صفحة جزء
الطــرف السادس : فــي المال .

في الجواهــر : إذا شهدا لزيد وعمرو بمائة ، ثم قالا : المائة كلها لزيد بعد الحكم غرما خمسين للمشهود عليه ; لإقرارهما أنهما أخرجاه منه بغير حق ، ولا يقبل قولهما الثاني لإقرارهما بالزور ، قاله ابن عبد الحكم ، ولو كان بدل المائة عبدا معينا ، فإن صدقهما المشهود عليه أنه لزيد لم يغرما شيئا ، وإن أنكر الشاهدين غرما النصف له .

فـرع

قال : قال ابن القاسم : إذا رجع أحدهما بعد الحكم غرم نصف الحق ، قال محمد : لو رجع عن نصف ما شهدا به [ . . . ] غرم ربع الحق ، أو عن الثلث غرم السدس ، ولو رجعا جميعا فالحق عليهما [ . . . ] رجوعهما غرم كل واحد نصف ما رجع عنه ; لأنه الذي أنابه [ . . . ] قيمة الذي أخذه [ . . . ] شيئا لاستقلال الحق بالباقي ، فإن رجع ثان غرم نصف الحق [ . . . ] ثلث الحق ; لأنه أخذ ثلاثة ، وقال أشهب : إذا رجع ثلاثة من أربعة غرموا ثلاثة أرباع الحق ، قال محمد : لو شهد ثلاثة بثلاثين فرجع أحدهم بعد الحكم عن الثلاثين ، والثاني عن عشرين ، والثالث عن عشرة ، غرمها الجميع أثلاثا إلا عشرة لا يغرم أحد منها شيئا ; لاستقلال ثبوتها [ ص: 320 ] بشاهدين ، وهذا على القول بأنه بقي نصاب لا يغرم الراجع ، ويغرم الأولاد العشرة نصفين ، وإذا حكم برجال ونساء : فعلى الرجل نصف الحق ; لكونه نصف النصاب ، وعلى النساء نصفه بينهم بالسوية ، وكذلك لو رجعن وحدهن ، فلو كن عشرا فرجعت واحدة منهن إلى ثمان ، فلا شيء عليهن لبقاء ما يحتاج منهن في نصف النصاب ، فإن رجع تسع أو ثمان ثم واحدة بعدهن : فعلى التسع ربع المال بينهم بالسوية ; لأنه بقي من أخي ثلاثة أرباع الحق ، وذلك في كل ما تجوز فيه شهادتهن مع الرجال ، وأما ما ينفردن به كشهادة عشرة على رضاع مع رجل ، فرجع الكل بعد الحكم : فعلى الرجل سدس ما يجب من الغرامة ، وعلى كل امرأة نصف السدس ; لأن الرجل كامرأتين فيكن اثني عشر ، وليس محتاجا إليه حتى يكون نصف النصاب ، فيكون عليه النصف ، ولو رجع الكل إلا امرأتين لم يجب غرم على القول باعتبارها المستقل ولو رجع الكل إلا واحدة وزع جميع الحق على جميع من رجع .

فـرع

قال : إذا هرب المقضي عليه ; لا يلزمها غرم حتى يغرم المقضي عليه وليس يغرمه أخذ ذلك منهما إن أقر تعمد الزور ; لأنهما لم يتلفا ما يوجب الغرامة بعد لبقاء المال تحت يد ربه ، وقال ابن عبد الحكم : ذلك لغريمه ، وهما غريم الغريم ليلا يؤدي ذلك لبيع داره وتلف ماله ، وكذلك لو حبسه القاضي لا يترك محبوسا أبدا ، بل يخلصاه ، فإن لم يفعلا حبسا معه ; لأنهما مورطان ، ولو ضرب للمشهود عليه أجلا فرجع الشاهد أن قبله غرما ، وبرئ المطلوب .

