صفحة جزء
الفصل التاسع : في لحن الخطاب ، وفحواه ، ودليله ، وتنبيهه ، واقتضائه ، ومفهومه .

فلحن الخطاب هو : دلالة الاقتضاء ، وهو دلالة اللفظ التزاما على ما لا يستقل الحكم إلا به ، وإن كان اللفظ لا يقتضيه وضعا نحو قوله تعالى : ( فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق ) . تقديره ، فضرب ، فانفلق . وقوله تعالى : ( فأتيا فرعون ) . إلى قوله : ( قال ألم نربك فينا وليدا ) . تقديره ، فأتياه ، وقيل هو فحوى الخطاب ، وهو خلاف لفظي .

[ ص: 63 ] قال القاضي عبد الوهاب : واللغة تقتضي الاصطلاحين ، وقال الباجي : هو دليل الخطاب ، وهو مفهوم المخالفة ، وهو إثبات نقيض حكم المنطوق به للمسكوت عنه .

وهو عشرة أنواع :

مفهوم العلة نحو : ما أسكر فهو حرام .

ومفهوم الصفة نحو قوله عليه السلام : في سائمة الغنم الزكاة .

والفرق بينهما أن العلة في الثاني الغنى ، والسوم مكمل له ، وفي الأول العلة عين المذكور .

ومفهوم الشرط نحو : من تطهر صحت صلاته .

ومفهوم الاستثناء نحو : قام القوم إلا زيدا .

ومفهوم الغاية نحو : أتموا الصيام إلى الليل .

ومفهوم الحصر نحو : إنما الماء من الماء .

ومفهوم الزمان نحو : سافرت يوم الجمعة .

ومفهوم المكان نحو : جلست أمام زيد .

ومفهوم العدد نحو قوله تعالى : ( فاجلدوهم ثمانين جلدة ) .

ومفهوم اللقب ، وهو : تعليق الحكم على مجرد أسماء الذوات . نحو : في الغنم الزكاة ، وهو أضعفها .

وتنبيه الخطاب ، وهو مفهوم الموافقة عند القاضي عبد الوهاب ، أو المخالفة عند غيره ، وكلاهما فحوى الخطاب عند الباجي ، فترادف تنبيه الخطاب وفحواه .

[ ص: 64 ] ومفهوم الموافقة لمعنى واحد ، وهو : إثبات حكم المنطوق به للمسكوت عنه بطريق الأولى كما يترادف مفهوم المخالفة ، ودليل الخطاب ، وتنبيهه .

ومفهوم الموافقة نوعان : أحدهما : إثباته في الأكثر نحو قوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ) . فإنه يقتضي تحريم الضرب بطريق الأولى ، وثانيهما : إثباته في الأقل نحو قوله تعالى : ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ) . فإنه يقتضي ثبوت الأمانة في الدرهم بطريق الأولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية