صفحة جزء
فروع ثمانية :

الأول : قال في الكتاب : الحائض ، والجنب لا تنقض شعرها في غسلها ، ولكن تضغثه خلافا لابن حنبل في الحائض ، واللخمي فيهما لحديث أم سلمة أنها سألته عليه السلام في حل ضفر شعر رأسها في الجنابة ، فقال : إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضي عليك الماء ، فتطهرين .

الثاني : إذا كان على ذكر الجنب نجاسة ، فغسله بنية الجنابة ، وإزالة النجاسة . قال صاحب الطراز : الأظهر الإجزاء ، وقيل : لا يجزئ حتى يغسله بنية الجنابة فقط .

[ ص: 314 ] الثالث : في الجلاب : الجنب طاهر الجسد ، والعرق ؛ لما في مسلم أنه عليه السلام لقيه أبو هريرة في طريق من طرق المدينة ، وهو جنب ، فانسل ، فذهب ، فاغتسل ، فتفقده عليه السلام ، فلما جاء قال : ( أين كنت يا أبا هريرة قال : يا رسول الله لقيتني ، وأنا جنب ، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل ، فقال عليه السلام : سبحان الله إن المؤمن لا ينجس ) .

الرابع : قال في الكتاب : لا يجوز عبوره ، ولبثه في المسجد خلافا لداود ، والمزني فيهما ، والشافعي في العبور ؛ لما في أبي داود أنه عليه السلام قال : ( وجهوا هذه البيوت عن المسجد ، فإني لا أحل المسجد لجنب ، ولا حائض ) .

حجة الشافعي قوله تعالى : ( ولا جنبا إلا عابري سبيل ) فاستثناء السبيل يدل على أن المستثنى منه بقاع ، فيكون تقدير الآية : لا تقربوا مواضع الصلاة .

جوابه : أن الأصل عدم الإضمار بل المراد الصلاة نفسها ، نهينا عن قربانها سكارى ، وجنبا إلا في السفر ، فإنا نقربها جنبا بالتيمم ، وخص السفر بالذكر لعدم الماء فيه غالبا ، وهذا تفسير علي بن أبي طالب ، والأول لزيد بن أسلم رضي الله عنهما .

حجة الثالث : قوله عليه السلام : ( إن المؤمن لا ينجس ) ، ونحن نقول بموجبه ، ولا تنافي بين عدم تنجسه ، ومنعه من المسجد كالقراءة .

إذا تقرر هذا ، فلا فرق بين مسجد بيت الإنسان ، وغيره قاله مالك في الواضحة . قال صاحب الطراز : ولا فرق بين المؤجر ، والمستأجر ، وإن كان يرجع بعد انقضاء الإجارة حانوتا .

الخامس : قال صاحب الطراز : وهو مرتب إذا احتاج لينام في المسجد لعدم غيره ، فإنه يتيمم ، وكذلك كل ما يمنع منه الجنب يباح له بالتيمم إذا عدم [ ص: 315 ] الماء ، وإذا احتلم في المسجد قال : يخرج من غير تيمم ، وفي النوادر عن بعض الأصحاب ينبغي أن يتيمم .

حجتنا : أنه عليه الصلاة والسلام ذكر أنه جنب ، فخرج من غير تيمم ، ولأن اشتغاله بالتيمم لبث مع الجنابة .

السادس : قال مالك : لا يدخل الكافر المسجد خلافا ش ح زاد في الجواهر : وإن أذن له المسلم ، ومنعه الشافعي في المسجد الحرام ، ويشترط بعض الأصحاب في غير المسجد الحرام إذن المسلم في دخوله .

حجتنا : قوله تعالى : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ) ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام ) وبالقياس على الجنب بطريق الأولى ، وأما ربطه عليه السلام ثمامة بن أثال في المسجد ، فذلك كان في صدر الإسلام ، وهو منسوخ بما ذكرناه .

السابع : قال في الكتاب : إذا صلى ناسيا للجنابة ، ثم ذكرها بعد خروجه إلى السوق يرجع ، ولا يتمادى لغرضه ، ويغتسل ، ويصلي . قال صاحب الطراز : وهو محمول على ضيق وقت الصلاة ، أو على قضائها ، فإن القضاء واجب عند الذكر لقوله تعالى : ( وأقم الصلاة لذكري ) .

الثامن : في الطراز : يفارق الجنب الحائض في جواز قراءة القرآن ظاهرا ، ومس المصحف للقراءة على المشهور في الحائض لحاجة التعليم ، وخوف النسيان .

قال صاحب الطراز : يقرأ الآية ، ونحوها على وجه التعوذ ، ولا يعد قارئا ، ولا له ثواب القراءة .

تنبيه : حمل القرآن على قسمين : أحدهما لا يذكر إلا قرآنا كقوله تعالى : [ ص: 316 ] ( كذبت قوم لوط المرسلين ) فيحرم على الجنب قراءته لأنه صريح في القرآن ، ولا تعوذ فيه ، وثانيهما : هو تعوذ كالمعوذتين ، فتجوز قراءتهما لضرورة دفع مفسدة المتعوذ منه .

والأصل في المنع حديث الترمذي قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تقرأ الحائض ، ولا الجنب شيئا من القرآن ) والمتعوذ لا يعد قارئا ، وكذلك المبسمل ، والحامد ، فبقي ما عدا هذه الصور على المنع .

التالي السابق


الخدمات العلمية