الركن الثاني : 
العوض ، وفي الجواهر : 
شرطه أن يكون دينا منجما ومؤجلا ، قال  
ابن القصار  في تعليقه : التأجيل والتنجيم ظاهر قول  
مالك  وشيوخنا ، وقال  
القاضي  في الإشراف : ليس عن  
مالك  نص صريح في الحالة وأصحابه يجيزونها ، وهو وأصحابنا جوزوا الحالة ، وقاله ( ح ) ، وقال ( ش ) : لا بد من نجمين ، وتقدم البحث في الركن الأول . 
وفي الركن سبعة فروع : 
الأول : في الكتاب : يجوز على وصف حمران أو سودان من غير وصفهم ، وله الوسط من ذلك الجنس كالنكاح ، ووافقنا ( ح )  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل  ، وقال ( ش ) : لا بد من ذكر أوصاف السلم . لنا أن العتق معنى لا يلحقه الفسخ فجاز أن يكون العبد المطلق عرضا كالغرة . احتجوا : بالقياس على البيع والإجارة . 
وجوابه : الفرق بأن الكتابة مبنية على المسامحة ، لأنه بيع ماله بماله ، ومقصودها المهم : العتق فلا يضر الغرر في المالية بخلاف البيع ، مقصوده : المالية والمكايسة ، وفي الكتاب : إن 
أوصى أن يكاتب عبد كوتب بكتابة مثله في أدائه ، وإن كاتبه على قيمته جاز وينجم عليه الوسط من قيمته ، ومنعه ( ح ) للجهالة . 
لنا : القياس على الوصف أو لأنها معلومة غالبا ، ويجوز على عبد فلان بخلاف النكاح ; لأنه لا يجوز خلوه عن العوض ، بخلاف العتق ، ويمتنع 
على لؤلؤ غير موصوف لتفاوت الإحاطة بصفته . في التنبيهات : قيل قوله : في اللؤلؤ مخالف لجواز السلم فيه ، والفرق : أنه في السلم يوصف ، وهاهنا غير موصوف فيتعذر ضبط وسطه لاختلاف أجناس وسطه ، وأيسر تفاوته عظيم ، بخلاف الوصف أو سوى غيره بينهما ، واتفق جماعة منهم إذا لم يسم عدد   
[ ص: 253 ] اللؤلؤ أو وزن جملته امتنعت الكتابة ، واختلفوا إذا لم يسم عدد الوصف ، فقيل : تمتنع الكتابة ، وقيل : تجوز وله كتابة مثله وصفا ، قال  
ابن يونس     : إن لم يصف الجنس وفي البلد سودان وحمران من غير غلبة أحدهما : أعطى النصف من كل جنس كالنكاح ، قال بعض أصحابنا : إذا لم يذكر عدة الوصف فله عليه كتابة مثله وصفا ما لم ينقص عن وصفين ، وكذلك قول غيره في اللؤلؤ ما لم ينقص عن لؤلؤتين ، وجعله مثل ما إذا أوصى أن يكاتب ولم يسم ما يكاتب به ، وقيل : لا يجوز ذلك في الصحة ، ويجوز في الوصية لتعذر مراجعة الميت في إرادته . 
وفي الكتاب : إن 
كاتبه على ألف درهم ولم يذكر أجلا ، نجمت عليه ، وشأن الكتابة : التأجيل ، وكذلك إن أوصى أن يكاتب بألف درهم ولم يضرب أجلا . ومن هاهنا قيل : إن ظاهر المذهب منع الكتابة الحالة ، قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون     : وإن 
كاتبه على عبد فلان ، ولم يصل إليه فعليه قيمته ، ومنعه  
أشهب  للخطر وتفسخ الكتابة ، قال  
محمد     : وإن لم يشترط ودى قيمته ولا يفسخ ، وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=13587ابن ميسر     : لا يتم له شيء إلا بعبد فلان ، كما قال  
ابن القاسم  إذا 
كاتبه على عبد آبق أو بعير شارد ، ولم يأت به فقد عجز ، قال  
اللخمي     : وكره  
أشهب  البعير الشارد ونحوه ، وقول  
ابن القاسم  أحسن ; لأن له انتزاع ذلك منه بغير عتق فإذا أعتقه عليه فقد تفضل عليه ، وجوزها  
ابن القاسم  على إتيانه بعبده الآبق ; لأن له إجباره على طلبه ، ويجوز على أن يغرس أرضه وديا فإذا بلغت فهو حر ، واختلف في هذا الأصل هل هي كتابة فتثبت عند الفلس والموت أو عدة فتبطل ؟ قولان  
لابن القاسم  ، ومنه : تربية البقر حتى تسير عددا كذا ، وإذا كاتبه بقيمته قوم بالحال ; لأنه أصل القيم ثم ينجم وإن سمى النجوم ولم يسلم ما يؤدي فيها ، جعل عليه ما يستطيعه . 
الثاني : في الكتاب : إن 
أعتق بأداء العبد الموصوف فوجد معيبا رده واتبعه بمثله ، ولا يرد العتق ، وكذلك النكاح ; لأن العبد في الذمة ، وإن كاتبه على طعام   
[ ص: 254 ] مؤجل فله مصالحته على دراهم معجلة ، ولا يبيعه من أجنبي ; لأنه بيع الطعام قبل قبضه ، ويجوز فسخ العين أو العرض حل أم لا في عرض نقدا أو مؤجلا مخالفا للعرض الذي عليه أو من صنفه ، بخلاف البيوع ; لأنه فسخ دين في دين ، ولا تبعه من أجنبي إلا بثمن معجل ، ويجوز أن يضع عنه ويتعجل أو يؤخر ويزيدك ، وتفسخ الدنانير في دراهم إلى أجل ، ويعجل عتقه لأنها ليست بدين ثابت ، لأنه لا يحاص بها في الفلس ولا الموت ، وإنما هي كمن قال : إن جئتني بكذا فأنت حر ثم قال : إن جئتني بأقل فأنت حر ، ولك مقاطعته بما عليه في عمل يعمله أو حفر بئر طولها كذا . 
فائدة : في التنبيهات : القطاعة بفتح القاف وكسرها ; لأنه قطع طلب سيده عنه بما أعطاه أو قطع له بتمام حريته بذلك أو قطع بعض ما كان له عنده ، وجوزها  
مالك  بما يجوز بينك وبين غريمك عجلت العتق بذلك القبض ، أو أخرته بتأخير بعضه عجل قبض ما قاطع عليه أو أخره ، ومنعها  
 nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون  إلا ما يجوز بينك وبين غريمك الأجنبي ، وقاله ( ش ) قياسا على البيع . 
فائدة : الفعالة بفتح الفاء : السجايا الخلقية كالشجاعة والفسالة والنجابة ، وبكسرها : الصنائع كالنجارة والخياطة والصياغة ، وبضمها : لما يطرح كالنخالة والفصالة والنحالة والزبالة ، وهذه الاستعمالات لغة لكثرته غير مطردة ، والقطاعة : هي بيع الكتابة بشيء آخر فهي نحو من الصناعة والتجارة ، فالكسر فيها أنسب ، قال  
ابن يونس     : قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون     : إذا كانت القطاعة يعملها سيده امتنع ; لأن كل خدمة تبقى بعد عتقه فهي ساقطة ، وإن كانت عليه دينا عاش أو مات جازت ، تعجل العتق وإلا امتنع وكان دينا بدين ، وقد كره  
مالك  الربا بين العبد وسيده ، قال  
ابن القاسم     : وإذا أحل لك مكاتبك بالكتابة على مكاتب له ، وله عليه   
[ ص: 255 ] مثل ما على الأعلى امتنع إلا أن يثبت أخت عتق الأعلى ، فإن عجز الأسفل كان رقا لك ، ولا يرجع على المكاتب الأعلى بشيء ; لأن الحوالة كالبيع وقد تمت حرمته ، ومنع  
ابن القاسم  الحمالة بالكتابة إلا على تعجيل العتق ، وأما الحوالة على من لا دين له قبله فيمتنع ; لأنها حمالة أو على من له عليه دين حال أو لم يحل جاز إن حلت الكتابة ويعتق مكانه ، وكذلك إن حل عليه نجم ويبرأ من ذلك النجم ، وإن كان آخر نجومه عتق مكانه ، وإن لم يحل النجم لم يحل امتنعت الحوالة وإن حل الدين ; لأنه فسخ دين لم يحل في دين حال أو لم يحل ، وكره  
مالك  بيع الكتابة من أجنبي بعرض أو غيره إلى أجل   ; لأنه دين بدين ، ووسع فيه بينك وبين مكاتبك ، وجوز  
أشهب  الحوالة وإن لم تحل الكتابة ويعتق مكانه ; لأنها ليست بدين ثابت ، وكأنه عجل عتقه على دراهم نقد ومؤجلة ، والكتابة دنانير لم تحل ، فمن قال : إن جئتني بدراهم فأنت حر ثم قال : إن جئتني بعشرة دنانير فأنت حر ، وإنما كرهه  
ابن القاسم  فيما لا تعتق به كله مكانه . 
