صفحة جزء
فرع في الكتاب : إن مثل بمكاتبه عتق عليه ، وعليه في تلك الجناية ما على [ ص: 158 ] الأجنبي ، لأنه خارج نفسه وماله ، ويقاص بالأرش في الكتابة ، فإن ساواها عتق وإن نافت عليها الكتابة عتق ، ولا يتبع بنفسها ، وإن ناف الأرش عليها اتبع المكاتب سيده بالفضل وعتق ، وإن مثل بعبد مكاتبه لم يعتق عليه وعليه ما نقصه ، لأن المكاتب حاز ماله ، إلا أن يكون مثله مفسدة فله تضمينه كالأجنبي ، ويعتق عليه ، وكذلك عبد امرأته مع العقوبة في العمد ، قال اللخمي : إن كان الأرش أقل حاسبه به من آخر نجومه ، والمثل والجرح سواء ، وقال أصبغ : يتبع سيده لعدم خلوص حريته ، وحوزه حالة الجناية .

فرع : قال اللخمي : مثلته بعبد ولده الصغير كعبد نفسه ، لاستيلائه على ماله إن كان موسرا بقيمته ، أو فقيرا لم يقوم عليه ، فجعل ابن القاسم تمثيله ابتداء ، قال : وليس بالبين ، لأنه إذا أعتق ألزم نفسه القيمة ، وها هنا بحكم القهر الشرعي ، ومثلته بعبد ولده الكبير كالأجنبي ، إلا أن يكون الولد سفيها في ولايته ، فيعتق عليه عند ابن القاسم .

فرع : قال : إذا مثل بعبد أجنبي ولم يبطل الغرض الذي يكتسب لأجله ، فعليه أرش الجناية ، وإن أبطلته الجناية : فثلاثة أقوال : يقوم على الجاني حرا ، وإن لم يقم بذلك السيد لم يعتق ، لأنه حقه ، وقيل : يقدم خيار السيد إن اختار الرجوع بالأرش صار العبد إليه يغرم القيمة ، لأن الحديث إنما جاء في مثلته بعبد نفسه ، ولأن العتق يسرع السادات إلى ذلك ، والأجنبي لا يسرع لمال غيره .

فرع : قال ابن يونس : إن مثل بعبده النصراني : قال ابن القاسم : لا يعتق عليه ، لأن الحديث وارد في المسلم ، وهو قاصر عنه ، وقال أشهب : يعتق ، قياسا على المسلم .

[ ص: 159 ] نظائر : قال ابن بشير : شروط العتق بالمثلة ستة : أن يكون الممثل بالغا ، عاقلا ، مسلما ، حرا ، رشيدا ، مديانا .

الخاصية الرابعة : امتناع العتق لحجر المرض أو الدين : وفي الكتاب : إن أعتقهم في صحته وعليه دين يغترقهم لا مال له سواهم ، لم يجز عتقه ، لأن الدين مقدم على التبرع ، أو لا يغترقهم ، بيع من جميعهم بمقدار الدين بالحصاص لا بالقرعة ، لتعلق حق الجميع بالعتق ، وعتق ما بقي ، وإنما القرعة في الوصايا ، وعتق المرض ، ولا يجوز لمن أحاط الدين بماله عتق ، ولا هبة ، ولا صدقة ، وإن بعد أجل الدين إلا بإذن غريمه ، لأن المال تعين لقضاء الدين ، وهو مقدم على التبرع ، وجوزه ( ش ) ، لأن الدين متعلق بالذمة ، وجوابه : لا فائدة في الذمة إذا عدم المال ، ولذلك شرع التفليس ، ولا يطأ أمة رد عتقه فيها ، لأن الغريم إن أجاز عتقه أو أيسر قبل أن تباع ، عتقه ، وبيعه ، ورهنه ، وشراؤه جائز ، لأن لا يخل بالمال ، بل لنميه ، وإن باع عبدك سلعتك بأمرك ، ثم استحقت بعد عتقه ، ولا مال لك فلا رد للعتق ، لأنه دين لحقك بعد العتق ، وإذا أعتقت وعليك دين ولك عرض أو مال غير العبد يفي بالدين ، فلم يقم الغرماء حتى هلك العرض ، فلا يردوا المعتق وإن لم يعلموا ، ولا يباع لهم إلا ما كان يباع لهم يوم العتق بعد إدخال المال الكائن يومئذ ، وكذلك التدبير لتقدمه على حقهم فلم يصادف حجرا ، بخلاف الخلاف ، لأنه لا يكاتب بعض عبد ، ويباع في الدين إلا أن تكون الكتابة إن بيعت وبعضها كفافا لدين ، فباع ولا رد الكتابة ، قال ابن يونس : قال سحنون : إن وطأ جارية رد الغرماء عتقه ، أو وطأ جارية أوقفها الحاكم للبيع فحملت ، إن عذر بالجهالة لا شيء عليه ولا أدب ، وإن وضعت [ ص: 160 ] ولم يعد مالا بيعت هي وولدها حر ، لأنه سبب قد تقدم الدين عليه . ومنع الحاكم والولد على الحرية ، لأنه ولد السيد من أمته ، وكذلك إن وطئها بعد الإنفاق وقبل العتق ، إذا وطئها قبل العتق فحملت لا تباع إلا أن يكون الحاكم انتزعها ووقفها للبيع . فوطئها فحملت ، فها هنا تباع ، قال : والصواب : التسوية بين إيقاف الغرماء والسلطان ، لأن ضمانها منه في الوجهين ، قال : وكذلك عندي لو تشاور الغرماء في تفليسه ، فقال : أنا أقفها بالولادة ، وشهد على قوله ، فإنها تباع بعد الوضع ، لتسببه في إتلاف أموالهم ، كبيع العامل الميراث ، قال ابن القاسم : إن تصدق ، أو أعتق ، ثم قام الغرماء وأثبتوا أنه لا وفاء عنده حين الصدقة ، فإن لم يعلموا بالصدقة ردها الغرماء ، وأثبتوا أنه لا وفاء عنده لا الفضل عن دينهم ، ولا يرد العتق إن طال زمانه ووارث الأحرار ، قال مالك : وترد الصدقة وإن طال الزمان ، إلا أن يسري خلال ذلك ، ولا يرد إن أعدم بعد ذلك قبل قيامهم ، قال أصبغ : والتطاول في العتق الذي ربما أتت على السيد أوقات أيسر فيها ، وينزل الغرماء على أنهم عملوا لطول الزمان ، ولو تيقنا بشهادة قاطعة عدم اليسار وعدم علمهم فرد عتقه ، ولو أولد له سبعون ولدا .

