صفحة جزء
في التنبيهات : قوله يصدق في الاستبراء ظاهره بغير يمين وهو مذهب الموازية ، وفي طلاق السنة بيمين . وقال محمد بن مسلمة : إن اتهم حلف ، وإن نكل لحق به الولد ولا ترد اليمين . وروي عن مالك ، والمغيرة لا يرى نفيه بالاستبراء جملة وقال عبد الملك : لا تستبرأ بأقل من ثلاث حيض . والرجل يتزوج المرأة فيطلقها فيزعم أنه لم يمسها فالطلقة بائنة ، ولا ترجع إليه إلا بعقد جديد فإن ظهر بها حمل فادعاه لحق به وكانت له الرجعة بغير عقد ولا صداق قال التونسي : يصدق في الاستبراء بغير يمين ، قال : وانظر هل تحد الأمة مع إقرار السيد بالوطء فإنه استبراء . والحامل يمكن أن تحيض مع قوله في المطلقة تحيض ثلاث حيض ثم تلد : لا ينتفي الولد إلا باللعان ; لأن الحامل تحيض ، وعنه : لا يلحقه إذا حاضت حيضة مستقيمة ، قال : وهو ضعيف ، قال : فإن قيل : إذا تزوجت زوجا ثانيا بعد حيضة مستقيمة فالولد للثاني إن ولد لستة أشهر ، قيل : الثاني أقوى ; لأن الحيض على الحامل نادر ، وهو من الثاني غالبا فغلب ، وحمله على الولد عند عدم الثاني أولى من إلزامها الزنا ; لأن الشرع طلب الستر فجعل المغيرة الأمة الثانية في ملك الرجل لا ينتفع فيها بالاستبراء ، كما لا ينتفع في الحرة بعد الطلاق بالاستبراء إذا لم تتزوج غيره حتى يمضي ما لا يلحق فيه الولد وهو خمس سنين ، وإذا وطئها ثم استبرأها بحيضة ، ثم ظهر بها حمل قبل ثلاثة أشهر من حين حاضت ، أو تحرك لأقل من أربعة أشهر لزمه الولد ، وحمل على أن الاستبراء وقع مع الحمل ; لأنه لا يمكن أن يظهر الولد لأقل [ ص: 326 ] من ثلاثة أشهر أو يتحرك لأقل من أربعة أشهر ، وقوله : كنت أعتقت هذا العبد في صحتي ، قيل : إنه باطل ، وقيل : إنه من الثلث ، وقيل : إن حمله الثلث جاز وإلا بطل كله ; لأن حمل الثلث له ينفي تهمته إذ لو شاء عينه من الثلث وإن كان عليه دين ، وقال : ولدت مني لم يصدق ، كما لو قال : كنت أعتقت .

واختلف إذا باعها فقال : ولدت مني ولا ولد معها ، والأشبه أن لا يعتق ; لأنه لا يصدق في العبد فأولى في الأمة ; لأنه يستمتع بها ، قال ابن يونس : إنما سقطت عن السيد اليمين لأنه كدعواها عليه العتق والطلاق ، وكذلك الحدود لا يمين لمدعيها ، ووجه اليمين : أن الحرائر يلزم فيهن اللعان فإن نكل عن اليمين دخله الخلاف إذا شهد واحد بالعتق فنكل أنه يحبس أم لا ، فإنه يحبس هاهنا على ذلك القول حتى يحلف ، وإن أقر بالوطء مع العزل لحقه ما أتت به ، وإن قال : كنت أفخذ ولا أنزل فيها أو أطأ في الفرج ولا أنزل : لم يلحقه الولد ، قال محمد : وإن قال : كنت أطأ في الدبر أو بين الفخذين حمل عليه ، ولحقه ولا لعان له في الحرة ، والفرق بين ولدت مني ، وبين أعتقت في صحتي أن الولادة شأنها الإسرار ، والغالب في العتق الإشهار فلما لم يعلم إلا من قوله في المرض اتهم ولم يكن في الثلث ; لأنه لم يرد الوصية ، وإن كانت في الصحة وأقر بقبض الكتابة في المرض ، وورثه كلالة ، وحمله الثلث ، جاز في أحد قوليه ، والفرق بين ثبوت الكتابة في الصحة ، وإقراره بالكتابة كوصيته بوضع الكتابة ، قال اللخمي : لم يختلف المذهب في تصديقه إذا نفى الوطء كانت رائعة أو من [ ص: 327 ] الوخش ، قال محمد : لا يمين عليه لأنها دعوى عتق ، قال : وأرى اليمين في