فـرع

في النوادر : شهد أربعة بأربعين ، فرجع أحدهم عنها ، وآخر عن عشرة ، وآخر عن عشرين ، وآخر عن ثلاثين ، فقد ثبت عشرون بشهادة الراجع عن العشرة ، والراجع عن عشرين لا يرجع بها عن أحد ، والراجع عن عشرة أثبت عشرة أخرى ، فلا رجوع بنصفها على أحد ، ويغرم أصحابه الخمسة الباقية ، اثنان إلا ثلث كل واحد ، ولم تثبت عشرة أحد ، فيغرمهما الأربعة بالسوية ، فإن مات أحد الأربعة ، ثم [ ص: 321 ] رجع واحد عن عشرة ، وآخر عن عشرين ، وآخر عن أربعين ، فقد ثبت ثلاثون بالميت ، والراجع عن عشرة لا رجوع بها ، وبقي عشرة أثبتها الميت وحده ، فعلى الثلاثة نصفها بينهم ثلاثا ، فلو شهد واحد بعشرة ، وآخر بعشرين ، وآخر بثلاثين ، وآخر بأربعين ، فله الثلاثون بغير يمين ، والأربعون بيمين لتفردها بواحد ، فإن أخذ الثلاثين وحلف المطلوب ، فلا يغرم لرجوع شاهد العشرة ، وشاهد العشرين ; لبقاء من شهد بأكثر من ذلك ، فإن رجع [ . . . ] ثلاثة بعد [ . . . ] الأربعين ، فيغرما خمسة نصفين ; لأنهما زادا عشرة على العشرين [ . . . ] يشهد بها غير [ . . . ] عشرة شهدا بها مع عشرين ، وهو لم يرجع بما تلف [ . . . ] وعشرة تثبت بالباقيتين ، لا يرجع فيها شيء ، ولو رجعوا كلهم إلا شاهدا بعشرة ، غرم الراجعون خمسة وعشرين : شاهد العشرين خمسة ، والآخران عشرة عشرة ; لأن شاهد العشرة ، وافق الثلاثة الراجعين فيغرمهم نصفها سوية ; لأنه ثبت من يتينه به نصفها ، وعشرة يشهد بها غير الراجعين فيلزمهم بالسوية ، فيصير على كل واحد خمسة وعشرة ، ولم يشهد بها غير شاهد الثلاثين ، وشاهد الأربعين ، فيغرمانها نصفين ، ولو رجع غير شاهد العشرين لغرم شاهد العشرة اثنين إلا ثلثا ، والآخران ثمانية عشر وثلث نصفين ; لأن الراجعين شهدوا معه في عشرة ، فعليهما نصفها أثلاثا : اثنتان ، وثلثان ، والعشرة الأخرى من العشرين قارنه فيها شاهد الثلاثين ، وشاهد الأربعين ، فعليهما نصفها نصفين ، وانفرادهما بعشرة وهي عليها نصفين ، وعلى شاهد العشرة دينار وثلثان ، فذلك عشرون ، ولو رجع شاهد الأربعين وحده غرم عشرة ; لأن اليمين إنما كانت مع شهادته في العشرة التي انفرد بها ، قال محمد : والصواب : أنه لا يغرم إلا خمسة ; لأن اليمين بمنزلة شاهد ، ولو رجع غير شاهد [ ص: 322 ] الأربعين لم يضر بثبوتها به مع اليمين ، وكذلك لو وجدوا عبيدا ، ولو رجع شاهد الأربعين وشاهد الثلاثين : غرم شاهد الأربعين : سبعة ونصفا ، وشاهد الثلاثين : اثنان ونصفا ; لأن شاهد الأربعين انفرد بعشرة ، فعليهما نصفها ، وشهدا عشرة أجزاء ، قال في الموازية : عليهما نصفها ، قال ابن عبد الحكم : بل كلها ; لأنها شهادتهما خاصة ، واليمين إنما حكم بها في عشرة الأربعين ، فلو رجع معهما شاهد العشرين ، فإن عشرة منها ثابتة بالشاهد الباقي واليمين ، وعشرة منها يغرم شاهد العشرين خمسة ، شاركه فيها شاهد الثلاثين وشاهد العشرين بينهم أثلاثا ; لأنه قد بقي فيها يمين الطالب ، وهو كشاهد ، فلا يكون على شاهد العشرين غير اثنين إلا لمساو على صاحب الثلاثين خمسة شاركه فيها شاهد الأربعين ، وعلى شاهد الأربعين خمسة أجزاء ، وهي نصف العشرة التي انفرد بها ، ويثبت مع يمين الطالب ، فجميع معارفهم خمسة عشر .

فـرع

لو شهدا على ميت بدينار ، وآخران بدينارين ، والتركة دينار ، وهي يدعيهما فرجع الأربعة بعد الحكم ، يغرم شاهد الدينار ربع دينار ، وشاهد الدينارين ثلاثة أرباع دينار ; لأن جميعهم اجتمعوا على دينار وانفرد اثنان بدينار آخر ، وأخذ من ذلك كله دينارا .

التالي السابق


الخدمات العلمية