صفحة جزء
فرع

في الكتاب إذا تنازعتما في حلول نجم ، صدق المكاتب كمن أكرى كار سنة ، أو باع بدنانير إلى أجل بسنة فادعى حلولها صدق المكتري والمشتري ، وإن قال : خمسون في عشرة أنجم ، وقلت : في خمسة ، صدق ويصدق عند تكافؤ البينتين ; لأنه المطلوب ، وإلا قضى بأعدلهما قاله أشهب ، وقال غيره : يقضى ببينة السيد ; لأنها زادت ، لأنه لو قال : الكتابة ألف ، وقال المكاتب : تسعمائة صدق المكاتب ويقضى ببينة السيد ; لأنه زادت ، وإن قلت : مائة ، وقال : ثمانون . صدق إن أشبه قوله لأن الكتابة فوت ، كمن اشترى عبدا فكاتبه ثم اختلفا في الثمن صدق المشتري ، ثم رجع إلى أنهما يتحالفان ويترادان إن لم تفت السلعة بحوالة سوق فاعلا ، وإن بعث بكتابته فأنكرت قبضها ولم يقم المرسول بينة ، فالدافع ضامن ، كمن بعث بدين أو خلع . في النكت : الفرق بين اختلافهما في عدد النجوم ، واختلافهما في عدد [ ص: 299 ] الكتابة ، وتكافأت البينتان ; لأن بينة السيد زادت في اختلافهما في النجوم فشهدت له بنفع قلة النجوم ، ونفعت بينة العبد بالتأخير فيقابل النفع فلا مزية ، وبه يظهر الفرق بين ما له هاهنا وبين ما استشهد به الغير ، قال اللخمي : اختلافهما يقع في ستة مواضع : القدر ، والجنس ، والحلول ، والقطاعة هل كانت على أحد الوجوه السابقة أو أنه لا يكون حرا إلا بأداء ما قاطعه عليه ثم يعجل ، ويختلفان فيما قاطعه وعجل عتقه عليه ، وإن اختلف في القدر فقد تقدم ، وعلى أصل أشهب : يتكالفان ويتفاسخان ما لم يؤد نجما فيتحالفان ويرجع إلى كتابة المثل ما لم يزد على دعوى السيد أو ينقص عن دعوى العبد ، وهو أصله في البيع : أنهما يتحالفان مع فوات السلعة ، ويرد القيمة ما لم تزد أو تنقص ، وكل هذا إذا أتيا بما يشبه ، وإلا فالقول قول مدعي الأشبه من سيد أو عبد اختلفا هل نجم أو بعده فإن اختلفا في الجنس هل هو ثوب أو زيت فعلى أصل قول ابن القاسم : الكتابة فوت ويتحالفان ، وعليه كتابة مثله من العين فإن نكل أحدهما صدق الحالف فإن قال : دنانير ، وقلت : دراهم وهما في العدد سواء أخذ ما قاله العبد ، واشترى به ما قاله السيد ولم يتحالفا ، وإن اختلف قدرهما : فالجواب : ما تقدم ، وإن قلت : عينا ، وقال : عروضا صدقت ; لأنها غالب الكتابة ، إلا أن الأشبه في قدره ، ويصدق العبد في التنجيم ; لأنه سنة الكتابة ، إلا إن يأتي بالأشبه من كثرة النجوم نحو عشرين سنة ، ويصدق السيد في حلول القطاعة ; لأنه أصلها إن كانت القطاعة أقل من الكتابة ، وقال أصبغ : وإلا فالقول قول العبد : إنك قسمت الكتابة في قدرها إلى مثل ذلك الأجل أو دونه أو أكثر منه إذا أتى بما يشبه إن عجلت له العتق ، وإلا تحالفتما [ ص: 300 ] وتفاسختما ، وعادت الكتابة ، فإن اختلفتما في جنس ما قاطعه به تحالفتما وتفاسختما وعادت الكتابة إن لم يعجل له العتق ، وإلا صدق العبد لأنه مدعى عليه ، ووافقنا ( ح ) إذا اختلفا في مال الكتابة ، وقال ( ش ) : يتحالفان ويتفاسخان ويرجع رقيقا ، لنا : القياس على ما إذا أعتقه في الحال على مال فإنه يصدق مع يمينه اتفاقا ، ولأنه خرج من يد مولاه بالكتابة فلا يكون ، كما إذا كاتبه المشتري واختلفا في الثمن لم يتحالفا لخروجه عن اليد ، ولأنها عتق بشرط فلا يثبت فيه التحالف كما إذا قال : إن جاء رأس الشهر فأنت حر ، وادعى العبد أن الشرط دخول الدار ، وإذا سقط التحالف كان القول قول من عليه البدل كالمتبايعين إذا سقط بينهما التحالف فيحلف من عليه البدل . احتجوا : بأنها عقد يلحقه الفسخ فأشبه البيع ، ولأنه لو شهد شاهد أنه كاتبه على ألف ، وشهد آخر أنه كاتبه على مائة لم يحكم بالكتابة كما لا يحكم بالبيع ، فهي كالعقود يدخلها التحالف .

والجواب عن الأول : الفرق بأن الكتابة تثبت مع نوع من الجهالة ، ولا يفسدها الشرط الذي يفسد البيع ; لأنها موضع مسامحة وعتق فلا يفسخ بالتحالف كالبيع .

وعن الثاني : أن السيد يحلف مع شاهد الألف .

قاعدة : المدعي الذي عليه البينة : من قوله على خلاف أصل أو عادة ، والمدعى عليه الذي يصدق من واث أصلا كمدعي القلة والبراءة ، أو عادة كمدعي الأشبه ، ورد الوديعة وقد قبضها ببينة ، أو إنفاق ما لم يوافق العادة على اليتيم ، وعلى هذه القاعدة تتخرج فروع الدعاوي كلها ، وليس المدعي هو الطالب ، بل قد يكون المطلوب ، كالوصي والمودع .

التالي السابق


الخدمات العلمية