الرائعة ; لأن العادة تصدقها وللوطء تشترى ، والفرق : أن العتق نادر والوطء غالب ، ولو قيل : لا يصدق في العلي وإن طال المقام لكان وجها ، وإن علم من السيد ميله لذلك الجنس أحلف ، وإن اعترف لوطء وأنكر الولادة ولا ولد معها صدق مع يمينه إن ادعت عليه العلم ، وإن كان غائبا لم يحلف ، وقال عبد الملك : يقبل قولها مات السيد أم هو حي وإن باعها ، فإن شهدت امرأة بالولادة فخلاف أو امرأتان كانت أم ولد عند ابن القاسم ، ومنع سحنون إلا أن يكون معها ولد ، وإن شهد رجلان على إقراره بالوطء وامرأتان بالولادة كانت أم ولد وثبت نسب الولد ، قال محمد : يصدق قولها إذا صدقها جيرانها أو أحد حضرها ، وليس يحضر مثل هذا الثقات ، وإن شهد رجلان على الوطء ولا بينة على الولادة ولا ولد معها لم يقبل عند مالك قولها ، ويختلف إن كان معها ولد ، وإن شهد شاهد على الوطء وامرأتان على الولادة وليس معها ولد وحلف على تكذيب الشاهد فخلاف ، وإن شهد شاهدان على الوطء وامرأة على الولادة حلف على تكذيب شهادة المرأة إن لم يكن معها ولد شهد ، ويختلف إن كان معها ولد هل تصدق ويحلف ، أو يقبل قولها وإن شهد رجل على الوطء وامرأة على الولادة ومعها ولد حلف على تكذيب شاهد الوطء ، وإن لم يكن معها ولد ففي يمينه قولان ، واليمين أحسن ; لأنها أقامت لطخا فإن حلف على تكذيب إحدى الشهادتين لم يحلف للأخرى ، وإن اعترف بالوطء والولادة ولم [ ص: 328 ] يدع الاستبراء فلا يمين إن أتت به لأقل من مدة الحمل أو أكثرها ، إلا أن يختلفا في وقت الإصابة فيصدق مع يمينه ; لأن الأصل بقاء ملكه ، وإن اعترف بالوطء في الدبر أو بين الفخذين فقولان ، وقال محمد : إن كان الموضع يصل منه الماء إلى الفرج لحق به الولد ، وقيل : لا يلحق لأن الماء يفسد بملاقاة الهواء ، قال : والأحسن : اللحوق ; لأن فساده بالهواء مظنون فلا تبطل به الأنساب ، وإن أنزل بين شفري الفرج لحقه قولا واحدا ، وإن قال بعد البيع : ولدت مني : قال مالك : ترد إليه إلا أن يتهم عليها ، وقال أشهب : لا ترد إلا أن يكون معها ولد ، وعن مالك : يصدق في ولدها دونها ; لأن إقراره بالنسب يبعد التهمة فيه بكثرة أحكامه ، ويرد نصيبه من الثمن ، وبه قال ابن القاسم إلا أن يثبت إقراره بالمسيس قبل البيع فترد مع الولد ، وإن كان معدما أتبع بالثمن وبه قال ابن القاسم إلا أن يثبت إقراره بالمسيس قبل البيع فترد مع الولد وإن كان معدما أتبع بالثمن ، وعن ابن القاسم : ترد إليه إلا أن يتهم بالعشق أو بزيادة أو إصلاح حال ما في نفسها وهو موسر ، وإلا لم يقبل قوله لتقرر الولاء ، وعن عبد الملك : إن سمع إقراره بمسيسها قبل بيعها ردت إليه في ملائه وعدمه اتهم أم لا معها ولد أم لا ، عتقت أم لا ، كأم ولد بيعت ، قال : وأرى تصديقه تقدم إقراره بالوطء أم لا ; لأنها إن كانت من العلي فشأنهن الوطء ، أو من الوخش ، فإن ولدهن يكتم خشية المعرة إلا أن يعلم أن له هوى في تلك الأمة ، ويقبل الإقرار بالولد إذا ولد لستة أشهر من يوم ملك أمه ، أقر عند قيام الغرماء أو في مرضه أو ورثه كلالة أو باعه والورثة ولد ، واختلف إذا كان كلالة لم يقبله مالك ، وقبله غيره إذا لم يعلم له نسب لغيره ، قال سحنون : وعليه العمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية