صفحة جزء
فرع

في الكتاب : إذا دبر أحد الشريكين أمة ، تقاوياها فإن صارت لمن دبرها كانت مدبرة أو للآخر رقت كلها إلا أن يشاء غير المدبر تسليمها للمدبر ، ويتبعه بنصف قيمتها فله ، فإن كانوا ثلاثة فأعتق الثاني وتماسك الثالث والمعتق ملي قومت عليه وعتقت كلها ; لأنه ابتدأ عتقا ، أو معسر فالتمسك مقاواة المدبر إلا أن يكون المعتق قبل التدبير ، والمعتق عديم فلا يلزم المدبر مقاواة ، لأنه يرى عتق بعد عتق مقدم لم يكن عليه تقويم وإن كان مليا ، ويجوز تدبير أحد كما بإذن شريكه ، فإن رضي سقط حقه ، وللمستمسك بيع حصته إذا بين أن نصفه مدبر ولا مقال للمبتاع مع المدبر ; لأنه تنزل منزلة البائع ، وإن دبراها معا أو واحدا بعد واحد فإن مات أحدكما عتقت حصته في ثلثه ، ولا يقوم عليه حصة شريكه ، فإن لم يحمل الثلث حصته فما حمل ويرق الباقي للوارث ، وليس له مقاواة الشريك ; لأنه بمنزلتك ، فإن مات الثاني عمل في حصته كالأول ، فإن دبر أحدكما ثم أعتق [ ص: 226 ] الآخر أو أعتق حصته من مدبر بينكما قوم على المعتق حصة الآخر قيمة عبدا ; لأن التدبير انفسخ كما تقدم ، والمدبر ، وأم الولد ، والمعتق إلى أجل في جراحهم وأنفسهم قيمة عبد ، قال ابن يونس : كانت المقاواة عند مالك ضعيفة ، وإنما هي شيء جرت في كتبه ، وقال مرة بغيرها ، وقال : يقوم عليه لأن فيها إبطال الولاء ، وعن عبد الملك : لا بد من المقاواة لحق العبد أعتق الشريك بإذنك أم لا ، وقاله مالك ، وقال : إن كان المدبر عديما تقاواه ، فإن وقع عليه بيع من نصيب صاحبه يريد : فما عجز عنه بيع له ولا يباع من نصيبه الذي دبر شيء ، وقال ابن القاسم : لا مقاواة فيه ، وقال سحنون : تدبيره باطل إن لم يرض شريكه ; لأنه لا يجد ما يغرم بالمقاواة فيه بخلاف المبتل ، لأن مصلحة العتق تحققه فاغتفر إعادة ، وعن ابن القاسم : إن أراد المتمسك مقاواة المعدم على أن يتبعه إن وقع عليه فله ذلك ، وإن قاواه ولا يعلم بعدمه ثم علم بعد أن وقع عليه فله فسخ المقاواة ، قال أصبغ : لا يفسخ ويباع منه كله بقدر ما عليه لأنها كالبيع ، ولا يفسخ بعدم الثمن ، وما بقي فهو مدبر ، كمن دبر وعليه دين وهو القياس ، والاستحسان : لا يباع له إلا قدر ما يباع ، ففي تدبير أحدكما ثلاثة أقوال : التقويم ، والمقاواة ، والتخيير بين التمسك والتقويم والمقاواة .

ومعنى المقاواة : تقويمه قيمة عدل ، ويقال للذي لم يدبر : يزيد عليها ويسلم هكذا حتى يصير إلى أحدكما ، وعن سحنون : إن شاء المتمسك إلزامه المدبر بالقيمة يقوم عليه صار مدبرا كله ، فالتقويم دون ائتناف حكم ثان ، وقال عبد الملك : لا يكون النصف المقوم إلا بحكم جديد ، وقاس الأول على المعتق ، لأنه بالتقويم حر ولا فرق ، ولورثة غير المدبر مقاواة المدبر كموروثهم إلا أن يعلم بالتدبير بعد سنين وما ترى أنه ترك المقاواة بخلاف العتق ، وهذا على القول بتخيير الشريك ، وعلى تعيين المقاواة للوارث وإن طال لأنه حق للعبد ، وإذا أعتق أحدكما ثم دبر الآخر عتق نصيبه ; لأنه ليس له إلا أن يعتق ناجزا ويقوم ، فلما ترك التقويم لزمه التخيير ، فإن قال : دبرت أولا وقلت : بل أعتقت أولا فأنت مدعى عليك ، وتصدق مع يمينك لأنك مدعى عليه استحقاق التقويم ، فإن نكلت حلف [ ص: 227 ] ووجبت لك القيمة ، فإن نكل فلا شيء له ، ويعتق عليه نصيبه فإن كنتما في بلدين ولا علم عند أحدكما يدعيه ، ولا بينة فلا شيء عليك ، ويعتق عليه حصته لنكوله عن اليمين ، وهذا على غير مذهب مالك ، وأما عند مالك وابن القاسم : فإن على المعتق القيمة ; لأنه إن كان أولا فالتدبير بعده باطل ويقوم عليه أو ثانية قوم عليه ، فعند الجهل يلزم التقويم ، قال اللخمي على أحد قولي ابن القاسم : إن التقويم حق لله دون الشريك لا يجبر على التقويم ، وإن دبر بإذنه وتخلف صفة التقويم ، فإن كان بغير إذنه قوم على أنه لا تدبير فيه أو بإذنه قوم على أن نصفه مدبر لدخوله على العيب ، فإن لم يقوم وتمسك أو دبر ، والتدبير الأول بغير إذن الشريك : اتبعه الآخر بعيب التدبير ، وبإذنه لم يتبعه بشيء ، وإذا دبرت ثم أعتق الآخر : يقوم حصة المدبر على المعتق قاله في المدونة ، وعنه لا يقوم ولا يبطل التدبير ، وعلى الأول يسقط عيب التدبير لسقوطه ، ويقوم على المعتق على أنه غير مدبر ولا معتق ، وعلى عدم التقويم يرجع المعتق على المدبر بعيب التدبير ، فإن أعتق أحدكم معسرا ، ثم دبر الثاني قوم على المعتق نصيب شريكه أو المعتق معسر قضى المعتق في نصيب المعتق والتدبير ، ورق نصيب الثالث على قول ابن القاسم ، وعلى قول ابن نافع : يقوم الثالث نصيبه على المدبر إن شاء ، وإن تقدم التدبير ، ثم المعتق والمعتق معسر فثلاثة أقوال : قول المدونة : يقوم المدبر والمتمسك على المعتق ، وعلى قول الآخر : لا يقوم المدبر لئلا ينتقل الولاء ، ويقوم المتمسك على المدبر ; لأنه مبتد للفساد ولا يقوم على المعتق ، وعلى قول ابن نافع : يقوم على المعتق ; لأنه المحقق للعيب بالعتق ، فإن كان معسرا قوم الثالث على المدبر أو يقاويه وهو قول ابن القاسم ، وفي كراهة مالك لتدبير أحدكما قولان ; لأنه يؤدي للعتق من غير استكمال إذا مات أحدكما ولم يحمل ثلثه نصيبه ، فإن نزل مضى .

التالي السابق


الخدمات العلمية