صفحة جزء
النظر الثاني ، في الواجب ، وفي الكتاب : وهو ثمانون جلدة ، وتتشطر بالرق ، ووافقنا ح ، وأحمد ، وقال ش : أربعون ; وللإمام أن يزيد عليه تعزيرا ، لنا : أن النبي عليه السلام ضرب في الخمر بالنعلين ، فلما كان في زمان عمر رضي الله عنه جعل مكان كل نعل سوطا . وفي الدارقطني : لما ولي عمر رضي الله عنه استشار الناس في حد الخمر ، فقال عبد الرحمن : اجعله أخف الحدود : ثمانين ، وقال علي في المشورة : إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ; فحدوه حد المفتري ، ولم ينكر أحد ; فكان إجماعا ، وروى ابن سعد عن ابن عباس : حد الخمر ثمانون ; ولأنه حد العبد فلا يكون حدا للحر ، كالخمسين ; ولأنها جناية على العقل ، مضيعة لمصالح الدارين ، فلا تقصر عن القذف الخاص [ ص: 205 ] بشخص واحد ; ولأن الزائد على الأربعين يجوز كالمائة فيكون حدا ، وإلا لم يجد كالزيادة على المائة في الزنا ، والثمانين في القذف . احتجوا بما في مسلم : أن عليا في زمان عثمان رضي الله عنهما جلد الوليد بن عقبة أربعين بأمر عثمان ، ثم قال : جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ، وأبو بكر أربعين ، وعمر ثمانين ، وكل سنة ; ولأنه حد لجريمة فتختص بعدد لا يشارك فيه ، كالزنا ، والقذف .

والجواب عن الأول : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضرب على وجه التحديد ; وإلا لما خالفته الصحابة رضي الله عنهم ، بل وكله للاجتهاد ، وما ذكرناه راجح في الاجتهاد لما تقدم .

وعن الثاني : بالقلب فنقول : فوجب أن لا يختص بأربعين كالزنا والقذف .

تفريع ، في الجواهر وكيفية الجلد : ضرب بين ضربين ; بسوط بين سوطين ، في زمان بين زمانين ، في الحر والبرد ، ويضرب قاعدا ، ولا يربط ، ولا يمد ، ويخلى له يداه ، ويضرب على الظهر والكتفين دون سائر الأعضاء ، وتضرب المرأة قاعدة ، وعليها ما يسترها ولا يقيها الضرب ، واستحسن أن تقعد في قفة ، والمستند تقدم بيانه في الحدود ، ويوالى بين الضرب ، ولا يفرق على الأيام حتى تحصل الحكمة بالنهاية إلا أن يخشى من تواليه هلاكه ، ولا يجلد حال سكره حتى يدرك الألم ، ولا المريض إن خيف عليه ، ويؤخر للبرد ، في النوادر - ورواه أشهب - : أن مدمن الخمر يحد ويلزم السجن إذا كان خليعا ، وقد فعله عامر بن الزبير بابن له ، قال مالك : إن أخذ في الأسواق أذى الناس يوصل به إلى المائتين ، ويعلن ذلك ، ويشهر بذلك حاله ، ويقام الحد في الحرم : ويختار للضرب الرجل العدل لا القوي ولا الضعيف ، ويضرب قدام القاضي احتياطا ، ويطاف بالفاسق المدمن ، ويعلن أمره ويفضح ، قال ابن القاسم : وضرب المرأة دون الرجال ، ويجلد السيد عبده ; إذا شهد عدلان عنده ، [ ص: 206 ] ويحضر لجلد رجلين [ . . . . ] أن يعتق ثم يقذف ، وقد تقدم [ . . . ] تقيم المرأة الحد على مماليكها ، وإن ادعت المرأة الحمل أخرت حتى يتبين أمرها ، والشارب في رمضان جلد وعزر للشهر ، قال مالك : قال محمد : وإن رأيت معلنا رفعته للإمام ، ويستر على صاحب الزلة ، قال مالك : إن رأيت جارك على ذلك تقدم إليه وانهه ; فإن لم ينته ارفعه للإمام ، وإن دعي الإمام لبيت فيه فسق أجاب إن كان تقدم إليهم في النهي وإلا فلا ، وإن كان مع الإمام رجلان فرأوا حدا لم يسعه الستر ; لأنه ثبت حينئذ عنده ، وإن كان واحدا فله ستره ما لم يكن معلنا فيرفعه لمن فوقه ; فإن أنهي إليه أن فلانا سكران ، أو على حد ولم تصح عنده أو بحضرته ، فلا يرسل خلفه إلا المعلن ، وإن بلغه أن في بيت فلان - وهو مشهور بالفسق - كشفه وتعاهده ، ذكر عنه أم لا ، وله نقله في مكانه ، وتشريده ، وغير المشهور ولا يكشفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية