صفحة جزء
[ ص: 134 ] ( الباب الثاني )

( في أحكام اللقيط )

وهي أربعة :

الحكم الأول : إسلامه ، وفي الجواهر : الإسلام يحصل استقلالا بمباشرة البالغ ، وكذلك المميز على ظاهر المذهب ظاهرا وباطنا ، ويجبر عليه إن رجع عنه حتى لو بلغ وأقام على رجوعه فهو مرتد ، لأن الإيمان قد وجد منه حقيقة فيقبل لردته ، وقاله ( ح ) وردة الصغير تصح عند ابن القاسم ، ولا تؤكل ذبيحته ولا يصلى عليه ، لأنه من باب الخطاب بالأسباب كالإتلاف ، لا من باب التكليف ، ومنع سحنون و ( ش ) الصحة ، وأباح ذبيحته والصلاة عليه ، لأنه لا يحرم عليه الكفر فهو كغيره في حقه ، ولا يقتل بردته اتفاقا وهو صبي ، وقيل : لا يصير مسلما إلا بعد البلوغ ، لأن الإسلام الواجب لا يتصور منه لعدم أهلية التكليف ، والإيمان لا يقع نفلا ، فلا يعتبر إيمانه مطلقا ، وغير المميز والمجنون لا يتصور إسلامهما إلا تبعا ، وللتبعية ثلاث جهات :

الأولى : إسلام الأب فيتبعه دون أمه ، لأن الدين بالنصرة ، والأب ذكر مظنتها دون الأم ، وقال ابن وهب : و ( ش ) من أسلم منهما تغليبا للإسلام ، لنا : أنه إسلام لغير من دخل في عهدة فلم يتبعه كالحال ، ولأن الأم مساوية له في الدخول تحت عهدة الأب فلا يتبعها كأخيه ، ولأن الأب هو المتبرع في عقد الذمة فيكون هو المتبرع في الإسلام كعقد الذمة ، وحيث قلنا بالتبعية فبلغ واعترف عن نفسه بالكفر ، فهو مرتد .

الجهة الثانية : تبعية الدار ، فكل لقيط وجد في قرى الإسلام ومواضعهم فهو مسلم ، أو في قرى الكفر ومواضعهم فهو كافر ، ولا يعرض له إلا أن يلتقطه مسلم فيجعله على دينه ، وقال أشهب : حكمه أيضا في هذه : الإسلام ، التقطه مسلم أو

[ ص: 135 ] ذمي ، لاحتمال أن يكون لمن فيها من المسلمين ، كما أجعله حرا وإن جهلت حريته . لاحتمال الحرية لأن الشرع رجح جانبها ، وعند ( ش ) وابن حنبل : متى كان في البلد مسلمون أو مشركون أقوى ( كذا ) بالحرية ، وفيه مسلم واحد ، فاللقيط مسلم لجريان حكم الإسلام على الدار ، وإسلام من فيه ، وإن كان جميعهم كافرا ، وإن صالحهم الإمام فهو كافر ؛ لأن الظاهر أنه ولدهم ، وإن كان في بلد الكفر الأصل كالترك وغيرهم وليس فيهم مسلم فكافر ، وإن كان فيهم مسلم فوجهان : أصحهما : أنه كافر تغليبا لحكم الكفار .

التالي السابق


الخدمات العلمية