الثالث : في الكتاب : إن 
كاتبه على خدمة شهر جاز عند  
أشهب  ، ولا يعتق حتى يخدم شهرا لأنه ظاهر الشرط ، وقال  
ابن القاسم     : إن عجل عتقه على خدمة شهر بعد العتق بطلت الخدمة وهو حر ; لأنه استثنى من الحرية الخدمة ، والحرية لا يستثنى منها وكما لو قال على أن أطال ، وإن أعتقه بعد الخدمة لزمت العبد الخدمة لوقوعها في زمن الرق ، وكل خدمة اشترطها بعد أداء الكتابة بطلت أو في كتابة فأدى الكتابة قبل تمامها سقطت ، في النكت : قال بعض شيوخنا : إذا كاتبه على خدمة شهر لا يختلف  
ابن القاسم  وأشهب  إلا في وجه واحد : إذا عجل قيمة الخدمة فيتعجل عتقه عند  
أشهب  كتعجيل الكتابة ، ولا   
[ ص: 256 ] يتعجل عند  
ابن القاسم  ، قال بعض شيوخنا والمكاتب إلى مدة يخدمها معلومة : له حكم المكاتب ; لأن المعتق إلى أجل لإشعار لفظ الكتابة بإرادة السيد لذلك فيجوز ماله ، وينفق عليه نفسه ، وقوله : إذا عجل الكتابة سقطت الخدمة : إنما يصح في الخدمة اليسيرة ; لأنها في حيز التبع ، فإن كان الأقل مالا والأكثر خدمة فلا . 
قال  
ابن يونس     : إذا ادان ، له حكم مكاتب لا المعتق إلى أجل ، ينبغي أن يكون له التعجيل قيمة الخدمة ، وإنما يمتنع إذا قال : اخدمني شهرا وأنت حر ; لأنه معتق إلى أجل ، قال  
مالك     : وإن كاتبه وشرط عليه أسفارا وضحايا فأدى الكتابة وعجل الضحايا عتق وسقطت الأسفار ، وعنه : إذا لم تحل الضحايا ، وعجل قيمتها عتق والقيمة على أنها حالة ، وعن  
ابن القاسم     : إن 
شرط عليه خدمة أربعة أيام كل أسبوع مدة الكتابة فقط ، والأضحية ما عاش لزمه ، فإن أدى الكتابة قبل محلها أو بعده سقطت الخدمة ، ويعمر المكاتب ، وتؤدى قيمة الضحايا في تعميره معجلة ، ولا يعتق حتى يؤديها قاله  
مالك  ، وقال  
ابن القاسم     : يؤدي القيمة حالة إلى أجلها ، قال  
ابن القاسم     : وإن 
شرط أن لا يخرج من خدمته حتى يؤدي لا يفسخ بذلك ، ولزم الشرط ، قال  
محمد     : سقطت الخدمة إذا بقيت بعد الأسفار ; لأنها بقيت من الرق وقد أمر الشرع بتكميل العتق على معتق بعضه حتى لا يبقى فيه شيء من الرق ، إلا أن 
يشترط العتق بعد أداء الخدمة والأسفار فيلزمه ولا يعتق حتى يفعل ذلك أو يعجل قيمته ، وعن  
مالك     : ابن لي هذه الدار وأنت حر ، فمرض فله أن يأتي بمن يبني وإن كره السيد ، قال  
أحمد بن ميسر     : هذا في العمل المفهوم كالبناء بخلاف الخدمة إلا أن يرضى السيد ; لأنه معتق إلى أجل . قال  
ابن يونس     : التفرقة التي في الثلث بين الخدمة اليسيرة وغيرها : مخالفة للتعليل محملة ببقاء الرق فإن الرق يكمل   
