباع درهم ، ولو لم يقم الغريم حتى قبض الابن الستة آلاف فأخذ منه الغريم ، فإن العبد بين الولدين نصفين ، والخمسة آلاف الباقية للأخ غير العافي ، ويرجع على العافي بنصف سبع الألف الدين : أحد وتسعون درهما وثلاثة أسباع درهم ، فإن وداها وإلا بيع من نصيبه من نصف العبد بقدر تلك .

فرع

قال : لو ترك ابنا وابنة وزوجة ودينا ألفا ومالا ألفا ، فعفا الابن عن الدم على الدية فإنه يدخل فيه الابنة والزوجة بالميراث ، والدين في الدية والمال وما بقي قسم على الفرائض .

قال : لو عفا أحدهما ، ثم لحق دين اتبع به الذي لم يعف في نصف الدية دون العافي .

قال : وهب المريض عبده وقيمته ألف ولا مال له غيره فقتل العبد المريض وله ابنان ، فهبته كالوصية قبضت أم لا . فللموصى له ثلث العبد ، فإن استحيوا العبد على أن يكون لهم فضت الدية على العبد ، فثلثا الدية على ثلثي الورثة فيسقط ذلك ، وثلث الدية على ثلث العبد ، فيخير الموهوب له في فدائه بثلث الدية أو يسلمه ، فإن أجازوا الوجية صار العبد للموهوب له والدية في رقبته ، فإما يفديه [ ص: 226 ] بها أو يسلمه للورثة ، فإن عفوا على غير دية وقد أجازوا الوصية فالعبد للموهوب له ، وإن عفوا على غير دية وأبوا من إجازة الوصية فثلث العبد للموصى له ، وثلثاه للورثة ، وإن عفا أحد الابنين على الدية فكما تقدم أو أحدهما على غير دية فلغير العافي شطر الدية في رقبة العبد ، فإن أجازوا الوصية فهي للموهوب له في فداء نصفه من غير العافي بنصف الدية أو يسلمه عليه ، فإن فدى نصفه بنصف الدية لم يكن لغير العافي من نصف الدية المأخوذ شيء ، وإن منعوا الوصية فالعبد بينهم أثلاثا ، وإن عفا أحدهما على الدية سقط على العبد ثلثا الدية ، ويفتك الموهوب ثلثه بثلثها ، فيكون هذا الثلث بين الابنين شطرين . وإن عفا أحدهما على غير دية وجب لغير العافي شطر الدية في العبد ، وله من العبد ثلث الدية ، ويسقط عن ثلثه نصف ثلث الدية وهو السدس ، فيخير الموهوب له في فداء ثلث العبد بثلث النصف سدس الدية في قول المغيرة ، وعند ابن القاسم في إسلام نصف ثلث العبد الدية أو يفتكه بها فيكون ذلك لغير العافي ، فإن أسلمه إليه لم يكن للعافي شيء ، وكذلك يخير العافي فيما صار له من العبد ميراثا أن يفديه بسدس الدية التي لأخيه غير العافي ، أو يسلمه على ما تقدم من الخلاف . وإن أجاز العافي الوصية وعفا عن غير دية وامتنع الآخر من الإجازة صار للموهوب ثلثا العبد وثلث للأخ غير العافي ، ولغير العافي شطر الدية في رقبة العبد ، ويسقط من ذلك ثلث النصف : سدس الدية ، ويخير الموهوب له في فداء ما صار له ، وإسلامه على الخلاف .

فرع

قال : قال ابن القاسم : إذا قتل عمدا وترك مائة دينار ودينا مائة ووصايا ، فعفي على الدية فالدين في المائة ، والدية للورثة وتبطل الوصايا . ولو ترك مائة دينا ومدبرا قيمته مائة . قال محمد : للعافي نصف سدس أربعمائة من نصف الدية ; لأن المدبر يخرج ويأخذ المديان مائة وتبقى أربعمائة تقسم بينهما على ما كان لكل واحد من أصل المال لو لم يكن دين ولا مدبر ، وهو ستمائة : منها خمسمائة لغير العافي ونصف المائة التي تركها الميت ، ونصفها لأخيه ، وعلى القول الآخر : تقسم الأربعمائة على سبعة عشر سهما ، للعافي سهم والباقي لأخيه .

