صفحة جزء
تفريع في الكتاب : إذا اشترى بعض من يعتق عليه ممن يملك جميعه ، أو ممن ملك بعضه بإذن من له بقيته ، أو بغير إذنه ، أو قبله من واهب أو مرض أو متصدق ، أو ملكه بأمر لو شاء دفعه عن نفسه فعل ، فإنه يعتق عليه ما ملكه ، ويقوم عليه باقيه إن كان مليا ، وإلا فما ملك ، ويخدم مسترق باقيه بقدر ما رق منه ، ويعمل لنفسه بقدر ما عتق منه ، ويوقف ماله في يده ، وإن ابتعت مع أجنبي أباك في صفقة جاز ، وعتق عليك ، وضمنت للأجنبي قيمة نصيبه ، وإن ورثت شقصا منه فلا يعتق إلا ما ورثت ، لأنك لا تقدر على دفع الميراث ، وإن وهب لصغير أخاه فقبله أخوه جاز ذلك وعتق على الابن ، وإن أوصى لصغير ببعض من يعتق عليه أو ورثه ، فقبل ذلك أبوه أو وصيه ، فإنما يعتق عليه ذلك ، ولا يقوم على الصبي بقيته ، ولا على الأب ، ولا الوصي ، وإن لم يقبل ذلك الأب أو الوصي فهو حر على الصبي لوجود سبب العتق ، وكل من جاز بيعه وشراؤه على الصبي فقبوله له الهبة جائز ، وإذا ملك العبد المأذون من يعتق على الحر لم يبعه إلا بإذن سيده ، ولا يتبع أم ولده إلا بإذن سيده ، لتعلق حق السيد بما في يده ، وإن عتق وفي يده من يعتق عليه عتق عليه ، وتبقى أم ولده أمة له لصحة الملك فيها ، وإن اشترى المأذون قريب سيده الذي يعتق على سيده لو [ ص: 153 ] ملكه ، والعبد لا يعلم بذلك عتق لوجود السبب ، إلا أن يكون على المأذون دين يغترقهم .

وفي التنبيهات : قال سحنون : معناه اشتراهم بإذن سيده ، وفي مراعاة عمله قولان : فعن ابن القاسم : يعتقون علم أو لا ، في النكت : إنما افترقت مسألة من اشترى هو وأجنبي أباه من مسألة من أعتق شركا له من عبد وهو موسر ، ثم باع صاحبه نصيبه : أن التقويم يجب هاهنا في العبد قبل بيع الشريك لدخول المشتري على فساد ، لأنه لا يؤدي ثمنا ليأخذ قيمة مجهولة ، ومسألة الأب لا يجب التقويم قبل الشراء إلا أنه لا يلزم العتق إلا بثبوت الشراء ، قال سحنون : كيف يجوز هذا الشراء والأجنبي لا يدري ما يحصل له ، هل نصف قيمته التي رجع بها على الابن ؟ قال عبد الحق : ويحتمل قول ابن القاسم أنه لم يعلم أنه أبوه ، فلم يدخل على الفساد ، وعلل منع المأذون بيع أم ولده إلا بإذن سيده : بأنها قد تكون حاملا وحملها ملك السيد ، فلا يبيعه إلا بإذنه ، أو لأنها تكون له أم ولد إذا عتق على قول قائل ، فإن باع بغير إذنه : قيل : لم يفسخ إن لم يظهر بها حمل ، وإن باع من يعتق عليه بغير إذنه سيده فسخ بيعه ، لأنه يعتق عليه إن بقي في يده حتى يعتق ، قال : وعلى ما علل به أم الولد لا يتبع أمته التي يطأها إلا بإذن سيده ، وفرق ابن مناس : بأن أم الولد أوقفها الأولاد بخلاف الأمة ، قال ابن يونس في كتاب أمهات الأولاد : إذا أوصى له ببعض أبيه فقبله قوم عليه باقيه ، أورده بطلت الوصية ، وقال ابن القاسم : يعتق ذلك ببعض أبيه فقبله قوم عليه باقيه ، أورده بطلت الوصية ، وقال ابن القاسم : يعتق ذلك الشقص فقط ، وقاله مالك ، لأن رده بالقريب من غير فائدة ، قال مالك : إن اشترى بعض ما بقي بعد الإرث لم يعتق إلا ما ورث واشترى ، وكذلك لو وهب له بعض الباقي . قاله مالك وأصحابه إلا ابن نافع ، قال : يقوم عليه الباقي ، والمدبر ، والمعتق إلى أجل إذا ملك أباه لا يبيعه إلا بإذن سيده ، ما لم يمرض سيد المدبر ، أو يقرب أجل المعتق ، فيمتنع إذن السيد ، لأنه لا يملك حينئذ انتزاعه ، وليس له بيع ما ولد للمدبر [ ص: 154 ] أو المعتق إلى أجل بعد عتق ذلك فيهما ، وإن أذن السيد ، لأن الولد يدخل في العقد متأخرا عنه ، قال محمد : والمعتق بعضه يشتري ذلك بإذن السيد فلا يبيعه ، وإن أذن السيد ، وإن أذنت للمكاتب في شراء من يعتق على الحر ، فإنهم يدخلون معه في الكتابة ، وقيل : لا يدخل إلا الولد والوالد ، وإذا اشترى من يعتق على سيده : قال غير ابن القاسم : إن كان على المأذون دين يحيط بماله عتقوا ، ويغرم سيده الثمن لأجل الدين ، فإن كان غير مأذون فلا يعتقون ، ويرد الشراء ، قال ابن القاسم : للمكاتب ملك أبوي سيده وبيعهما ، ووطء الأم ، فإن عجز عتق من بيده ممن يعتق على سيده ، قال اللخمي : اختلف هل يعتق القريب بالملك أو الحكم ؟ وعلى الثاني : هل له انتزاع ماله قبل العتق ؟ فعن مالك : يعتق بالملك ، قال : والأحسن في الأبوين عتقهم بنفس الملك لاتفاق فقهاء الأمصار على عتقهم بخلاف الأخوة للخلاف فيهم .