[ ص: 257 ] حريته ، وإن بقي الأكثر ، قال  
اللخمي     : إن كاتبه على خدمة هذا الشهر فمرض أو أبق لم يعتق بخلاف المعتق إلى أجل ; لأنه مكاتب لم يؤد ما عليه ، فإن أعطى قيمة ذلك الشهر عتق استحسانا ، وإن قال : على خدمة شهر فمرض بعد العقد شهرا على سنة الكتابة فإن اعترفت أنه أراد تعجيل العتق عتق وسقطت الخدمة ، وفي الموازية : إذا اشترط مع المال أسفارا فأدى ، لا يعطيه مكان الأسفار شيئا ، وعلى هذا يعطيه قيمة الخدمة . 
الرابع : في الكتاب : إن 
كاتب على ألف على أنه إذا أدى وعتق فعليه مائة جاز ، كمن أعتقه على أن عليه مائة ، قال  
ابن يونس     : قال  
محمد     : وسعه بالمال ، ولا يحاص به الغرماء ، قال  
 nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون     : قول  
مالك     : أنت حر وعليك أو أنت حر على أن عليك ، سواء ، وهو حر وعليه ما سمي ، وقال  
ابن القاسم     : يخير العبد في : على أن عليك في العتق والإتباع بذلك أو يبقى رقا . 
الخامس : في المقدمات : 
يمتنع بالغرر والمجهول إلا أن يستخف فإن كان حقهما أو حق السيد نحو الكتابة إلى موت فلان بكذا ، أو إلى أجل معلوم بالشارد والآبق ، أو جنين في بطن أمه لفلان فيمتنع اتفاقا ، أو في حق المكاتب خاصة كالمكاتبة إلى معلوم على عبد فلان ، أو يأتيه بعبده الآبق ، أو : إن بلغت البقرات كذا إلى أجل كذا فقولان : الجواز  
لابن القاسم  ، والمنع  
لأشهب  ، وأما إن كان الآبق للعبد وبدأ إليه منه الآن فهو حر ، والآبق للسيد وجده أم لا ، لأنه أعتقه وانتزعه منه . 
السادس : قال  
البصري  في تعليقه : إذا 
كاتبه على ميتة ، أو موقوذة ودفع العبد ذلك رجع السيد عليه بالقيمة ، كما يقوله في الخمر والخنزير ، وقاله ( ش ) قياسا على الخمر والخنزير ، وكالخلع والنكاح ، وقال ( ح ) : لا يرجع في الميتة لأنها شرط لا عوض ، لعدم قبولها للعوض بخلاف الميتة والخنزير ، له ماله عند الذمة . 
السابع : قال : إذا 
وجد العوض معيبا وليس معه ماله رد عتقه ، وقاله   
[ ص: 258 ]   ( ش ) ، وقال ( ح ) : لا يرد . لنا : أن العوض لم يحصل فلا يعتق كما إذا كاتبه على عوض فلم يؤده . احتجوا : بأنا قد حكمنا بالعوض فلا يرد ، جوابه : حكمنا به ظاهرا لا باطنا فيرد كما لو حكمنا ثم ظهر كذب البينة . في الجواهر : إن كاتبه على أن يشتري منه شيئا بنصف الكتابة : لم يلزمه الشراء ، وإن كاتبه وباع شيئا على عوض واحد دفعة واحدة صح ولزم البيع ، والكتابة كالبيع والإجازة .