[ ص: 227 ] فرع

قال في الموازية : إذا مات عن زوجة وأخ ولها عليه مائة ، وترك خمسين ومائة فأقرت لفلان " مائة " على زوجها ; فينوبها منها سبعة وثلاثون دينارا ونصف ; لأن إقرارها يلزم أخاه وتبقى له عند الأخ سبعة وثلاثون ونصف ; لأن الذي لها بالحصاص خمسة وسبعون فتحبسها وقد أخذت مائة بالدين واثني عشر ونصفا بالميراث ، فتعطي لمن أقرت له مما بيدها ما زاد على خمسة وسبعين ، وهو ما ذكرته وتحسب على الذي أقرت ما ورث الأخ ، فإن طرأ غريم آخر بمائة ببينة دخل مدخل الذي أقرت له بل أولى منه ; لأنه ببينة ، فأخذ مما بيده ويحسب على الطارئ ما ورث الأخ وهو بقية حقه ، ويأخذ المقر له من المقرة وحدها خمسة وعشرين ; لأنها ليس لها في الحصاص الآن إلا خمسون ، وللمقر له خمسون فتدفع له خمسة وعشرين ، وفي يد الطارئ صاحب البينة ما فضل وما حسب عليه عند الأخ خمسة وسبعون ، للمقر له خمسة وعشرون ، فإن لم يكن للمرأة بينة بل أخذت بإقرار الميت أخذ صاحب البينة المائة ، والمرأة خمسين ، وسقط الذي أقرت له المرأة ; لأنها إنما بيدها ما يجب لها في الحصاص ، وجميع حق المقر له عند صاحب البينة .

فرع

قال الأبهري قال مالك : إذا لم يعلم كم دين الميت ولا ماله ، فلبعض الورثة التحمل بالدين ويحل بينه وبين المال ، فإن فضل شيء فللورثة أو نقص فعليه إن كان نقدا ، وإن كان الفضل والنقصان عليه ويكون غير معجل امتنع ، وقيل : يجوز التأخير ; لأنه إذا التزم النقص فقط فهو معروف مع الورثة كالقرض في النقدين والطعام إلى أجل . أما إذا كان الفضل له فيكون إنما أخرهم للانتفاع مدة التأخير فهو قرض للمنفعة ، ووجه الجواز أن الدين ليس في ذمة الورثة ، وإنما يمتنع ذلك بين الغريم وصاحب الدين ، ولو كان الوارث واحدا جازت حالته بالدين ، وليس قرضا للنفع ; لأن للوارث أن يوفي الدين من غير التركة فله شبهة ملك في التركة فلم يقرض للغرماء شيئا .

[ ص: 228 ] فرع

قال : قال مالك : إذا كان للميت شاهد فحلف الغرماء وأخذوا لا يحلف الورثة على الفضل لتركهم الأيمان أولا .

فرع

قال : قال مالك : إذا بادر الابن فأحبل أمة أبيه الميت مراغمة للغرماء بيعت لهم ، وعليه قيمة الولد لتعديه في الوطء ، وله في الولد شبهة أن له قضاء دين أبيه من غير ثمن الجارية ، وإن لم يعلم فعليه قيمتها للغرماء .

فرع

قال : قال مالك : إذا تحمل الابن بدين أبيه ودفع المال في الدين ، ثم طرأ غريم فقال : لم أعلم بهذا أخذ دينه من الابن لرضاه بذلك بالحمالة ، وضمان المجهول عندنا لازم .

فرع

قال : قال مالك : إذا كان الدين مائة والتركة ألفا فباع الوارث بعض التركة اعتمادا على سعتها فسخ بيعه لتوقع هلاك بقية المال وحوالة الأسواق ولتقدم الدين على الميراث فيقدم على تصرفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية