صفحة جزء
الطــرف الرابع : في العتق وما يتصل به .

في الجــواهر : إذا شهدا بالعتق الناجز ، غرما بالرجوع قيمته ، والولاء للسيد ، ويستحق السيد ماله بمقتضى إنكاره ، فإن كانت أمه عالمة بتزويجها حرم عليها إباحة فرجها بالتزويج أو بالعتق إلى أجل ، غرما بالرجوع القيمة حالة ; لأنهما منعاه من البيع وهو أهم المقاصد إلا قيمة خدمة العبد تلك المدة ؛ لأنها تندرج في قيمة الرقية وقد أبقياها ، فلا تأخذ قيمته وقيمة منفعته ، وقال ابن عبد الحكم : تقوم هذه المنافع على الرجاء والخوف فتسقط القيمة وتبقى المنافع للسيد ، قال محمد : هذا غير مستقيم ; لأن قيمة المنفعة هكذا قد تزيد على قيمة الرقبة فلا يغرم الشاهدان شيئا ، قال الإمام أبو عبد الله : [ . . . ] أصبح من جهة الفقه متعذرا من حيث العادة ; لأنا نقوم العبد مملوكا طول حياته [ . . . ] منافع تلك المدة ، [ ص: 313 ] وقد [ . . . ] منافع العبد إليهما حتى ينقضي الأجل فيؤجران [ . . . ] حتى يستويا ما غرماه ، وما بقي فللسيد ، فإن لم تف منافع المدة غرما ما لم يرجعا ، وكذلك لو مات في أضعاف المدة أو بعد فراغها ولم يستوف إلا أن يترك مالا فيأخذان منه كمال ما غرما ، وكذلك لو قتل إلا أن تؤخذ قيمته فيأخذانها لاعتراف السيد أن ما يستحقه من مال العبد عليه فيه ما غرماه ، وخير محمد السيد بين قول سحنون أن له قيمة هذه المنافع وقتا بعد وقت بحسب ما يرى في ذلك من مقتضى الاختلاف ، ومنشأ الخلاف : تقابل الحقوق فحق السيد التمسك بالعبد لنأمن عليه وندفع القيمة ، وحقهما أن يقولا : غرمنا قيمة المنافع في قيمة الرقبة ، فكأنا اشتريناها ، فنحن أحق بعين المنافع ، وإن شهدا بالتدبير غرما قيمة حالة برجوعهما بعد الحكم ، ويدخلان فيما أدخلاه فيه ، فيقتضيان من الخدمة التي ألقياها بيده بما وديا ، ثم ترجع خدمته لسيده ، وموته في حياة السيد ، أو بعد ما قبل الاستيفاء حكمه حكم المعتق إلى أجل ، فإن خرج بعد موت السيد حرا فلا شيء لهما ، وإن رق منه شيء فهما أولى به حتى يستوفيا منه ، وإن ردها دين فهو أولى من الدين كأهل الجناية لاختصاصهم بالرقبة ، والدين لا يختص ، فإن شهدا بالكتابة غرما بالرجوع بعد الحكم قيمته ناجزة ، قال محمد : يوم الحكم ، ثم يتأديانها من الكتابة على النجوم حتى يستوفيا بيع لهما منه بما بقي لهما ، فإن لم يف فلا شيء لهما ، قاله عبد الملك ، وقال ابن القاسم : يغرمان القيمة فيوضع بيد عدل ويتأدى السيد الكتابة ، فإن استوفى من الكتابة مثلها رجعت إلى الشاهدين ، فإن كانت الكتابة أقل ، أو مات المكاتب قبل الاستيفاء : دفع للسيد من تلك القيمة تمام قيمة عبده ; لأنه مظلوم قد منع من عبده ، وما له فيه من التصرف ، وإيقاف القيمة ليلا يترك فيغرمانها ثانية ، قال محمد : وعلى الأول أصحاب مالك ، قال : ولو استحسنت [ ص: 314 ] قول ابن القاسم لقلت : كلما قبض السيد من الكتابة شيئا رد مثله من القيمة الموقوفة للشاهدين ، وقال سحنون : إذا رجعا بيعت الكتابة بعرض فإن بيعت بأكثر فللسيد ، أو أقل رجع عليهما بتمام القيمة ، وإن شهد أنه استولدها غرم بالرجوع بعد الحكم قيمتها ولا شيء لهما ; لأنهما لم يتركا خدمة يرجعان فيها ، فإن جرحت أو قلت رجعا بما غرماه في الأرش ، والفاضل للسيد مع ما أخذ ، قال سحنون : وكذلك إن أفادت مالا ، وقال محمد : بل ذلك للسيد ; لأنه لم يبقيا له ، وقال ابن الحكم : يخفف عنهما من القيمة لما نفياه من الاستمتاع ، وكذلك إن كانت حاملا ، وإن شهدا أن ولدها ولدته منه ، غرم قيمته ، وقيل : لا شيء عليهما في الرجوع عن الاستيلاد ، وإن شهدا أنه أعتق أم ولده : قال محمد : لا شيء عليهما ; لأنهما لم يتلفا غير الوطء ، وهما غير [ . . . ] قال ابن القاسم : قيمتها كما لو قتلها رجل ، وقال ابن الحكم : يخفف عنهما بقدر ما كان [ . . . ] .

فـرع

قال : قال ابن عبد الحكم : إذا قيده وحلف بحريته : لا ينزع القيد [ . . . ] وحلف [ . . . ] أن في القيد عشرة [ . . . ] فحكم بعتقه ، فنزع القيد بعد الشهر فوجد عشرة [ . . . ] كذبهما .

فـرع

قال المازري : إذا أعتق إلى أجل ، فشهدا أنه نجز العتق ، غرما بالرجوع قيمة الخدمة على غررها بإمكان موت العبد قبل الأجل بمدة يسيرة أو طويلة ، ولو كان [ ص: 315 ] الأجل غير معلوم نحو موت زيد ، قومت على أقصى العمرين : عمر الذي علق بموته ، وعمر العبد ، وقال أصبغ : إذا أعتق إلى أجل فشهدا بالتعجيل ، غرما قيمة الرقبة ; لأنه يأخذ قيمتها لو قتل .

فـرع

قال : إذا شهدا عليه بأن نصفه لفلان ، وأنه أيضا أعتق النصف الآخر ، فأعتق عليه وأغرم قيمة النصف ، ثم أكذبا نفسيهما في العتق ، غرما قيمة جمع العبد ; لأنهما أتلفا نصفه بالعتق ، ونصفه بالشهادة على الإقرار ، ويغرمان أيضا قيمة النصف التي أخذها الشريك المقر ، ولو شهدا أن المقر له أعتق النصف المقر به فقوم عليه ، غرما أيضا قيمة جميعه وقيمة نصفه إن صدقهما الإقرار له وأكذبهما في العتق ، قاله محمد ، قال : وكيف يتصور قضاء القاضي ببينة المقر له ، وكذبهما في العتق وصدقهما في الإقرار ، وهو المحكوم له بها ، مع أنها ما شهد له بالإقرار إلا بوصف العتق ، فلا يحكم له ببينة يدعي كذبها ، ولو كان يقول : إنهما وهما في العتق ولم يتعمدا الكذب ; لكان خفيفا ، قال : وقد يتصور من جهة أنه لم يضف إليهما فسوقا ، قال : ولم يشكل أيضا من جهة أنهما لم يتلفا على المشهود عليه ملكا استقر بيده ، فهما أدخلاه في ملك وأخرجاه عنه ، فإن صدقا فلا غرامة ، وإن كذبا فقد أبطلا عليه ملكا كذبا فيه ، فلا غرامة ، ولو أكذبهما في شهادة الإقرار والعتق بعد الحكم عليه ، وأكذبا نفسيهما في الجميع ، غرما قيمة نصف العبد المقوم عليه ، وللمقر قيمة النصف المقر به .

فـرع

قال : لو شهدا بالتدبير ، وأغرما القيمة ، ثم شهد آخران بتقدم عتقه أو تدبيره ، استرد الأولان ما غرماه ; لأنهما لم يتلفا عليه شيئا ، وكذلك لو شهدا بما يمنع التدبير مع بيع أو غيره ، وإن رجع الشاهدان بالبيع ، والشاهدان [ ص: 316 ] بالتدبير ، لم يغرم شاهدا التدبير لتقدم ما يبطله وأبطله الشرع قبل تكذيبهما أنفسهما ، ويغرم شاهدا البيع ما أتلفاه ، فإن أنكر البيع غرما ما زاد على الثمن في الذي يرده على شهود التدبير ، وإن كذبهما للمشتري دون البائع ، يغرمان للمشتري الزيادة ; لأنها التي أتلفاها .

التالي السابق


الخدمات العلمية