صفحة جزء
الفرع الثاني

في الكتاب : إذا شهد شاهدان بالسماع أن الميت مولى فلان ، لا يعلمون له وارثا غيره ، وشاهد واحد أنه أعتقه ، استؤني بالمال إذا لم يستحقه غيره أخذه مع يمينه ، ولا يجر الولاء بشاهد واحد على السماع ، ولا يقضى له المال وإن حلف ؛ لأن السماع تنقل شهادة ، ولا تجوز شهادة واحد على شهادة غيره ، والشهادة على الأحباس جائزة لطول زمانها ، يشهدون أنا لم نزل نسمع أن هذه الدار حبس ، تحاز حوز الأحباس ، وإن لم ينقلوا عن بينة معينين إلا بقولهم : سمعنا وبلغنا ، وليس في أحباس الصحابة _ رضي الله عنه _ عنهم - إلا السماع ، ولو شهدوا على السماع في حبس أن من مات من أهله لا يدخل في نصيبه امرأته ، ولا ولد البنت ، ولا زوجها إن ماتت، هو حبس ثابت ، وإن لم يشهدوا على أصل الحبس ، ولو لم يذكروا ذلك كله ، وذكروا من [ ص: 162 ] السماع ما يستدل به ، في التنبيهات : ليس من شرط السماع أن يسمع من العدول ، بل من العدول وغيرهم حتى يستفيض ، وقيل : لا تعتبر الشهادة حتى يعرفوا أن الذين سمعوا منهم كانوا عدولا ؛ لأنه في معنى الشهادة ، وقال بعض شيوخنا : لا يختلف إذا كانت ينتزع بها ، أنها لا تجوز إلا على السماع من العدول ، وإن كانت للتقدير في يد الحائز فمختلف في اشتراط العدالة فيهم ، وفي النكت : قال بعض القرويين : إن شهادة السماع بالعتق إن كانت بغير البلد فهي كالمال دون المولى عند ابن القاسم ؛ لاحتمال أن يستفيض عن رجل واحد ، وبالبلد فيفيد استفاضة ذلك عن رجل واحد ، فيقضى بالمال والولاء ، وقال في قول أشهب : إذا شهدوا أنه لمولاه ولم يقولوا : أعتقه ، هذا التفصيل من أشهب وليس هو خلافا لابن القاسم ، وقال سحنون : إذا شهدوا أن الميت مولاه لا بد في ثبوت الولاء أن يقولوا : أعتقه أو أعتق أباه ، أو على الميت أن هذا مولاه ، وقد غلب على الناس يقولون : لمن هو وال ، أو شريف نحو مواليك وإنما هم أهل ذمة أسلموا ، وقاله ابن القاسم ، قال ابن يونس : اختلف في شهادة السماع فعن ابن القاسم : يؤخذ بها المال ، ولا يثبت نسب ولا ولاء وعنه : يقضى بهما ، قال محمد : ومن مات بغير بلده فشهد بالسماع أنه مولى فلان ولا يشهدون على العتق لا تجوز فيه شهادة السماع ، وقاله مالك ، ويؤخر المال ، فإن لم يوجد مستحق أخذه مع يمينه ، قال ابن القاسم : إن شهد أحد أعمامه أن فلانا الميت مولى ابنه أعتقه ، ولم يدع المولى ولدا ولا موالي وإنما ترك مالا جازت الشهادة لعدم التهمة وإن ترك ولدا وموالي يتهمون على جر الولاء يوما لم يجز ، وقال مطرف وعبد الملك : تجوز شهادة السماع فيما تقادم عهده من الأشربة والحيازات والصدقات ونحوه ، فتجوز مع يمين الآخر ، وإن لم يكن إلا شاهدان جاز ، وقاله مالك ، ولم يشهد في صدقة عمر _ رضي الله عنه _ إلا رجلان ، قال مطرف وعبد الملك : تجوز شهادة السماع في نحو خمس عشر سنة لتقاصر أعمار الناس إذا سمعوا من العدول ، قال ابن القاسم : إذا شهد اثنان بالسماع وفي القبيل مائة رجل من [ ص: 163 ] أسنانهما لا يعرفون ذلك ، لا يقبل إلا بأمر يفشو أكثر من اثنين ، أما الشيخان القديمان فيجوز ، قال في الجواهر : قال ابن محرز : إنما يقضى بالبقاء للحائز بشهادة السماع بعد يمينه ؛ لأن أصلها قد يكون واحدا فلا بد من اليمين معه ، والمشهور في شهادة السماع : الاكتفاء بعدلين ، وقال عبد الملك : لا بد من أربعة عدول ، يشبهها بالشهادة على الشهادة ، ولم ير في الموازية خمس عشرة سنة طولا تجوز الشهادة السماع وفي ثبوت النكاح والنسب والولاء بها خلاف ، والمشهور : ثبوت الجميع بها ، ويشترط في الملك التطاول مع رؤية تصرفه تصرف الملاك بالبناء والغرس من غير منازع ، ولا يكفي في الشهادة أنه حائز الدار حتى يقولوا : بحق وأنها ملكه ، وأما من يأتيه يشتري فلا تشهد له بالملك فقد يشتري بالوكالة ، قال : قال التونسي : وشهادة السماع أجيزت للضرر لا يستخرج بها شيء من يد حائز بل مثبت للحائز ، وفي المنتقى : شهادة السماع عند مالك مختصة بما تقادم زمنا تبيد فيه الشهود وتنسى الشهادة ، قال القاضي أبو محمد : تختص بما لا يتغير حاله ولا ينتقل الملك فيه كالموت والوقف ، ولا يشهد على الموت إلا فيما بعد من البلاد ، ومتى حصل العلم لم تكن شهادة سماع ، بل يشهد الإنسان بدون العلم كما لو رآه ، وجل أصحابنا يقول : إذا فشا النكاح في الجيران وسمع الرفاق أو سمع النياحة في الموت وكثر بذلك القول شهد بالنكاح والموت وإن لم يحضرهما وكذلك النسب وتولية القاضي ، قال مالك : ولا يكفي خمس عشرة سنة في تقادم المشهود به بالسماع ، قال صاحب القبس : فما اتسع أحد في شهادة السماع اتساع المالكية في مواطن كثيرة الحاضر منها على الخاطب خمسة وعشرون موضعا : الأحباس ، الملك المتقادم ، الولاء ، النسب ، الموت ، الولاية ، الغرر ، العدالة ، الجرحة ، ومنع سحنون ذلك فيها ، قال علماؤنا : وذلك إذا لم يدرك [ ص: 164 ] زمان المجروح والمكان ، فإن أدرك فلا بد من العلم ، الإسلام ، الكفر ، الحمل ، الولادة ، الترشيد ، والسفه ، الهبة ، البيع في حالة التقادم ، الرضاع ، النكاح ، الطلاق ، الضرر ، الوصية ، إباق العبد ، الحرابة ، وزاد بعضهم : البنوة والأخوة ، زاد العبدي : الحرية والقسامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية