صفحة جزء
فرع في الكتاب : إذا أعتق المسلم نصرانيا فلحق بدار الحرب ناقضا للعهد فسبي وهو فسيء ، فإن عتق فولاؤه لمعتقه أخيرا ، فإن أعتق فصار قبل لحوقه أو تزوج حرة نصرانية فولدت منه أولادا ثم أسلموا فولاؤهم لمولاه الأول ، لأن ذلك قد ثبت له ، وولاؤه هو وولاء ما تولد له أو يعتق من الآن لمولاه الثاني ، ولا يجر إليه ما قبل الرق الثاني .

فرع : في الكتاب : إذا ردت شهادته بالعتق ، ثم اشتراه أوصى ابنه بعد موته أنه أعتق عبدا في وصيته ، ثم ورثه عنه مباشرة ، أو أقر بعد الشراء أنه حر ، أو أن البائع أعتقه والبائع منكر ، أو قال : كنت بعت عبدي منك فأعتقته وأنت تجحد [ ص: 197 ] عتق العبد في ذلك كله بالقضا وولاؤه لمن يزعم أنه أعتقه مؤاخذة بالإقرار ، أو أقر أنها أم ولد لبائعها له ، حرم عليه وطئها ، ولا يعجل عتقها حتى يموت البائع ، إذ لعل البائع يقر بذلك فتعود له .

في التنبيهات : قال أشهب : إن أقر أنه باعه من فلان فأعتقه لا يعتق عليه إلا أن يقر بعدما اشتراه ، حينئذ يكون إقرارا على نفسه ، وفي النكت إذا أقر أن بائعه له أعتقه ، والبائع منكر ، عتق على المشتري ، لإقراره ، زاد ابن يونس : وولاؤه للذي قضي عليه بالعتق ، وإذا مات العبد عن مال فللمشتري منه مقدار ثمنه ، وباقي المال يكون للبائع إن ادعاه ، وإلا كان موقوفا ، فإن ترك أقل من الثمن فليس له غيره ، فإن مات البائع أولا قبل العبد ، ثم مات العبد ولم يترك البائع مالا فليس للمشتري من مال العبد شيء ، لأنه يورث بالولاء ولم يظلمه الوصية ، ولا الثمن في ذمة من ظلمه ، والثمن على البائع ، إنما يلزم تركته ولم يترك مالا ، فلا شيء له ، فإن ترك البائع مقدار الثمن لم يأخذ الورثة ما ترك العبد حتى يرثوا الثمن ، أو مقدار ما ترك البائع .

قال ابن يونس : إن قال الشاهد : كنت شهدت بباطل ، قال أشهب : لا أعتقه عليه بعد تحليفه ، فإن نكل عتق عليه ، وولاؤه للمشهود عليه ، وإذا مات المشهود بعتقه بعد المشهود عليه ، لا يرثون الولاء كالنساء ، ويرثه المسلمون ، ولا شيء للشاهد من تركة الميت ، لأنه منكر ، وكذلك إن كانوا يرثون الولاء ، وترك العبد من يرثه بالنسب فلا شيء للشاهد من التركتين ، وإذا اشترى عبدا فأقر أن بائعه أعتقه وتركه المعتق قبل موت المشهود عليه أو بعده كما تقدم فمن ردت شهادته لعتقه ، ثم اشتراه ، وإذا قال : كنت بعت عبدي هذا ابن فلان فأعتقه وهو يجحد ، والمشتري ملي بالثمن ، لم يسترقه البائع ويحكم عليه بعتقه ، أو معدما ولا فضل في قيمته فلا بأس باسترقاقه ، وإذا أقر أنها أم ولد للبائع ، [ ص: 198 ] فماتت عن مال قبل موت البائع ، أخذ هذا منه قدر الثمن والباقي للبائع إن أقر ، وإلا وقف ، وإن مات قبلها فما تركت لمن يرث الولاء عن البائع كما تقدم في العبد ، قال بعض شيوخنا : نفقتها في الإيقاف إن عجزت عن نفقة نفسها على البائع ، لأنها وقفت له ، فإن أبى عتقت عليه ، وكذلك أم ولد الذمي إذا وقفت له .

قال ابن يونس : وعندي أن نفقتها على المشتري لأنها في ضمانه ، فهو يدفع بإقرارها النفقة عن نفسه ، ورد ثمنها فلا يقبل منه فيها ، ولأنه ظالم في شرائها ، والظالم أحق أن يحمل عليه ، بخلاف أم الولد الذمي فإن نفقتها كانت على سيدها ، وليست بمتعدية في إسلامها ، وملكه باق عليها .

قال اللخمي : إذا كان ورثة البائع رجالا ونساء ، فللمشتري الأقل من ثلث ما خلفه العبد ، أو الثمن ، أو ما ينوب الذكور من الميراث ، وقيل : يأخذ جميع الثمن لإقرارهم أن الذي أخذه السيد أخذه بغير وجه ، والميراث مؤخر عن الدين ، فإن كان وارث الولاء عصبة أو بنون ولم يترك للبائع مالا ، فلعصبته جميع ما خلف الولي ، ولا شيء للمشتري ، وإن كان ورثة السيد نساء وأحطن بجميع تركته ، وورث الولاء عصبته لم يكن للمشتري شيء ، وإن شهد أحد الشريكين على الآخر أنه أعتق نصيبه من العبد وهو موسر .

قال ابن القاسم : يعتق ، وقال غيره : لا يعتق ، قال اللخمي : إنما يصح العتق على القول بالسراية دون القول أنه لا يعتق بالقيمة ، لأنه لا يعتق نصيبه إلا بعد أدائها .

التالي السابق


الخدمات العلمية