فرع : في الكتاب : إن اشتريت أباك بالخيار إن كان للبائع ، لم يعتق إلا بعد زوال الخيار ، قال ابن يونس : قال مالك : إن اشترى لا يعتق من اشتراه من ذوي محارمه من الرضاعة أو الظهارة يتبعهم إن شاء ، قال عبد الملك : إن اشترى من يعتق عليه بيعا حراما لم يفسخ شراؤه ، وعتق عليه ، لأن العتق الاختياري يفيت البيع الفاسد ، فالاضطراري أولى ، وقاله ابن القاسم ، فإن لم يكن دفع الثمن ، ولا مال له غيره ، بيع منه بالأقل من القيمة أو الثمن ، وعتق الباقي ، لأن القيمة إن كانت أقل فهي التي وجبت لفساد البيع ، أو الثمن : فالزائد من القيمة إنما يلزم بعد العتق ، فهو دين طرأ بعد العتق ، فيتبع به في الذمة ، قاله ابن القاسم ، قال عبد الملك : إن اشترى أباه على عهدة الإسلام فهو حر بعقد الشراء ، ولا عهدة فيه ، قال ابن القاسم : وإن حبس البائع الأب بالثمن فهلك فهو حر بالعقد ، وإن اشتراه وعليه دين بيع في دينه ، [ ص: 155 ] وكذلك إن ورثه وعليه دين عند ابن القاسم ، لأن الدين مقدم على الإحسان إلى القريب ، بخلاف الهبة والصدقة ، لأنه لم يبدل فيهما بفتح الميم وسكون التاء وهو التمثيل والنكال ، قال : ولم يختلف المذهب أن إزالة عضو منه وإن قل كالظفر ، مثلة إلا في السن الواحدة ، وإن شوهه من غير تنقيص نحو كي الوجه : فأصلهم العتق ، وعليه ما في الكتاب ، أو حرق بالنار ، ولم يشترط ما اشترطه في الفرج ، والأشبه أن قوله : في الفرج ، تفسير ووفاق ، وراعى المدنيون حلق الرأس في العلي ، لأنه مثلة فيهم ، واختلف في حلق شعر المرأة هل يطلق به أم لا ؟ وسجله بفتح السين المهملة ، وزنباع ، بكسر الزاي ، وسندر بفتح السين المهملة وسكون النون وفتح الراء المهملة ، ومعنى : مولى الله ورسوله ، أي عتق بحكمهما ، وقيل : ناصراه على من فعل ذلك ، قال ابن يونس : قال مالك : إن قطع أنملته ، أو أذنه ، أو أرنبته ، أو سنه ، أو بعض جسده عتق عليه وعوقب ، قال أشهب : ويسجن ، قال مطرف : أو خرم أنفه ، أو سود أذنه ، قال أصبغ : من جلل الأسنان أو الأضراس ، قال ابن وهب : إذ عرف بالإباق فوسمه في بعض جبهته : أنه عبد فلان ، عتق عليه ، ولو وسمه بمداد أو إبرة عتق ، خلافا لأشهب ، قال ابن وهب : ويؤدب في حلق الرأس واللحية ، قال محمد : ولا يعتق بالمعض في الجسد ، ولكن يباع عليه ، قال أشهب : ما لم يقطع بذلك شيئا من جسده يبين منه ، قال مالك : ولا يعتق بالمثلة إلا بعد الحكم خلافا لأشهب ، وعنه : المثلة المشهورة لا تفتقر لحكم ، بخلاف ما يشك فيها ، وفي طريق الحديث : ( من مثل بعبده فأعتقوه ) ولم يقل : هو حر ، وعلى هذا إذا مات لا يعتق على الورثة ، [ ص: 156 ] وإذا رفع للإمام وعليه دين محيط به بيع ، وإن فلس أو مات : قال سحنون : لا يعتق لسبي وقال سحنون : وإن ضرب رأسه فنزل الماء في عينيه فليس بمثلة ، وإذا عتق تبعه ماله ، وقال أصبغ : إن استثناه عندما مثل ، أو بعد المثلة ، قبل الحكم عليه بعتقه ، وقبل أن يشرف على الحكم ، فذلك له ، وأما عند الحكم فلا ، لأنه قبل الحكم يورث بالرق ، ويدركه الدين . قال سحنون : إذا فقأ عينه ، وقال : خطأ ، وقال العبد : عمدا ، صدق العبد على السيد ، والمرأة على الزوج ، بخلاف الطبيب لأنه مأذون له ، ثم رجع فقال : يصدق السيد والزوج ، لأنهما عازمان ، قال اللخمي : يعتبر العبد وإلا زالت أو شين : وأن الممثل بالغ صحيح العقل ، وهي ثلاثة أوجه ، وفي الأول أربعة أقسام ، يعتق في واحد للعمل على وجه العذاب دون الخطأ ، وعمد المداواة وشبه العمد كحذفه بسيف فيبين عضوا ، قال ابن دينار : إلا أن يقصد المثلة في مثل ما يقاه من أبيه ، لأن الغالب شفقة الإنسان على ماله ، وقد يريد تهديده دون التمثيل ، وإذا احتمل أحلف وترك ، وكذلك لا يعتق بضرب الرأس إن نزل الماء ، لأنه قد لا يقصد نزول الماء ، ويصدق السيد ، إلا أن يكون معروفا بالجرأة ، وإن زال الشين وبقي اليسير لا يعتق ، وإن أبطل أنملة أو أصبعا فلم يبنها لم يعتق ، لأنه لا يستحق كثير شيء ، ويعتق بإبطال الكف ، واستحسن أصبغ العتق بإزالة سنين من الثنايا لأنها سبق ، بخلاف ضرسين ، وفي الموازية : يعتق بقطع طرف الأذن ، والأحسن : العتق بإزالة اللحية إذا كان شيء لا يعود معه ، ويعتق على الممثل بستة شروط : أن يكون بالغا ، عاقلا ، حرا ، رشيدا مسلما ، لا دين عليه ، لأن عمد الصبي والمجنون كالخطأ ، واختلف في أربعة : [ ص: 157 ] السفيه ، والمديان ، والمريض ، وذات الزوج ، فأعتق أشهب على السفيه والمديون ، لأنها جناية حدها : العتق ، وقال ابن القاسم : لا يعتق عليهم كابتدائهم العتق ، وقال في المريض يمثل : العتق عليه إن مات في ثلثه ، وعلى ذات الزوج في ثلثها أو ما حمله ، وعلى أصل أشهب : من رأس المال في المريض وذات الزوج ، والعتق على العبد أبين ، لأن السيد ملكه فتجري عليه أحكام الأموال كالحر ، قال ابن القاسم : لا يعتق على الذمي كابتدائه العتق ، وأعتقه أشهب ، لأنه من التظالم ، ويعتق بالمثلة : المدبر ، والمعتق إلى أجل ، وإن مثل بعبد معتقه إلى أجل قبل قرب الأجل ، أو عبد مدبره ، وأم ولده في صحته ، عتق عليه ، لأنه انتزاع أموالهم بخلاف قرب الأجل ، قاله مالك ، ولا يعتق عند ابن القاسم إلا بما يعتق به إلى أجل ، وعلى قول ابن نافع : كعبد نفسه ثم يكون الحكم لأن له انتزاع ماله ما لم يعتق ، وكذلك عبد المدبر وأم الولد إذا كان في مرضه فهما سواء عند مالك وابن القاسم ، وهو كعبد الأجنبي ، وعلى قول ابن نافع كعبد نفسه ، ثم يكون الحكم فيهما كمثلته بعبد فيختلف هل يعتق من رأس المال أو الثلث ؟ فمن جعله من الثلث قدم المدبر على الممثل به لأنه عزره بمثلة الهند أي عتقا في المرض وله مدبر ، ومن قال : من رأس المال قدمه على المدبر وإن سقط التدبير ، واذا قدم المدبر لم يعتق الممثل إلا أن يحمل الثلث قيمتهما ، قال ابن يونس : قال ابن وهب : يعتق على السفيه ، ويتبعه ماله كالإتلاف ، قال مالك : وإذا أعتق أم ولده تبعها ، وقال ابن القاسم : يعتق عليه ولا يتبعه ماله ، ثم قال : لا يعتق عليه ، ومن لا ينفذ إعتاقه لا يعتق عليه بالمثلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية