صفحة جزء
قال التونسي : إذا أحالك مكاتبك على مكاتبه إلى قوله : عتق مكاتبك مكانه ، يجب أن يكون اسم الحوالة براءة لذمة المكاتب من بقية الكتابة ، فيكون حرا من غير تجديد عتق ، بل بقبول السيد العوض هو العتق ، فكان يجب على هذا إذا رضي السيد بالحوالة على مكاتب مكاتبه أن يكون حرا بنفس الحوالة ، فإن عجز المكاتب الأسفل كان رقا لسيده ; لأن الغرر فيما بين السيد وعبده في هذا جائز ، كفسخ ما عليه من الدراهم في الدنانير ، فإن الغرر الذي في هذه الحوالة أن مكاتب المكاتب قد يعجز بما تعين المحال عليه ، بل هي كتابة تارة ، ورقبة عبد أخرى ، والحوالة يتعين فيها جنس المأخوذ في الأجنبيين ، كما أنك لا تجوز حوالتك غريمك على كتابة عبدك ; لأنه قد يعجز فيأخذ غير الجنس . والفرق بين جواز بيع الكتابة مع إمكان الاتصال ( كذا ) بل الرقبة ; لأن الأصل الحوالة أخصه ( كذا ) فلا تتعدى محلها والقياس جواز حوالة المكاتب بما لم يحل من نجومه إذا أحال بجملتها أو تأخر نجم منها يكون نفس الحوالة ما جب ( كذا ) العتق على ما تقدم ، والسكوت عن شرطه كشرطه ، وهو قول غير ابن القاسم ، واختلف في فسخ الكتابة في غيرها من تعجيل العتق ، فأجيز وكره واتفقوا في قطاعة أحد الشريكين أنها تجوز وإن لم يتعجل عتق نصيب المقاطع لعدم [ ص: 247 ] قدرته على تعجيل عتقه ، قال ابن يونس : قوله إذا أحال لك مكاتبك على مكاتبه يريد لم تحل كتابة مكاتبك ، قال اللخمي : مكاتبك حر ; لأن هذه مبايعة اشترى كتابته منك بل كتابته فقبض ( كذا ) لكله من الآن ، وإن قال لك : إنما يقبض ما عليه فإن عجز كانت الرقبة لي وأوفيك الباقي ، لم يكن حرا بنفس الحوالة ; لأن له تعلقا في الرجوع متى عجز الآخر ، ويختلف حينئذ هل هي صحيحة أم لا ، فعلى القول بجواز فسخ الكتابة في غير جنسها إلى ذلك الأجل أو أقرب أو أبعد فإن لم يثبت العتق بجوازها هنا ما ( كذا ) جعله المكاتب من إعطائه للكتابة الآخر ; لأن ذلك مال الكتابة ، ومن منع تلك المسألة إلا بشرط العتق منع هاهنا إن لم يثبت العتق ، وإن أحال لك على دين له على غريم بنجم حل جاز ، ويسقط إن كان من أوسطها ، ويكون حرا إن كان آخرها بنفس الحوالة ، وإن أحالك بما لم يحل بجميع الكتابة أو تأخر نجم ولم يحل ، فهي فاسدة عند ابن القاسم ، والعبد في كتابته على حاله لما علل به في الكتاب ، وعلى قول غيره في الكتاب بالجواز وهو حر بنفس الحوالة ; لأنه أحالك على دين ثابت ، وإن أحالك بنجم من أوسطها ولم يحل جرت على القولين إذا فسخ الكتابة في غيرها ولم يعجل العتق .

الثانية ، في الكتاب : إذا أكريت دارك بعشرة إن أحالك بالكراء على من ليس له عنده دين جاز ، وهي حمالة ، ولا يطلب الحميل إلا في فلس المكتري أو موته عديما ، وإن أحالك قبل السكنى على من عليه دين جاز إن كانت عادتهم الكراء بالنقد أو اشترطاه وإلا لم يجز له ; لأنه فسخ دين لم يحل في دين أم لا ، وإن اكترى منك بدين له حال أو مؤجل على مقر وحيلك ( كذا ) عليه جاز إن شرعت في السكنى ، قال التونسي : انظر قوله شرع في السكنى فإذا جاز كراء الدار بدين ابتداء ما الذي يمنع من كرائها بدين لي على رجل ، وإن لم يشرع في السكنى فإن قيل : السكنى كالمتعلق بالذمة ; لأن ضمانها من المكري وهي تؤخذ شيئا فشيئا فلا يكون كالكراء بالدين إلى أجل ، وفي الموازية : إذا اكترى بالنقد ثم [ ص: 248 ] أقاله على أن يؤخره بالكراء سنة يمتنع ، وفيه بعدله ( كذا ) رجوع الدار لربها ، وملك قبلتها ومنفعتها بثمن إلى أجل ، وقد قالوا فيما لا يضمنه مشتريه كالجارية المواضعة ، وسلعة غائبة أنه يجوز شراؤها بالدين ، ولم يذكروا خلافا ، وذكر الخلاف في كراء الدار والأجير بدين على رجل ، واختلف في شراء الدين بما يقبض على يومين منعه في المدونة ، وفرق بينه وبينه عقد الذمم بأن يسلم دارهم إلى ثلاثة أيام في سلع إلى أجل ، فأجاز هذا ومنع ذلك لتقرر الدين قبل العقد في الذمة ، وأجاز ذلك في الموازية نقدا ، فقد يقال : على هذا إنه ابتداء عقد بالدين ، بخلاف كرائها بدين ، وقد تقرر في ذمة غير مكتريها عقد كرائها به فيمتنع على هذا وقد شرع في السكنى ، إلا أن يخيف ( كذا ) الأمر هاهنا للاختلاف في أن الكراء يؤخذ من دين في ذمة المكتري إذا شرع في السكنى ، وفي هذا كله نظر ، قال ابن يونس : إنما اشترى لشروع في السكنى أن الحوالة من فسخ الدين في الدين ، وهو أشد من بيع الدين بالدين لجواز تأخير رأس مال السلم إلا بأمر ، ولو أسلم في عرض ثم باعه منه امتنع تأخير الثمن ساعة ; لأنه فسخ دين في دين ، فلذلك فرق بين كرائها بدين لك على رجل آخر وكرائها عليك منعه في الحوالة إلا أن يشرع في السكنى ، وأجازه في كرائك بدين عليك وإن لم يستثن في السكنى ، وروي عن مالك المنع ، قال اللخمي : قوله إلا أن يفلس المكتري أو يموت ولا يترك شيئا ، إنما يصح التبدئة بالمكتري إذا كان ذلك الشرط في الحوالة من المكتري وقصد أن يتحمل له ، فأما إن كان ذلك الشرط من المكتري يقتضي حاله على وجه الهبة أو السلف لم يكن للمكتري أن يبتدئ بالمكتري ولا يكون له مقال إذا لم يعلم أنه لا دين له عليه ; لأن هذه هبة قارنت العقد ولا يسقطها فلس ولا موت ، وليس هبة الرقاب والمنافع والسلف في ذلك سواء ، ولو كانت الحوالة بعد عقد الكراء بالنقد جازت ، وإن كانت إلى أجل امتنعت الحوالة بما لم يحل .

التالي السابق


الخدمات العلمية