قال ابن عبد الحكم : إن قاموا بعد ثلاث سنين وهم في البلد صدقوا في عدم العلم ، وإن قالوا : علمنا العتق دون عجزه عن الوفاء يمضي العتق بقدر دين من علم العتق بالحصص : قال مالك : إن أعتق وله ما يفي بنصف دينه ، وأفاده بعد العتق ، ثم ذهب ، رد من العتق بقدر تمام دينه ، لأنه متعلق الحجر دون غيره ، [ ص: 161 ] قال محمد : وإن أفاد بعد تلف هذا المال بما يفي بنصف دينه أيضا فلم يقم الغرماء حتى ذهب ، فلم يرد من العتق شيء ، وقاله ابن القاسم ، وإن أعتق عبدين معا وعليه دين مثل نصف قيمتهما ، فمات أحدهما فلا يباع من الثاني إلا ما كان باع منه لو يفت الآخر ، وكذلك لو أعور أحدهما ، لأنه مقتضى السبب السابق ، ولو أعتق واحدا وفي الأخير كفاف الدين الأول ، أو أقل من الدين بيع من الأول ببقية الدين ، وإن لم يبع الآخر حتى نقصت قيمة الآخر بحوالة سوق ، أو نقص بدن ، لم ينظر لذلك ، وعتق الأول ، أو ما كان يعتق منه يوم العتق ، قاله كله ابن القاسم ، قال محمد : إن حالت قيمته بزيادة ، ثم نقصت . فليحسب المفلس لدفع قيمته بلغت الآخر ، وإن أعتق عبده وعليه ما يغترق نصف قيمته يوم العتق لم ينظر إلا ما زاد بعد ذلك أو نقص من القيمة ، وينبذ عتق مالك الحصة ، أما النقص فعم ، وينبغي في الزيادة ألا تباع إلا بقدر الدين ، وذلك يزيد في عتقه ، قال أصبغ : أعتق جارية قيمتها ألف ، وعليه تسعمائة ، فإن بيع منها للدين لم يكن في بعضها وفاء ، وإن بيعت كلها بيعت بأكثر منها ، قال : تباع كلها ويمنع بما بقي من ثمنها بعد قضاء الدين ما شاء ، وإن يئس أن يباع منها بتسعمائة ولو أكثر من تسعة أعشارها ليبيع ، وعتقت الفضلة ، ولو تأخر بيعها حتى حال سوقها فلا تساوي تسعمائة ، فإنما يباع منها اليوم ما يباع قبل ذلك ، ويتبع بالباقي في ذمته أو بزيادة لم يبع إلا كفاف الدين بحصول المقصود ، وعن مالك : إذا بعضه لم يوف بالدين لتعينه بالحرية ، إذا بيع كله كان أكثر من [ ص: 162 ] الدين ، يباع كله ، ويستحب جعل الفضل في حرية .

قال ابن عبد الحكم : إن أعتق عبدين قيمة كل واحد مائة ، وعليه خمسون ، وإن بيع من كل واحد جزء ، لم يكف الدين لدخول الحرية ، وإن بيع كل واحد منهما كان ثمنه أكثر من الدين ، فيقرع بينهما فيباع الخارج بالقرعة . ويصنع بفضل ثمنه ما شاء ، ويعتق الآخر ، قال ابن الحكم : وكذلك إن مات عن مدبر قيمته مائة ، وعليه عشرون ، وإن بيع جزء بالدين لم يبلغ الدين ، فيباع كله ويقضى الدين ، ويفعل الوارث بالفاضل ما شاء ، لأنه مال أذن إليه الأحكام لا عتق فيه ، قال سحنون : يباع على التبعيض فيقال : من يشتري منه بعشرين ؟ فيقال : زيد أخذ ربعه ، ويقول آخرجه حتى ينته ، فهو العدل ، قال محمد : إن أعتقهم وعليه دين يحيط ببعضهم فلم يعلم الغرماء حتى ادان ما يحيط ببقيتهم ، قال ابن القاسم : لا يباع إلا قدر الدين الأول بفلسه ، لأنه الذي تقدم العتق ، وقال أشهب : يباعون كلهم حتى يستوفي الأول والآخر ، لأنه إذا دخل الآخر مع الأول لم يستوف الأول حتى يستوعب الجميع ، والصواب : لا يباع الأول ، ويدخل الآخر ، قال ابن القاسم : إن دبره وعليه دين يحيط ببعضه ، ثم ادان ما يغترفه ، بيع بقدر الدين الأول ما حده الدين الأول ، ولا يدخل فيه الآخر ، ولا يباع له شيء وقد بقي له ما يباع بعد موت السيد ، وإن ابتاع بيعا فاسدا ، وأعتق قبل دفع الثمن ، وقيمته أكثر ، وليس له غيره : قال أشهب : يرد منه قدر الثمن ، لأن القيمة تحددت بعد العتق ، وقاله ابن القاسم ، قال اللخمي : إذا بيع الجميع لأن البعض لا يوفي منه بالدين لتعينه بالحرية ، وجب جعل الفضل في عتق ، وإذا كانوا عددا ، والعتق في الصحة ، بيع في الدين بالحصص ، ولا مقال للعبيد في العتق وفيمن يباع ، إلا أن يكون متى بيع بالحصص لا يفضل للعتق لعيب العتق ، فيقرع فيمن يباع للدين ، ويعتق الباقي ، وإن بتل في المرض أو وصى بالبيع للدين [ ص: 163 ] حسب ما كان العتق ، إذا ضاق الثلث ، ولم يجز الورثة ، فيباع بالقرعة بعد قضاء الدين بالقرعة . وإذا وقع بالقرعة للبيع عبد وبعض آخر ، لم يبع البعض حتى يقرع على نفسه ، فإن خرج للعتق بيع على أن بقيته حر ، وللورثة فعل ذلك نفيا للغرر في البيع ، فإن بيع قبل علم المشتري فإن بقيته حر أو رقيق فسد البيع ، وإن كان معه مائة ، ثم ذهب للذي أفاد وذهب المائة الأولى إذا ذهب جميع ذلك ، يمضي العتق لحصول كمال اليسار بعد العتق ، وفي الموازية : إذا أفاد بعد ذهاب الأول بمعنى العتق ، فإن رد العتق ، وأفاد بعد قبل البيع أو بعده . قال مالك : ينفذ العتق وإن وقع قبل إنفاذ البيع ، لأن بيع الإمام بالخيار ثلاثا ، وقال ابن نافع : رد الإمام يمنع العتق ، وإن أفاد مالا ، وفي مختصر الوقار : إن أفاد بالقرب عتقوا وإلا فلا ، وإن لم يرد العتق حتى مات العبد عن مال وله ورثة أحرار ، أو مات له ولد حر وخلف مالا ، ثم أجاز الغرماء العتق لم يورث ، ولم يرث بالحرية ، وفي هذا خلاف لأشهب ، والأول في الكتاب ، لأنه عبد حتى يعلم العلماء ويخير قال ابن يونس : قوله أول الفرع : إذا استحقت السلعة بعد العتق لا يرد العتق ، هذا إذا كان الثمن بيد السيد حين أعتق أما إن تلف أو أنفقه قبل العتق رد العتق ، لأن السلعة لم يكن له مال ، ولو كان له رجوع بالثمن على أحد لم يرد العتق حتى يوئس من الثمن ، ولو كان إنما قام المبتاع السلعة بعيب فقد هلك الثمن ولا شيء للبائع ، لم ينقض من العتق إلا قدر قيمة العيب ، ردها بقيمتها ، أو فاتت ، وأخذ الأرش ، ولا يقبل في ذلك إقرار البائع ، ولا يقبل العيب إلا بالبينة ، ويتبع بحصة العيب دينا إن أقر ، قاله محمد ، وهو تفسير لقول ابن القاسم ، قال بعض القرويين : وهذا بخلاف ما في كتاب الرهن ، إذا زوج أمة وقبض صداقها ، ثم أعتقها الزوج قبل البناء ، يرجع بنصف الصداق ، فوجد السيد عديما ، لا يرد [ ص: 164 ] العتق لوجوب نصف الصداق بعد العتق بالطلاق ، ولو شاء الزوج لم يطلق ، ولو طلق قبل ، ثم أعتق السيد بعد معدما ، رد من العتق بقدر نصف الصداق ولو تزوجها تزويجا يجب فسخه قبل البنا ، ثم أعتقها قبل الفسخ ، ثم فسخ فوجد السيد عديما ، رد العتق ، لأن الصداق من حين قبضه دين عليه لفساد النكاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية