صفحة جزء
السادسة : يمتنع بيع أم الولد ، وقاله الأئمة ، ولبعض الشافعية وداود وبشر المريسي : جواز البيع ، لنا : قوله عليه السلام : ( أيما رجل ولدت أمته فهي معتقة عليه عن دبر منه ) وبقوله في أم ولده إبراهيم : ( أعتقها ولدها ) والحر لا يباع ، [ ص: 375 ] وروى مالك : قال عمر - رضي الله عنه - : أيما وليدة ولدت من سيدها فإنه لا يبيعها ، ولا يهبها ، ولا يورثها ويستمتع بها ما عاش ، فإن مات فهي حرة ، وفي الصحاح حديث أبي سعيد الخدري : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق ، فأصبنا سبيا من سبي العرب ، فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة وأحببنا الفداء ، فأردنا أن نعزل . . . الحديث ، فقوله : أحببنا الفداء يدل على أن الحمل يمنع المعاوضة ، وانعقد الإجماع على منع بيعها حالة الحمل ، والأصل : بقاء الإجماع والمنع ، احتجوا بقوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) ونحوه ، وعن جابر : كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعهد أبي بكر ، وصدر من خلافه عمر ثم نهانا فانتهينا ، ولأنه لو أعتق ولد أمة في بطنها لم تصر حرة ولم يمتنع بيعها فكذلك أم الولد ، ولو زوج أمته من ابنه فإنها تعتق بحر ، ومع هذا لا يزول الملك عنها ولا يمتنع بيعها .

والجواب عن الأول : أن نصوصنا أخص من تلك الظواهر فتقدم .

وعن الثاني : تحمل على بيعهن إذا ولدن من الغير توفيقا بين الأدلة أو ذلك بغير علمه - عليه السلام - كما قال ابن عمر : كنا نخابر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى روى لنا رافع بن خديج نهيه - عليه السلام - عنها فانتهينا . وإذا حمل على الولادة من الأزواج يكون نهي عمر على الكراهة .

[ ص: 376 ] وعن الثالث : إذا أعتق حملها تكون علقت برقيق طرأ عليه العتق ، وهاهنا بحر أصالة فتسري إليها حريته .

وعن الرابع : أن الولد يخلق مملوكا ، والعتق على الابن لأنه أخوه .

فرع

في الكتاب : إن أعتقها المبتاع نقض البيع والعتق ، وعادت أم ولد فإن ماتت بيده قبل الرد ضمنها ، ويرد الثمن ، وإن ماتت بعد موت البائع أو قبله أو بقيت يتبع البائع بالثمن في ذمته مليا أو معدما ، قال ابن يونس : قال ابن القاسم : إن جهل موضع المبتاع فعلى البائع طلبه حتى يرد إليه الثمن ماتت أم الولد أو بقيت ، فإن أولدها المبتاع : قال مالك : لحقه الولد بغير قيمة فيه ; لأن البائع أباحه فرجها بخلاف لو بيعت عليه بغير طوعه له ، وقال عبد الملك : عليه قيمة الولد عبدا ، وقال ابن عبد الحكم : على أنه يعتق بموت البائع ، فإن زوجها المبتاع لعبده فولدت منه ردت مع ولدها ، ولولدها حكم ولد أم الولد ، وقال أصبغ : ذلك سواء أولدها المشتري أو زوجها ، لا قيمة للبائع في ولدها ; لأنه أباحها ، قال أصبغ : وإن باعها فشرط أنها حرة لم ترد ، وولاؤها لسيدها ، ويسوغ له الثمن لعلم المبتاع بأخذها لا على أن يعتقها فإن باعها على أن يعتقها المبتاع لا على أنها حرة من حينها ردت ما لم تفت بالعتق فيمضى ، والولاء للبائع ، ويسوغ له الثمن لعلم المبتاع ولو لم يعلم لرجع بالثمن ، قال اللخمي : ظاهر المذهب إذا نقص البيع لا شيء على البائع من نفقة المشتري عليه ولا له قيمة خدمتها لأن الخراج بالضمان ، وقال سحنون : يرجع عليه بالنفقة ، [ ص: 377 ] والآخر بالخدمة ; لأنها غير مضمونة ، ولو أخذها السيد ففاتت الإجارة لكانت للسيد ، واختلف في المستحق بحريته : قال ابن القاسم : لا شيء على المشتري من خراجه ، وخالفه المغيرة لأنه غير مضمون ، وإذا رد إليه تحفظ منه عليها لئلا يعود لبيعها ، ولا يمكن من السفر بها ، فإن لم يمكن التحفظ عتقت عليه كقول مالك في بائع امرأته .

التالي السابق


الخدمات العلمية